المجلس المذهبي | مجلة الضحي
السبت ٢١ كانون الأول ٢٠٢٤ - 19 جمادي الثاني 1446
 خلق الله الإنسان في أحسن تقويم شكلاً وصحةً وقوةً وأعطاه، كما كل مخلوقاته الأخرى، كامل ما يحتاجه من مأكل طبيعي ليحافظ به على صحته وقوته ليعيش كامل عمره كما يليق بقيمته كأشرف المخلوقات وقال عز وجل: "كلوا من طيبات ما رزقناكم".

ان الله سبحانه وتعالى أعطى الإنسان الأشجار والأعشاب ليقتات بثمارها الطيبة دون تعد على مخلوق آخر وقتله وأكل جثته. والدليل ان جماجم العصر الحجري تظهر قوة العظام واحتفاظ الفكين بجميع الأسنان والأضراس نظيفة وقوية، بينما نرى الجماجم فيما بعد تحمل ضعفاً في قوة عظامها وخاوية من الأسنان والأضراس، نتيجة أكل جثث الحيوانات التي كان يتصارع معها الإنسان ويقتلها أو تقتله لأنه لم يكن قد تمكن بعد من اقتناء السلاح. وهكذا بدأ الإنسان يفقد قوته الخارقة ويفقد طول العمر اللذان كانا من البديهيات في العصور الأولى والتي لم يبق منها شيء في عصرنا بفضل عدم تمييز الإنسان بين الخير والشر، مما جعله في صراع متواصل للبقاء، مع نفسه للمحافظة على الصحة، ومع أخيه الإنسان في ما يسمى "الحياة للأقوى أوالبقاء للأقوى".

أعطانا الله ثمار الأرض ومنع عنا واحدة فقط، فعصيناه ورفضنا الوصية، أعطانا الأشجار والأعشاب التي لا تحتاج جهداً لتناولها، فعصيناه ورفضنا الوصية، واتجهنا لقتل المخلوقات الأخرى، لتضييع ما أعطانا إياه كأنه أخطأ (وحاشاه من ذلك) ولم يكمل صنع الطيبات التي أعطانا إياها.

وجاءت النتيجة تعباً ومرضاً وحروباً دائمة. ولو لم نخلق بأحسن تقويم، ولو لم تكن أجسادنا جبارة قادرة على إصلاح نفسها لما نفعله بأنفسنا لفنيت البشرية منذ قرون بعيدة، ولعادت الأرض للحيوان والنبات التي تمتاز عن البشر بالفهم الغريزي للكون وللطبيعة والانسجام مع قوانينها خلافاً للبشرية التي تزعم أنها سيدة المخلوقات والتي لم تبق على شيء من الطبيعة إلاّ ودمرته بما تسميه التقدم والعلم والثقافة والامتياز عن سائر المخلوقات.

إن أكل الجيف يجعلنا قنابل موقوتة لا يُعرف متى تنفجر كسرطان أو مرض قلب أو انفجار دماغ وغيرها من الأمراض العقلية والعصبي والسكري والضغط وغيرها. ونسأل هنا ما هو الأكل الطبيعي للإنسان وما هي الطريقة الفضلى لتناوله وهل الأكل وحده يصنع الصحة والعافية والنشاط أم أن هناك عوامل أخرى مساعدة وضرورية.

الأكل الطبيعي للإنسان:
خلق الله البشر والنبات والحيوان، فكلها تخلق وتنمو وتعيش ثم تموت. ومن المعلوم أن أفضل مخلوقات تعالى هو الإنسان، فهل يعقل أن يكون الباري قد أمن للنبات كل ما تحتاجه من غذاء، وأمن للحيوان كل ما يحتاجه من غذاء، وتوقف عند أفضل مخلوقاته، وطلب منها أن تحضر طعامها بنفسها بما في ذلك من جهد وتعب وإضاعة وقت؟ أليس من المنطق أن نقول أنه تعالى قد أمن للإنسان أيضاً، كما للحيوان والنبات، المأكل الكامل والجاهز والمفيد لبقائه في أحسن تقويم. نعم إنه سبحانه وتعالى قد رزق الإنسان أطيب المآكل وأفضلها، وأمره "كلوا من طيبات ما رزقناكم" أي الأكل الطيب الطعم الذي رزقه به والذي ينميه ويغذيه ويطيل عمره دون أن يصاب بأي مرض سوى مرض الشيخوخة وعدم القدرة على مواصلة البقاء إذ لم تعد تليق له لعدم قدرته على ممارستها.

فما هي هذه الطيبات التي لا تحتاج لجهد أو صراع أو سلاح أو نار أو تصنيع لتناولها؟ أليست هي الفاكهة والنبات والثمار الطيبة والحبوب الطازجة والتي لا تحتاج لأي تصنيع أو تدخل سوى تنظيفها من التراب أو الغبار.

إن هذه العناصر تؤمن للإنسان كل ما يحتاجه من غذاء لتجديد خلاياه التي تموت كل لحظة والأهم إنها لا تدخل إلى جسده أية سموم أو تراكمات تثقل على أعضاءه وتزيد في تكوين الشحوم التي تسمنه دون إفادة سوى زيادة الوزن التي تطيح بتركيب العظام وتؤذي العامود الفقري ونقاط ارتكاز الجسد كحدقتي الفخذين والركبتين والكاحلين.

وقد يقول البعض ان كثيرين يتناولون اللحوم ويطبخون ما قدمته لنا الطبيعة من ثمار وما زالوا على قيد الحياة.

إن هذه حقيقة إنما إذا واكبنا مسيرة هؤلاء القنابل الموقوتة فسنرى إنهم بحاجة دائمة لطبيب أو لعلاج أو لجراحة وإنهم حتماً ينتهون في المصحات الجسدية وبعضهم في المصحات العقلية نتيجة تراكم السموم الخارجية والداخلية، ولا حاجة لمن يريد أن يعيش عمراً كاملاً في عالم لا يعرف المرض أو الطبابة ان يحذو حذوهم مصدقاً أنه يمكنه أن يخالف قوانين الطبيعة وأن يتفادى عقابها. إن هذا مستحيل ولم ولن تغفر الطبيعة لمخالف لقوانينها.

أما المدمن والمقتنع بأن اللحم ضروري للجسد، والذي لم يعاني بعد من الحامض البولي Acid Urique ومن الديدان التي تفتك بالجهاز الهضمي والذي لم يسمع قول الإمام علي (عليه السلام) "لا تجعلوا بطونكم مقبرة للحيوانات" يؤسفنا القول أن تناول الإنتاج الحيواني سيؤذيه حتماً. إنما هناك شروطاً وحدوداً، فإن اتبعها قلل من احتمالات المرض والألم، وسنأتي عليها لاحقاً.

على الإنسان ان يعلم ان كل ما يوضع على النار يفقد معظم عناصره الغذائية وأملاحه المعدنية حتى لا يبقى أحياناً سوى طعم الأكل المصنع دون أي فائدة تذكر. لا بل أن أضراراً كثيرة تصيبنا نتيجة حرق وسلق وقلي وتصنيع ما خلقه الله جاهزاً لتناوله، إذ ان هذا التصنيع يغير التركيب الكلي ويقتل عناصر الطعام الغذائية ويستنزف الجسد ويأخذ منه بدلاً من أن يعطيه، أي انه يؤذيه بدلاً من أن يغذيه. إن تصنيع الطعام يفقده أنزيمات الهضم مما يضطر الجسد إلى ان يعطي من أنزيماته الداخلية بدلاً من تلك المحروقة والمسلوقة والمقلية والمؤكسدة من القص والتعريض للهواء والشمس، أي انه يأخذ منا ولا يعطينا.

نصل إلى بيان الأكل المؤذي والأكل المغذي:
ان المغذي هو الذي احتفظ بجميع عناصره الغذائية التي وضعتها فيه الطبيعة قبل أن نقتلها بعد أن نلعب به طبخاً وتصنيعاً وحرقاً وقلياً وسلقاً وقصاً وفرماً وعصراً.
وهو الأكل الذي خلقه الله، الطيب المذاق، الذي تعشقه العين، وتقبله حواسنا كلها والذي يمكننا الاكتفاء به وحده في حال عدم وجود غيره.
وعلى سبيل المثال نذكر انه لو لم نجد غير البندورة أو الخيار أو البطيخ أو الخس أكلاً، فإن بإمكاننا أن نأكل منها وحدها وان نشبع، ثم مقابل ذلك لو لم يبق لدينا سوى بصلاً أو ثوماً أو فلفل حار فهل كان بإمكاننا ان نأكل منها ونشبع؟ نترك الجواب لعقلكم وهذا ما يميز ما هو لك وما هو ليس لك كطعام.
وهناك مثلً يقول: لو أعطينا طفلاً تفاحة وأرنباً، فهل يأكل الأرنب ويلعب بالتفاحة أم يفعل العكس، هكذا يتصرف الإنسان بالغريزة قبل ان تعلمه أمه وجدته ومعلمته كيف يأكل كل ما يضره وما يجلب له الأمراض.
إن الأكل الطبيعي للإنسان هو كل ما خلقه الله من طيبات دون ان نتدخل نحن الجاهلين بتصنيعها لجعلها كما يزعمون مقبولة للأكل دون إدراك مدى ضررها وسوء هضمها بعد أن حولتها النار كيماوياً من غذاء طبيعي إلى مواد أخرى مؤذية للجسد.
ننتقل إلى الكلام عن البرامج الغذائية التي تؤمن حياة تبعدك عن الأمراض والى تلك المقبولة من الأجساد دون ان تنزل بها الأمراض إما فوراً أو بانتظار تراكمها لمدة تقصر او تطول حسب تركيب البنية الكلي.
على من يريد مواصلة تناول الحيوانات ومشتقاتها ان يعلم أن كل الإنتاج الحيواني هو بروتين حيواني يحوي على الحامض البولي الذي يأكل العظام وينتج عنه مرض الكلى والنقرس وتآكل العظام وألم المفاصل والتهابها وآلام الرأس وارتفاع نسبة الكولسيترول والضغط وذلك مهما كان دقيقاً في تناولها ومهما سعى لتناولها بطرق صحية أقل ضرراً مما تعوّد عليه سابقاً، عدا عن الديدان التي لا يسببها سوى تناول كل ما له صلة بالحيوان.

كيفية تناول الأكل الحيواني بأقل ضرر ممكن ونعني هنا كل ما هو حيواني أو مشتق منه كالبيض والحليب والجبنة والطير والسمك وغيره.

لما كان هذا الأكل مؤلف بمعظمه من مواد بروتينية فإنه يحتاج إلى أسيد إضافي في المعدة للمساعدة على هضمه، وبالتالي لا يمكن خلطه مع أي طعام لا يتوافق هذا الأسيد مع عملية هضمه كالنشويات والسكر. فلا يمكن تناول أي إنتاج حيواني مع الطحين والنشويات الأخرى. وهذا ما تعود عليه الجميع مثل تناول اللحم مع البطاطا أو الرز أو الخبز. إن الشيء الوحيد الذي يسمح بهضم الإنتاج الحيواني إذا اختلط معه هو الخضار النيئة كالخيار والملفوف والخس والبندورة وغيرها. كذلك لا يمكن للجسد ان يهضم نوعين مختلفين من البروتين الحيواني. ويجب الانتظار 7 ساعات بعد الوجبة هذه لتناول أي طعام آخر خصوصاً الحلويات وغيرها.

أما الطريقة الفضلى لتناول الأكل فهي:

يقسم اليوم إلى ثلاث مراحل:

المرحلة الأولى: من الساعة الرابعة صباحاً وحتى الثانية عشرة ظهراً.
وهي مرحلة التخلص من السموم، يفضل خلالها عدم تناول أي طعام أو شراب سوى الماء المقطر، وعند الاستحالة يمكن تناول قليلاً من الفاكهة من نوع واحد أو من عدة كما هو مبين أدناه.

المرحلة الثانية: من الساعة الثانية عشرة ظهراً وحتى الثامنة مساءً.
وهي مرحلة تناول الطعام والهضم، لذا سميت الغذاء، وتخضع طريقة تناول الطعام إلى القواعد التالية التي يؤدي عدم احترامها إلى سوء الهضم وتسمم الجهاز الهضمي.
  1. يسمح الجمع بين الخضار والنشويات، كما يسمح الجمع بين الخضار والبروتينات.
  2. لا يجوز إطلاقاً الجمع بين النشويات والبروتينات.
  3. لا يجوز إطلاقاً الجمع بين الفاكهة وأي طعام آخر، ويخضع موعد تناول الفاكهة إلى القواعد المبينة أدناه.
  4. لا يجوز تناول أي شراب أو فواكه مع الطعام، يجوز شرب الماء المقطر قبل الأكل بنصف ساعة أو بعده بأربع ساعات.

المرحلة الثالثة: من الساعة الثامنة مساءً وحتى الرابعة صباحاً.

وهي مرحلة إنهاء الهضم وامتصاص الغذاء في حال احترام القواعد الطبيعية وقد تنقلب إلى مرحلة امتصاص السموم في حال عدم احترام القواعد.
  1. يفضل عدم تناول أي طعام خلالها وعند الاستحالة الاكتفاء بنوع واحد من الفاكهة الناضجة، وذلك ساعتين قبل النوم على الأقل.
  2. يجب النوم باكراً وعند الاستحالة يجب النوم قبل منتصف الليل.

البروتينات:
البروتينات تتألف من اللحوم جميعاً ومن الإنتاج الحيواني بما فيه البيض والحليب وجميع مشتقاته والمكسرات كالفستق الحلبي والصنوبر، والجوز، اللوز، السمسم والحبوب اليابسة كالعدس والحمص والفو

النشويات:
تتألف من الأرز، البطاطا، الطحين والمعجنات، الكستناء، الشمندر، الذرة والأرضي شكوكي والقرع والجزر.

الحبوب اليابسة:
هي مزيج من النشويات والبروتينات ولذلك تسبب النفخة أي التخمر وسوء الهضم لكل من يتناولها، وبقدر ما هي نافعة عندما تكون خضراء وطازجة أو منبتة بقدر ما تصبح مضرة عند يباسهاولا يجوز تناولها إلا بعد تنبيتها.

أوقات تناول الفاكهة وطريقة خلطها:
يمكن تناول الفاكهة بعد سبع ساعات من وجبة البروتينات أو بروتينات مخلوطة مع الخضار أو بعد أربع ساعات من وجبة نشويات أو نشويات مخلوطة مع الخضار.

تصنيف الفاكهة:
  1. بطيخ وشمام وعائلتيهما.
  2. فاكهة حلوة: تمر، موز، خرما، عنب حلو، فاكهة مجففة بالشمس.
  3. فاكهة حامضة: جميع أنواع الليمون، الأناناس، الفريز، الكرز، رمان، أكدنيا وكيوي، ولا يجوز تناولها مع الفاكهة الحلوة.
  4. الفاكهة نصف الحامضة: هي كل ما تبقى من فاكه، ويجوز تناولها مع الفاكهة الحلوة أو مع الحامضة.

السلطة: تحضيرها وطريقة خلطها:

السلطة بالأساس مجموعة خضار متجانسة. السلطة مع الحامض والملح والبندورة تؤكل وحدها أو مع الخضار المبخرة أو مع البروتينات. السلطة دون حامض وبندورة يجوز أكلها مع النشويات.
لا يجوز استعمال الثوم والبصل والخل والبهارات أو الحر في السلطة أو غيرها.
لا يجوز تقطيع الخضار إلى قطع صغيرة، كما لا يجوز تقطيعها قبل الجلوس إلى المائدة.

مبادئ أساسية عامة:

لا يجوز تناول الطعام في حالة التعب النفسي أو الجسدي.
لا يجوز تناول الطعام إلاّ عند الجلوس إلى طاولة الطعام في جو بعيد عن المشاغل والعمل وفي رفقة أصدقاء وأحباء وفي جو يسوده المرح.
السكر والملح سموم بيضاء. القهوة، الدخان، المشروبات الروحية والغازية جميعها سموم.
الخل مضر جداً بجميع أنواعه وكذلك الأكل المعلّب والمصنّع، لما يحويه من مواد كيماوية، منها للمحافظة ومنها للتلوين ومنها للنكهة. زيت الزيتون هو الأفضل وليس الزيت المصنع والمستورد.
الحامض والبندورة فاكهة حامضة لا يجوز تناولها مع النشويات.
لا يجوز إعطاء النشويات لمن هم دون السنتين من العمر وقبل اكتمال الأسنان والأضراس.
اللحوم والإنتاج الحيواني والحليب ومشتقاته مضرة جميعها وقد قيل: "لا تجعلوا بطونكم مقبرة للحيوانات".
الثوم والبصل والحر والبهارات مضرة جداً وليس بطعام ولا يجوز تناولها كطعام.
طهي الأكل أو القلي أو السلق يقتل الأنزيمات والفيتامينات، ولا يجوز تغيير شكل وتكوين ما أوجدته الطبيعة التي تدرك طبعاً أكثر من البشر ما هو جيد وكيف يجب أن يؤكل.
لا تأكل قبل ان تكون المعدة قد فرغت تماماً من الأكل، وقد قيل قديماً: "لا تدخلوا طعاماً على طعام".
وبعد أن تعرفنا على الأكل الطبيعي للإنسان وعلى الطريقة الصحيحة لتناوله والتي تجعلنا نهضمه بكامله ونتغذى منه، نسأل هل الأكل هو وحده العنصر الكامل الكافي لإضفاء الصحة والنشاط، أم ان هناك عناصر أخرى ضرورية لذلك.

لا شك ان ما يدخل إلى الجسد هو الأهم إنما هناك حاجات جسدية أخرى على الإنسان ان يلبيها لتساعده على حسن هضم طعامه وعلى استعمال ما تناوله. ثم هناك عناصر ضرورية أخرى سنأتي على تفصيلها مع فوائدها للإنسان.

من أولى حاجات الجسد الضرورية جداً هي الراحة والنوم. النوم حاجة جسدية ضرورية لتجديد الخلايا التي تموت يومياً ولشحن الخلايا بالطاقة التي صرفتها خلال النهار. والنوم هذا المجدد للنشاط يكون بين الساعة التاسعة مساءً والثانية صباحاً. أما النوم في غير هذه الساعات فقد يكون راحة للجسد وليس نوماً صحياً. وقد قيل قديماً "نام بكير وقوم بكير وشوف الصحة كيف بتصير". إن النوم في ساعات متأخرة وكلما اقتربت ساعات النوم من نصف الليل لا يكون نوماً صحياً، ولا يمكن أن يساعد على إعادة النشاط إلى الجسد، ولن يساعد في تجديد الخلايا وشحن الطاقة. أما الراحة فهي ضرورية جداً خصوصاً لمن يتناول طعام الغداء في منتصف النهار لأن هذه الوقعة تكون عادة ثقيلة على الجهاز الهضمي الذي سيحتاج لكل طاقة الجسد لهضمها. لذلك فالراحة المسماة "قيلولة" تساعد على حصر الطاقة في هذا الجهاز.

يتناول الناس عادة ثلاث وقعات:

1- الترويقة: بما أن النوم يعيد النشاط إلى الجسد فمن المنطق أن يستفيق الإنسان بكامل نشاطه ليوم جديد. وهنا نسأل لماذا على الإنسان أن يأكل عندما يكون بكامل نشاطه، علماً ان تناول الطعام يجبر الجسد على حصر نشاطه في الجهاز الهضمي بدلاً من توجيهه إلى العضلات والى الدماغ. وقد سُميت ترويقة لأن تناولها يقلل من النشاط ويجعل الإنسان النشيط يهدأ ويروق.
أما التسمية الحقيقية لها فترد في اللغات الإنكليزية والفرنسية Dejeuner, Breakfast أي كسر صيام. فلماذا نكسر صيام بدون الحاجة له، علماًُ أن الصيام ينظف الجسد ويعطي راحة للجهاز الهضمي وقد قيل "صوموا تصحوا". لذلك نقول ان عدم تناول الترويقة يحافظ على النشاط الصباحي ويريح الجهاز الهضمي. اما من اعتاد على الترويقة فعليه تناول الفاكهة فقط لأنها سريعة الهضم ولا تضعف الجسد ولا قدرته على القيام بأعماله وتؤمن السكر اللازم للدماغ وللجسد.
2- الغداء: وهو اسم الوقعة التي يتناولها البعض في منتصف النهار وهو اسم معبّر غذاء، فهي الوقعة التي نتناولها عندما يكون الجسد قد أصبح جاهزاً لتناول الطعام، ولهضمه. لذلك يجب ان يشكل الوقعة الأساسية شرط الاستراحة بعده لمدة وجيزة، أولاً لأنه يأخذ قسماً كبيراً من النشاط، وثانياً لأن الراحة أو القيلولة تحصر الدم في الجهاز الهضمي حيث يجب ان يكون بعد الوقعة الكبيرة هذه.
ولذلك يقولون: "الغداء لك ولصديقك". ونذكر هنا بأن الطريقة الصحية للغذاء هي:
  1. أن نتناوله دون التخمة مع خلط الأشكال خلطاً صحياً.
  2. يجب الامتناع عن الشرب مع الأكل أو بعده ولغاية 4 ساعات.
  3. عدم تناول أية فاكهة أو مواد سكرية مع الطعام أو بعده بما يسمى تحلاية التي لا يجوز تناولها إلا بعد 4 أو 7 ساعات.
ان هذه التحلاية والخلط الخاطئ للطعام والتوقيت الخاطئ هي أسباب الحرقة والتجشؤ والنفخة والاكتام وجميع أمراض الجهاز الهضمي الأخرى.

3- العشاء: يجب ان نتذكر انها الوقعة ما قبل النوم، وحتى يكون النوم مريحاً وصحياً يجب تناولها 3 ساعات قبل الذهاب إلى الفراش. ومن الأفضل أن تتكون من طعام خفيف مثل السلطة أو الفاكهة. ان الاستفادة من النوم يتوقف على نوع الأكل الذي نتناوله قبله، فإذا كان الطعام ثقيلاً ومطبوخاً فسيظل الدماغ مستفيقاً طيلة الليل وينتج عنه القلق وسوء الهضم وعدم إعادة شحن الجسد بالطاقة، ما يسب ضعفاً للجسد ويقلل من النشاط المفروض ان نشعره في الصباح لذلك قيل: "العشاء لك ولعدوك".

وننهي موضوع الأكل بالقول: لا تأكل إلا عند الجوع (والجوع ليس صوت غازات المعدة)، وإذا أكلت لا تشبع بل اترك في معدتك مجالاً للأنزيمات التي تفرزها المعدة لهضم الطعام.

ولا تأكل قبل أن تفرغ معدتك من الطعام "لا تدخل طعاماً على طعام"، وهذا يعني أيضاً عدم تناول أشكال مختلفة من الطعام في الوقعة الواحدة حتى ولو كانت تتآلف مع بعضها كيماوياً. ونذكر بأن البطن حقيبة الإنسان فإذا خفف حشوها خف حمله، ويقول تعالى: "كلوا ولا تسرفوا" إياكم والتخمة.

وأهم ما يجب الانتباه له هو خلط الأكل والتوقيت، كما سبق شرحها. ولا ننسى ان الإنسان يعيش على نهر من الدم يسير في جميع أقنية الجسد ليغذي جميع خلايا وجميع الأعضاء بدءاً من الأظافر، انتهاءً بأدق خلايا الدماغ. ولما كان هذا الدم يتألف من الطعام الذي نتناوله، نفهم لماذا علينا الاهتمام بما يدخل إلى جوفنا. فالطعام هو سر التجدد والنشاط الفكري والجسدي وهو سر الصحة الدائمة وطول العمر.

يبقى أن نذكر العناصر الأخرى الضرورية والمساعدة للوقاية من المرض وللعيش في عالم أعلى مستوى من الصحة والنشاط وهي:

للحفاظ على أعلى مستوى من الصحة:
  • ممارسة الرياضة يومياً ولنصف ساعة على الأقل.
  • تعريض الجسد (ويكفي اليدين والرجلين حتى الركبتين مع حماية الرأس) يومياً لأشعة الشمس لمدة ربع ساعة على الأقل.
  • أخذ حمام يومي مع تنظيف البشرة بفركها بالليف والصابون البلدي.
  • تهوئة البيوت وغرف النوم لإدخال الهواء النقي والأوكسجين بصورة دائمة.
  • عدم شرب أية سوائل سوى الماء المقطر وعند الشعور بالعطش فقط.
  • عدم تناول أي طعام إلا عند الشعور بالجوع الحقيقي وليس مسايرة أو عند مواعيد محددة. ونكرر بأن الجوع ليس أصواتاً تصدرها المعدة بسبب الغازات.
  • عند الشعور بأي انزعاج صحي علينا التأكد من ان الخروج طبيعي، (كتام المعدة سبب لكل العلل) وان نتوقف عن الطعام وأن نشرب الماء المقطر فقط وعند العطش، نخلد إلى الفراش وخصوصاً عند ارتفاع الحرارة.
  • النوم الهادئ الباكر وقبل منتصف الليل على الأقل في غرفة يدخل إليها الهواء الخارجي، علماً أن دورة إعادة النشاط تبدأ في التاسعة ليلاً وحتى الثانية صباحاً.
  • أخذ فرص دورية من الروتين المتبع إن في المنزل أو في العمل.
  • عدم تناول أي دواء ولأي سبب لأنه سم يوقف المرض ولا يشفي وبالتالي يضيف سموماً إلى الجسد المريض بسبب سموم الطعام غير الطبيعي وسموم عمليات الأيض.
  • عدم تناول أي طعام أو شراب غير طازج وذلك المزعوم طعاماً المعلَّب وخصوصاً المخزَّن في مواد بلاستيكية أو ألمنيوم.
  • عدم تناول أي إنتاج حيواني أكثر من مرتين في الأسبوع.
  • الاهتمام بصحة الإنسان ونظافة الفم لأن مرض اللثة والأسنان يسبب أمراضاً وآلاماً في أعضاء الجسد الأخرى وقد قيل: "السن حفار القبور".
  • إتباع القواعد المذكورة سابقاً فيما يخص الطعام والشراب، أي خلط الطعام وأوقات تناوله.
  • إيجاد علاقات صداقة وتعاون مع الجميع وخصوصاً من هم على صلة دائمة معنا.
  • الاهتمام بالحياة الجنسية وممارستها بحشمة وأصول.
  • الاكتفاء المالي والاجتماعي.
  • كن طبيب نفسك.
  معارف توحيدية