المجلس المذهبي | مجلة الضحي
السبت ٢١ كانون الأول ٢٠٢٤ - 19 جمادي الثاني 1446
  معارف توحيدية  
  نصت المادة العاشرة من قانون الأحوال الشخصية لطائفة الموحدين الدروز: "ممنوع تعدد الزوجات فلا يجوز للرجل أن يجمع بين زوجتين وإن فعل فزواجه من الثانية باطل".
 
قال الإمام الغزالي في كتاب آداب النكاح في إحياء علوم الدين ما معناه: ان الصالحين يقصدون الزوجة الصالحة المعينة على الطاعة (وهذا ما عدّه رسول الله [صلعم] فضيلة) ولكنه يقول ان ذلك يتحصل بالزوجة الواحدة ولا يدعو إلى امرأتين، بل الجمع ربما ينغص المعيشة ويضطرب به أمور المنزل.
 
وقد دعا الخليفة الفاطمي المعز لدين الله (ع) إلى الاكتفاء بالزوجة الواحدة قائلاً: إلزموا الواحدة التي تكون لكم، ولا تشرهوا إلى التكثير منهن والرغبة فيهن، فينغص عيشكم وتعود المضرة عليكم، وتنهكوا أبدانكم ويضعف تمايزكم، فحسب الرجل الواحد الواحدة.
 
وقد عمل أهل التوحيد بهذه الوصية حتى صارت تشريعاً ثابتاً يلتزمونه في فقههم الإسلامي المذهبي وقد استندوا في ذلك إلى الآية القرآنية الكريمة: )فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً[ [النساء 3]، ووقفوا عند قوله تعالى: ) وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ[. [النساء 129]. وقال بعضهم انَّ "لن" تفيد النفي مع التأكيد وهذا يعني عدم إمكانية العدل مع التعدد.
 
ولكن هل هذا يعني ان الآية ناسخة لآية التعدد، وهل يمكن الربط بين الآيتين وان خفتم ألا تعدلوا فواحدة؛ ولن تستطيعوا ان تعدلوا بين النساء ولو حرصتم. فقد وردت أحاديث عن النبي(صلعم) المفسّرة للقرآن بسنته ان عدم الاستطاعة متعلقة بالميل العاطفي ولا تستحيل الاستطاعة في موضوع النفقة تدل ان بالإمكان العدل فيها ولا تعد آية عدم الاستطاعة ناسخة لآية إباحة التعدد.
 
ونقول: ان كلام الخليفة الفاطمي المعز لدين الله (ع) حول اعتماد الزوجة الواحدة يتخطى مسألة الفقر والغنى وإمكانية العدل في النفقة، ليلقي الضوء على مسألة أخرى، تتعلق بالسعادة الحقيقية التي يُرجى إحرازها بالزواج، وبالاستقرار النفسي الذي يُطْمَح إليه ويصدمه التعدد بمجانبة قاعدة الاعتدال والعفة في الحلال، التي تصون سلامة النفس وعافية الجسد ولو تيسّر المال وعدل النفقة.
 
والموحدون يستدلون على حكم الزوجة الواحدة من الآية الأولى "وان خفتم ألا تعدلوا" من دون اللجوء إلى آية أخرى لا يعتبرها معظم المسلمين ناسخة لها استناداً إلى ما ورد عن الرسول(صلعم).
 
حرر في: 3 محرم 1430 هـ. الموافق 31/12/2008 م.
 
صدر عن مكتب مشيخة عقل
 
طائفة الموحدين الدروز