المجلس المذهبي | مجلة الضحي
الجمعة ٢٦ نيسان ٢٠٢٤ - 17 شوال 1445
  معارف توحيدية  
  اعتبر الموحدون قوله تعالى الطلاق مرتان إجراءً تدريبياً لمجتمع بكرٍ يجري إعداده، حتى يصل إلى ممارسة الحرية بمستوى كاملٍ من المسؤولية، ويمكن الوصول إلى طلاق بائن ونهائي بمواكبة الآيات التفصيلية الواردة في سورة النساء، فقال تعالى: )الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ۚ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا[ [النساء 34].
 
قال تعالى في كتابه الكريم: )وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ[. فبدأ بالوعظ وهو أسلوب الرفق واللين، فان لم ينجح الوعظ )وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ[ وهو إنذار واضح بالابتعاد فان لم يُفد الهجر فينتقل إلى الأسلوب الأقسى، وهو خشن غير مطلوب الاّ عند استنفاذ أساليب الوعظ والزَّجر والهجر )وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا[. وهذا نهاية ما يمكن عمله داخل الأسرة بتدبير الزوج إذا نشزت المرأة.
 
وان لم ينجح التدبير المنزلي الأسري في معالجة الخلاف، فيخرج الامر من دائرة الأسرة إلى تدخل الحكمين من اهله ومن اهلها، للوصول إلى حلٍّ ثابتٍ لا يترك مجالاً للتلاعب بقدسية الزواج، ولا بهيبة التشريع، ولا بكرامة الإنسان.)وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا[ [النساء 35].
 
وقد ورد في تفسير ابن كثير عن قول الفقهاء: انَّ طول الخصومة بين الزوجين، وتفاقم الأمر يقتضي ان يبعث الحاكمُ ثقة من أهله وثقة من أهلها ليجتمعا وينظرا في أمرهما، ويفعلا ما فيه المصلحة مما يريانه من التفريق أو التوفيق.
 
وبالطبع فان سعيَ الحكمين الحميد – وبإشراف الحاكم الشرعي – سيكون حثيثاً وجدِّياً ومخلصاً للتوفيق وإعادة الحياة الزوجية إلى نصابها.
 
وقوله تعالى: إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا أي الحكمان يوفق الله بينهما أي بين الزوجين، بالعودة إلى الألفة وحسن العشرة.
 
وإذا كنا نعلم ان المفترض ان تكون إرادة الحكمين هي الإصلاح، فاشتراط الإرادة تحته إشارة دقيقة في انَّ عدم قدرة الحكمين على التوفيق بين الزوجين لا تُنافي إرادتهما في الإصلاح، بل تؤكد انه لو كان هناك بقية للإصلاح مع سعي الحكمين لوفَّق الله بين الزوجين، وإلاّ ما معنى الجزم الإلهي ان يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما.ولكن بقاء أسباب الخلاف الذي بدأ بنشوز الزوجة، إلى ان وصل إلى تدخل الحكمين، ومصير القضية في عهدتهما مع الأخذ برأي الزوجين وفي ظل رعاية الحاكم الشرعي، استنتج منه علماءُ التوحيد الطلاق الدائن النهائي لدى المرجع الشرعي المخوَّل والقيم على شؤون الموحدين.
 
هذا بعد مراعاة كل مراحل التدرج في معالجة الخلاف الزوجي حتى وصل إلى حكم عدم القدرة على التوفيق مع إرادة الإصلاح ومع إعطاء المهلة الكافية لأخذ القرار الحاسم.
 
فإذا اخذ القرار الحاسم فلم يَِعُد في الرجوع خيرٌ يحمي الحياة الزوجية، والإعادة من قبل الرجل ولأي سبب اتفق يجعل قضايا الحياة عبثاً ولعباً، ولا يبني أسرة سليمة تكون نواةً لمجتمعٍ فاضلٍ.
 
وقد تضمن قانون الأحوال الشخصية للطائفة الدرزية في المواد (47 – 48 – 49) ما يلي:
 
المادة 47: إذا وقع نزاع أو شقاق بين الزوجين وراجع أحدهما القاضي يعين القاضي حكماً من أهل الزوج وحكماً من أهل الزوجة وان لم يكن بين أهلهما من توفرت فيه أوصاف الحكم اختار القاضي حكماً من غير أهلهما.
 
المادة 48: على الحكمين أن يتعرفا أسباب الشقاق بين الزوجين وأن يجتهدا في إصلاح ذات البين وإذا لم يمكن التوفيق بينهما وكان القصور والإصرار من جهة الزوج يفرق القاضي بينهما ويحكم للزوجة بكامل المهر المؤجل أو ببعضه وإذا كان من جهة الزوجة يحكم القاضي بإسقاط المهر المؤجل كلاً أو بعضاً وللقاضي أن يحكم في كلا الحالين على غير المحق من الزوجين مما يستحق الآخر من عطل وضرر.
 
المادة 49: إذا ظهر للقاضي أن الطلاق لا يبرره سبب شرعي يحكم للزوجة بالعطل والضرر علاوة على مؤجل المهر على أن يؤخذ بعين الاعتبار الضرر المعنوي والمادي.
 
أما بالنسبة للمادة 42 من ذات القانون فيقتضي بحثها بشكل خاص.
 
صدر عن مكتب مشيخة عقل
 
طائفة الموحدين الدروز