المجلس المذهبي | مجلة الضحي
الخميس ٢١ تشرين الثاني ٢٠٢٤ - 19 جمادي الأول 1446
  معارف توحيدية  
جَمَعَ في الحِكمَة أربعمايَة كلمَة واختَار منْهَا أربَع كلمَات* إثنتَان منهَا مِمَّا يُذكَر وَلاَ يُنْسَى* وهُمَا الله تَعَالَى والموْت* وإثنتَان مِنها يُنْسَى وَلاَ يُذْكر وهُمَا إحسَانَك إلَى النَاس وَإسَاءَة الناس إليْك* وَمِنْ حكمتِهِ أنَّ مولاهُ دَعَاهُ يَوْمَاَ وَأراد أن يجربَهُ* فَقَالَ لَهُ اذبح لي شَاة وَأتِْني بَاطيَب مضغتَيْن منهَا* فذبح شاة وأتَاهُ بالقَلْبِ واللِسَان* ثم قَالَ لَهُ اذبح ليِ شَاةٌ أُخْرَى وَأتِْني باخبَث مضغَتَيْن منْهَا* فَذَبح شاة أخرَى واتاهُ بالقَلْب وَاللسَان* فَسَأَلَهُ عَنْ ذلَك* فَقَال انَّهُمَا أطْيَب شيءٌ اذَا طابَا* وأخبَثَ شيءٍ ذا خَبُثَا* فَأعتَقَهُ وَأعْطَاه مَالاً كثيرًا. فَبَارَك الله للُقمَان في ذَلِكَ المَال وَكَثَّرَهُ وَبَسَط لُقْمَان يَدَهُ في الخَيْر. يُصَدِّق وَيُسلِّف من استَلَفَهُ. وَلاَ يَأخُذ عَلَى ذلِكَ رَهْنَاً ولا كفيْلاً.

قِيلَ لهُ: فَمَا الذِي بَلَغ بِكَ إلىَ هَذِه المَنْزِلَة* قَالَ صِدْق الحَدِيْث* وأَدَاء الأمَانَة* والصَمْت عَمَّا لا يُعنيِني* وَاعْلَم أنَّ لُقْمَان* عليْه السَّلام مَا أُوْتي الحكمة بجاه وَلاَ بِمَال* وَلاَ بِنَسَب ولاَ بآل* ولاَ ببسَطة فِي الجسْم* وَلا بحذق في الفَهْم* ولكنَّه كَان قويًا في أمر الله* متورِْعًا في ديْنِهِ* سَاكِنًا سكِْتًا* عميْق النظر* طويْل التفَكُّر* حَدِيْد البَصَر* لَم يَنِم نهارًا قط* ولا نام في محفَل قوم قط* وَلا تَفل في مجلِس قط* وَلاَ رآهُ احدٌ عندَ بُولٍ ولا غايط* وَلا اغتِسَال لشدَّة تحفُظِهِ وتَسَتُّرِهِ* وَلاَ رُءِيَ ضَاحكًا وَلاَ مَازِحًا* وَلاَ غضَبانًا* ولا فَرِحًا بشيء أُوْتِيتَهُ منَ الدنيَا* وَلا حَزِنًا عَلى شيء فاتَهُ منهَا* وَلاَ يَمُر بمتَخَاصِمَيْن إلا أَصْلَح بيْنَهُمَا* وَكان كثيْر التَرَدُّد إلىَ مَجَالِس الُعلَمَاء* وَكَان لمْ يَسْمَعَ كلامًا واستَحْسَنَهُ إِلاَّ سَأَل عَنْ تفسيْرِهِ* وَكَان لا يتكَلَّم إلا فيمَا يَعْنِيْه* فبِهَذَا أوتي الحكمَة* وَمُنِح العصَمة* وَكَان نقش خاتِمهِ السَّتر لَما عَايَنَت* اَحْسَنْ مِنْ إذاعَة مَا ظَنَنْت*