المجلس المذهبي | مجلة الضحي
الثلثاء ١٩ آذار ٢٠٢٤ - 10 رمضان 1445
 قال أفلاطون الحكيم بأن النفسَ جوهرٌ روحانيٌ خالدٌ، فهي تقبلُ العلمَ كما تقبلُ الجهل. فهي تنهلُ العلمَ بواسطةِ العقلِ المكتسبِ، تلك الطاقةُ الواعيةُ والمتحركةُ باستمرارٍ حولَ نواتِها العقلُ الفطريُّ، الذي نقشت على مرآةِ جوهرِه كلُّ الحقائقِ البديهيةِ التي بواسطتها نفسّرُ الأشياءَ وهي غيرُ قابلةٍ للتفسير.

قال سقراط الحكيم: "من لم يصبِر على تعلّمِ العلمِ وتعبِه، صبر على شقاءِ الجهلِ وجموده". وعلل ذلك بأن اكتسابَ العلمِ سمّوٌ وارتفاعٌ، وتعريجٌ من منزلةٍ في الإنسانيةِ الى منزلةٍ أعلى، وهذا يتطلّبُ جهداً واعياً صبوراً، ومعرفةً دقيقةً بالهدفِ، والسعيِّ إليه من طريقِه لا من طريقٍ آخر. أما الجهلُ فهو انتكاس وارتكاس، إنه هبوطٌ وانسفالٌ، راحةٌ وإباحةٌ، ولهذا نفرَ أكثرُ الناسِ من طلبِ العلمِ المقرونِ دائماً وأبداً بالتوازنِ والعدالةِ والعفةِ، والتّرفّعِ عن الشهواتِ ما ظهر منها وما بطن. وهنا علينا أن نميّزَ بين العلمِ الذي هو في حقيقتِه علمٌ بقوانينِ الطبيعةِ ومنطقِ العقلِ والفضائلِ البرهانيةِ والحقائقِ الكليةِ المجرّدةِ ومعرفة بقواعد الاستقراء القياس والاستنتاج، وبين التعلّم بمعنى تخزينِ المعلوماتِ الجزئيةِ للحصولِ على شهادةٍ جامعيةٍ، تخوّلُ صاحبُها الحصولَ على وظيفةٍ يعتاشُ منها لا أكثر ولا أقل.

قال أرسطو: كلُّ لذةٍ إذا بولغَ في إشباعِها انقلبت الى ضدِّها وانبثقَ شرُّها من خيرِها إلا لذّةُ المعرفةِ، كلَّما ازدادَ صاحبُها منها، ازداد شوقاً لها ولهفةً عليها، واكتملت سعادتُه بها.

قال الأصمعي: تعلّموا الأدبَ وإن لم ينالكم حظٌ في الدنيا، فلأن يذم فيكُم الزمان أحسن من أن يذم بكم.

ساهم في النص، كمال سري الدين.

حرر في: 26 شوال 1432 هـ. الموافق 24/9/2011 م
  معارف توحيدية