المجلس المذهبي | مجلة الضحي
الجمعة ١٩ نيسان ٢٠٢٤ - 10 شوال 1445
سماحة شيخ العقل الشيخ نعيم حسن يقرأ في محطات ولايته لـ"النهار": لا للانقسام ولاختيارات وفق هذه الأسس..

2021-09-16

تفرّدت ولاية شيخ عقل طائفة الموحّدين الدروز نعيم حسن عن سابقاتها بمسار اتّخذ طابعاً تأسيسيّاً أريد له بناء ركيزة للمراحل المقبلة انطلاقاً منها. واستمرّ تدعيم أرضيّة المقاربة التي اعتمدت 15 سنة مع ما حملته معها من أعمال وتحديّات، ما أنتج حصاداً من نجاحات وخيبات تستعرضها "النهار" مع الشيخ حسن في خواتيم محطّات مسيرته بمسكها ومُرّها. وتُكتب تفاصيل أبرز المنجزات التي يتحدّث بها المواكبون الوثيقون لمسيرته، في إعادة بناء المؤسّسات (المجلس المذهبي ومشيخة العقل) حيث أُنجزتا بعد قانون 2006 كمؤسّستين مهمّتين بعد عودة المجلس المذهبي إلى نشاطه وعمله واستعادة الدور على الصعيد الإسلامي - المسيحي وعلى صعيد تكريس مصالحة الجبل. وتحقّق جمع الأوقاف في إطار محفظة كاملة ضمن إدارة الأوقاف في المجلس المذهبي. وأعيد تنشيط عجلة التواصل مع الاغتراب. وترتبط اللحظات الصعبة بالأحداث السياسية المتعبة التي رافقت السنين الأولى من الولاية، بما فيها أحداث #7 أيار 2008 وما تبعها من ذيول. ثمّ توجّهت الأنظار إلى الاعتداءات التي اتخذت أبعاداً طائفية في سوريا والهجوم الداعشي على السويداء.
 
لا يحمل أرشيف مواقف الشيخ حسن تصاريح مطعّمة بطابع سياسيٍّ ناريّ. أسئلة متنوّعة تدور حول طريقته في التعامل مع الأحداث المفصليّة. يقول إنّ "قانون 2006 يختلف عن قانون 1962 الذي لم يحدّد صلاحيات محدّدة (كانت الصلاحيات واسعة). حدّد قانون تنظيم شؤون طائفة الموحدين الدروز عام 2006 الصلاحيات. وهذا ما لا يدركه البعض. الدور وطني وروحي ومرتبط بالأمور الاجتماعية والمالية والزمانية والدينية، بما أبعد شيخ العقل عن المواضيع السياسية. قمنا بهذا الدور ونحن مرجعية لكلّ أبناء الطائفة ولكلّ لبنان. كنّا نصدر بيانات شهريّة واتخذنا خطّ الاعتدال والكلمة الطيبة ودعم المؤسسات وانتقاد التقصير وضدّ العنف وضدّ الإرهاب. هذه كانت خطّتنا وموقفنا الذي كرّرناه في القمم الروحية واللقاءات التي عقدناها مع السفراء والزوار". أما في المراحل المهمّة؛ فلطالما "تشاورت المختارة مع المشايخ الدروز في كلّ حدثٍ مفصليّ. التشاور دائم، وبناء على ذلك يتّخذ الموقف المناسب". الحديث عن المختارة يرسم انعطافة في الأسئلة حول قرب ثمّة من يستقرئه بين الشيخ حسن ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد حنبلاط. وهو يصوّر ما يجمعه به، مؤكّداً "ما يقوله مشايخ كبار بأنّ المختارة مدرسة. ومن يتقرّب من المختارة، يتقرّب من مدرسة. وليد جنبلاط زعيم للطائفة وعضو دائم في المجلس المذهبي. وكان داعماً لمسيرتنا معنوياً ومادياً عبر المساعدات. اتّبعنا طريقة أعتقد أنه استحسنها في العمل على إعادة بناء المؤسسات. ومن ناحية أخرى، وليد جنبلاط رجل قليلٌ رجاله. ذكي، دقيق، متابع، كريم، وفيّ ويتعامل بالإشارات. وقد بادلناه قدر المستطاع من فهم الاشارات. وكان هذا التوافق والتجانس".
 
عناوين كبيرة طبعت أحداث السنوات الأخيرة على الصعيد الوطني: الانتفاضة، المطالبة بحياد لبنان، تطبيق الدستور... أيّ مقاربة يتبناها حسن انطلاقاً من هذه التطورات؟ في الموقف من حياد لبنان والصراع حول هويّته، يؤكّد: "زرت ثلاثة مراجع. بكركي ودار الفتوى والشيخ عبد الأمير قبلان في منزله. كانت النيّة محاولة رأب الصّدع الروحي الذي حصل في موضوع الطروحات حول لبنان. وتمنّينا إعادة تفعيل لجنة الحوار المسيحي - الإسلامي والبقاء على العلاقة التي عشناها خلال 15 سنة من التوافق الروحي الاسلامي - الاسلامي والاسلامي - المسيحي. عندما كنت في بكركي سُئلت عن الموضوع وأجبت أنّ الكثير من البيانات الوزارية تضمّنت موضوع النأي بالنفس. ويعود مفهوم الحياد إلى الحياد الإيجابي الذي نادى به الرئيس جمال عبد الناصر منتصف القرن الماضي. ويحتاج الحياد إلى موافقة داخلية وخارجية. والجميع في لبنان من كلّ الطوائف، يريد لبنان مستقرّ وآمن. ونقلت هذا الموضوع إلى المرحوم المفتي قبلان حينذاك. وحتى الآن، لم تفعَّل لجنة الحوار المسيحي - الاسلامي". وعن الحدث المفصلي الذي تمثّل بانتفاضة 17 تشرين، يقول إن "الشباب أمل المستقبل. ومطالبة الانتفاضة بوقف الفساد القائم هو مطلب حقّ، لكنّنا نخاف من كثرة الآراء في ظلّ التواصل الاجتماعي ما يضعف المواقف. لا بدّ من فكر. ليقرأوا فكر كمال جنبلاط أوّلاً. النظام اللبناني فيه فساد ونحن نرفض ذلك. لكن، المعالجة تحصل من خلال الطرق الدستورية". ويشير في قراءة للعناوين التي من شأنها تعبيد طريق الحلول إلى أنه "لو طبّق الطائف، كان ذلك أفضل. وبعدها يمكن البحث في تعديلات. لكن الخلل الحاصل هو في عدم تطبيق الطائف الذي ينصّ على إلغاء الطائفية السياسية وإنشاء مجلس شيوخ، بما يساهم في رؤية أفضل".
 
يستمرّ واقع الانقسام في مشيخة العقل. ويعبّر الشيخ حسن عن تعابير التأسف لأن "الانقسام لا يجوز أن يبقى. هناك أحزاب بالنسبة للوضع السياسي، لكن من الخطأ الكبير إعادة النظر إلى الانقسام في المشيخة الذي بدأ منذ عهد بشير الشهابي الثاني. ونأمل تصحيح هذا الخطأ ونأسف لأنه ربما كنّا تمكّنا من انجاز أعمال أكبر بدل إضاعة بعض الوقت". وحول صفات شيخ العقل الذي تطلّبه المراحل المقبلة، يشير الى أن "الزمن يتطوّر والإنسان يجب أن يسير مع التطوّر. في موقع مشيخة العقل، لا بدّ من منطلق ديني وأن يقترن بالعلوم. يدير شيخ العقل مجلساً مذهبيّاً مع قرابة 80 هيئة عامة. نتمنى مستقبلاً أن يحصل الاختيار على أساس توافق روحيّ سياسيّ، وأن يتمتّع بالاستقلالية والوسطية وقوّة الشخصية. عندما يقتنع الجميع بإبعاد مشيخة العقل عن الانقسام السياسي يحصل هذا الموضوع. لكن، لا بدّ من الاقتناع أوّلاً". وفي رسالة يوجّهها إلى الشيخ سامي أبي المنى، يقول: "هو شخصية متعلّمة ومتنوّرة ومن بيئة دينيّة معروفة. ترافقنا معه 15 عاماً. هو مطّلع ومتابع لأمور المجلس المذهبي ونتمنى له التوفيق". ويقارب التحدّيات المقبلة وكيفية تخطيها انطلاقاً من "الوضع الاجتماعي وسط شائعة خاطئة عن الأوقاف مع تقدير أصولها في التسعينات. هذا خطأ في غير محلّه، لأن الأوقاف لا تباع ولا ترهن بل تصرف من مردودها وانتاجها. الخلافات والأحداث التي طرأت منذ خمسينات القرن الماضي منعت تطوّر الاستثمار. كان الاستثمار زراعياً قبل 1930. في الخمسينات والستينات تحوّل الى سكنيّ. اليوم الاستثمار الزراعي والسكني لا يعطي المردود الوافي. لا بدّ من التحوّل إلى صناعي أو تجاري الذي يحتاج فترة ملائمة على الصعيد السياسي والوطني".