المجلس المذهبي | مجلة الضحي
الخميس ٠٢ كانون الثاني ٢٠٢٥ - 2 رجب 1446
سماحة شيخ العقل التقى ممثل حماس والقنصل الأشقر وشارك في تأبين الشيخ الخطيب: ‏الإرث المعروفي في كل بلاد الشام لا تعيقه حدود جغرافية ولا فواصل إقليمية ودولية

2024-12-30

أقام مشايخ وأهالي مدينة عاليه وقلعة جندل في سوريا موقف تعزية وتأبين للشيخ الجليل ‏المرحوم أبو حسن سليمان الخطيب من بلدة قلعة جندل، وذلك في المقرّ العام في عاليه، ‏بمشاركة سماحة شيخ العقل الشيخ الدكتور سامي ابي المنى الذي نعى الشيخ الخطيب، وقد ‏شارك على رأس وفد من المشايخ واعضاء من المجلس المذهبي ومستشاري مشيخة ‏العقل، وبحضور سماحة الشيخ نعيم حسن، والمشايخ الاجلاء: ابو زين الدين حسن غنام، ‏ابو فايز امين مكارم، ابو يوسف امين العريضي، وابو محمود سعيد فرج وعدد من ‏الأعيان وحشد من المشايخ من مدينة عاليه ومناطق الجبل. كما شارك الوزير عصام ‏شرف الدين، وائل شهيب ممثلا نائب المدينة أكرم شهيب، ووفدا من الحزب الديموقراطي ‏اللبناني برئاسة لواء جابر ورئيس بلدية عاليه وجدي مراد وفاعليات وشخصيات‎. ‎
 
شيخ العقل
وخلال التأبين القى سماحة شيخ العقل كلمة، قائلا‎: ‎
 
بسم الله الرحمن الرحيم
‎"‎يا أيَّتها النفسُ المُطمئنَّةُ ارجِعي إلى ربِّكِ راضيةً مَرضيَّة فادخلي في عبادي وادخلي ‏جنَّتي" (صدق الله العظيم)‏
سبحانك اللهمّ وبحمدِك، أشهدُ أنّ لا إلٰهَ إلّا أنت، ولا معبودٌ سواك، نستغفرُك ونتوبُ إليك. ‏لمشيئتك نخضعُ ولإرادتِك نستكين، تُحيي وتُميت وأنت الحيُّ الذي لا يموت... وما الدنيا ‏التي خلقتَ عبادَك فيها سوى سبيلِ مرورٍ وفناء، لا دارَ خلودٍ وبقاء. وفي إرثنا الشعبي ‏المأثور يردِّد كبارُنا القول: "الدنيا مزرعةُ الآخرة"، أي بقدر ما تزرع فإنّك تحصد، إن ‏تزرعْ خيراً في دنياك تلقَ خيراً في أُخراك، وإن تزرعْ شرّاً تلقَ شرَّاً‎. ‎
وشيخُنا العابدُ المجاهدُ الفاضلُ الصابرُ المرحوم الشيخ أبوحسن سليمان الخطيب، زرع ‏الخير منذ بداية الطريق؛ جهاداً أكبرَ وتقوى وصبراً، وأدباً جمَّاً وحبَّاً صافياً وحنوَّاً ‏وعطفاً، وحسنَ اعتقادٍ وولاءً صادقاً لا يضعُفُ وإن ضعُف الجسد، ولا يتبدَّلُ وإن تبدَّلت ‏الأحوال والعهود، فحصد الخيرَ في قيامته الصغرى شهادةً ورحمة، وفي الكبرى رضاً ‏وقَبولاً ومنزلةً عند ربِّه‎".‎
 
اضاف: "فيا زارعَ الخير افرح بحصادِك الوفير، ويا صافيَ الودِّ ارحلْ مطمئناً إلى حبِّ ‏إخوانك ووفائهم، محاطاً بلهفتِهم وأدمعهِم وشهاداتِهم الصرفِ الزُّلال، وبرحمة ربِّك ذي ‏العزِّ والجلال‎:‎
مَن يَزرعِ الخيرَ يَلقَ الخيرَ مُكتَمِلاً‎ ‎
وقد زرعتَ، ومنكَ البيتُ ملآنُ
إنْ تَدمَعِ العينُ، فالأعيانُ غيبتُهم‎ ‎
تُحرِّكُ الوَجدَ، إنْ عَن عينِها بانوا‎ ‎
عليكَ رحمتُه كالغَيثِ نازلةٌ‎ ‎
يُحاسِبُ اللهُ مَن بانوا كما كانوا
 
نعم يا شيخَنا الحبيب، بكت عليك العيون، كما بكَيتَ على فراشِك وأنت تستقبلُ عائديك ‏العائدين من لبنانَ بعد طول انقطاع، لتؤكِّد معنا أن هذا الرابطَ الروحيَّ الذي يصلُ ‏الموحدين بعضَهم ببعض هو حبلٌ من أُخوَّةٍ ومحبة لا ينقطع، خيوطُه عقيدةٌ دينيةٌ واحدة ‏وخصالٌ توحيديةٌ جامعة وسلفٌ صالحٌ موحِّد، وتاريخٌ جهاديٌّ موحَّد، وإرثٌ معروفيٌّ ‏مشترَك،هو ذاتُه في كل بلاد الشام، لا تُعيقُه حدودٌ جغرافيةٌ طبيعية،ولا فواصلُ إقليمية ‏ودولية، بل تتعزَّزُ الروابطُ الروحيةُ والقلبية كلَّما اشتدَّتِ المحنُ وتأزّمت الأحوال، ولكنَّنا ‏نراعي واقعَ الحال وما يوجب الزمانُ مراعاتَه من التزامٍ واحترام للقوانين والأنظمة ‏والمعاهدات، ولا نجعل من رابطِنا الروحي منفذاً للتخلِّي عن انتمائنا وتراثِنا وتاريخِنا، بل ‏نحمي أنفسَنا بإيماننا وثباتِنا، وبدولتنا القويّة العادلة التي نتحمَّلُ المسؤولية في المشاركة ‏ببنائها ونهضتها لتكون هي، لا غيرُها، الملجأَ والملاذَ وموضعَ الثقة والاطمئنان‎".‎
‎ ‎
وتابع: "ها هم مشايخُ عاليه الأفاضل، كعادتِهم، يؤكِّدون على هذه الصلة الروحية ‏والاجتماعية فيبادرون مأجورين لإقامة موقفِ التعزية بشيخِنا الطاهر الجليل، كما تُقامُ ‏المواقفُ المماثلةُ لكبار مَن يرحلون عَنّا، كالمرحوم الشيخ أبي يوسف سلمان منذر الذي ‏فقدنا بركةَ حضورِه المؤنس منذ أيام، وشهِدنا مشاركةَ مشايخِنا الأفاضل من سوريا في يوم ‏وَداعه، وشاهدنا الموقفَ المقام له وللمرحوم الشيخ الخطيب في الجولان، وهو ما يحصلُ ‏في ديار الموحدين هنا وهناك، ليعرفَ الجميعُ أنَّ مدرسةَ فضلائنا وأتقيائنا وكبارِنا هي ‏هي في كلِّ موضِعٍ ومكان، وأنّ ما يجمعُنا في الفرح والحزن ومكارم الأخلاق وحفظ ‏الكرامة والوجود والإخلاص للأوطان أكبرُ بكثيرٍ ممّا يفرِّق من سياساتٍ وإغراءاتٍ ‏وأمورٍ دنيوية‎". ‎
‎ ‎
‎ ‎وختم سماحته: "مشايخَنا وأهلَنا الكرام من قلعة جندل، مشايخَنا وأهلَنا في عاليه، رحمَ ‏اللهُ شيخَنا الجليل، ولتبقَ رسالةُ الخير والمعروف مصانةً في مجالسِكم وخلَواتِكم وبيوتِكم، ‏‏"وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ ‏الْمُفْلِحُونَ"، تلك الأمّةُ هي أمّتُكم؛ أمّةُ الإسلامِالحقِّ والإيمانِ والإحسان، أمّةُ التوحيد، عظّم ‏اللهُ أجورَكم ورحم الله الشيخ أبا حسن وأبقاكم وعائلتَه سالمين‎".‎
 
الجردي
كما القى الشيخ د. وجدي الجردي كلمة اختتمها بأبيات شعرية، وقال: "توارى بالأمس عنا ‏شيخ جليل القدر حافظ لإخوانه في السر والجهر كان له مع مشايخنا الأفاضل صداقة ‏اتسمت بالإخلاص فآثروا أن يتقبلوا التعازي به في عاليه تقديرا لفضله وإكراماً لنفسه التي ‏سلكت في طاعة مولاها وسهرت الليالي ساجدة في محراب من تولاها خاشعة مناجية ‏فأثمرت لها طاعتها محبة الاخوان وصدق اللسان والرضى والتسليم لله الرحيم الرحمن، ‏فهنيئا لشيخنا الطاهر أبي حسن سليمان الخطيب هذه الكرامة، وقد غادرنا تاركا لنا مسلكه ‏زادا به نقتدي ومن نهجه نجتدي فله من مولاه الرحمةُ وحسنُ المآب ونعيم الجنان وأفضلُ ‏الثواب‎". ‎
‎ ‎
الخطيب
‎ ‎والقى باسم بلدة قلعة جندل الشيخ فارس الخطيب كلمة شكر، قائلا: "إن فقيدنا الشيخ ‏التقي الديان أبا حسن سليمان الخطيب فقيد أهل الدين، فقد عرفناه شيخا راضيا قنوعا محبا ‏لله وأهله، صابرا على قضاء الله وحكمه، واقفا على هضبة الصواب ماضيا في طريق ‏الحق غير مكترث لمغريات الدنيا الدنية الفانية عفيف الروح دوما بغنى النفس الصادقة ‏النقية حتى تلاقي ربها وهي راضية مرضية‎".‎
 
برقية
وكان سماحة الشيخ ابي المنى ارسل برقية تعزية بالشيخ الجليل الراحل، جاء فيها: ‏
 
بسم الله الرحمن الرحيم
إنّا لله وإنّا إليه راجعون
 
حضرة المشايخ الأجلاء،
إخواننا الأفاضل في قلعة جندل وعموم سوريا،
عائلة المرحوم الشيخ الجليل الطاهر أبو حسن سليمان الخطيب
‏ ‏
نتقدّم منكم بخالص التعازي والمؤاساة لفقد الشيخ الجليل الفاضل الهمام والورع الصابر ‏الديَّان المرحوم الشيخ أبو حسن سليمان الخطيب، سليل أهل التوحيد الأتقياء الأعيان، ‏وفقيد أهل الفضل والإحسان، طيّبَ الله ثراه وغمره بواسع رحمته وعظيم رضاه، راجين ‏لعائلته الكريمة ولإخوانه الأفاضل ولجميع عارفيه ومحبّيه طيبَ البقاء والسلامة، وداعين ‏أنفسنا وإيَّاهم إلى الاقتداء بطهر مسلكه وطِيب مآثره، وأن نكون دائماً وإياكم من المؤمنين ‏الصابرين أمثاله الذين بشّرهم الله سبحانه وتعالى بقوله عزّ وجلّ: "وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ ‏إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ‏وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ" صدق الله العظيم
 
لقاءات
‎ ‎وكان سماحة شيخ العقل استقبل في دار الطائفة في بيروت اليوم ممثل حركة حماس ‏في لبنان د. احمد عبد الهادي مع وفد من الحركة، وجرى البحث بالتطورات والمستجدات ‏في لبنان والمنطقة‎.‎
كما استقبل سماحته قنصل لبنان في المملكة العربية السعودية سلام الأشقر، وتناول اللقاء ‏اوضاع الجالية اللبنانية في المملكة‎.‎
 
وفي شانيه كان سماحته استقبل وفدا من موظفي بلدية الجديدة-بقعاتا وعناصر الامن ‏يتقدمه رئيس البلدية هشام الفطايري.‏