المجلس المذهبي | مجلة الضحي
الأربعاء ١٦ تشرين الأول ٢٠٢٤ - 13 ربيع الثاني 1446
المواقف والتوجُّهات الصادرة عن "اللقاء الاستثنائي" الموسّع ‏
للمجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز في شانيه

2024-10-09

عُقد اللقاء الاستثنائي الموسّع للمجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز في مقر سماحة ‏شيخ العقل- رئيس المجلس المذهبي الشيخ الدكتور سامي أبي المنى في شانيه بتاريخ ‏‏7/10/2024 وحضره أعضاء الهيئة العامّة للمجلس وفي مقدَّمتهم الزعيم وليد بك جنبلاط وسماحة الشيخ القاضي نعيم حسن ‏ووزير التربية والتعليم العالي القاضي عباس الحلبي وجميع النوّاب الدروز الحاليين: ‏رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي واللقاء الديمقراطي الأستاذ تيمور بك جنبلاط، مروان ‏حمادة ، أكرم شهيب، وائل أبو فاعور، فيصل الصايغ، هادي أبو الحسن، مارك ضو ‏وفراس حمدان، والنواب والوزراء السابقون: غازي العريضي، أيمن شقير وعادل حمية-‏رئيس "جمعية الغد"، وعضو المجلس الدستوري القاضي عفيف الحكيم ورئيس محكمة ‏الاستئناف الدرزية العليا القاضي فيصل ناصر الدين وقضاة المذهب: الشيخ سليم ‏العيسمي، فؤاد حمدان، الشيخ غاندي مكارم، منح نصرالله، الشيخ دانيال سعيد، أمير أبو ‏زكي والشيخ سعيد مكارم، ورئيس مؤسسة العرفان التوحيدية الشيخ نزيه رافع، ‏ومستشارو مشيخة العقل وحشد من المشايخ المدعوّين من مختلف المناطق. ‏
تضمنت الكلمات والمداخلات مواضيع الساعة وواقع الحال الذي وصلت إليه البلاد ‏وتداعيات الحرب المفروضة على لبنان منذ سنة بالتحديد، أي منذ السابع من تشرين الأول ‏‏2023 تاريخ عملية طُوفان الأقصى وما تبعها من حربٍ مسعورةٍ على غزّة وحرب إسنادٍ ‏من جنوب لبنان وتوسُّع العدوان الإسرائيلي إلى العمق اللبناني قتلاً وتدميراً وتهجيراً، ممّا ‏شكّل حركة نزوحٍ واسعة من الجنوب وضاحية بيروت وغير مكان، وصلت إلى جميع ‏قرى الجبل ووادي التيم. وقد أجمعت الكلمات على عددٍ من النقاط الأساسية، يمكن ‏تلخيصها بالمواقف والتوجّهات التالية: ‏
‏- الترحّم على الشهداءِ الأبرياء والدعاء للجرحى والمصابين بالشفاء، ولمَن فقد بيتَه ‏وخسرَ مؤسستَه بالعافية والتعويض وإعادة البناء، وإدانة غطرسة العدوّ الإسرائيلي ‏وتمادي عدوانه على لبنان بأدواته التدميرية والإجرامية المتعدّدة، وسيطرة لغة الغدر ‏والإرهاب والنار، من غزّةَ المقتولةِ ظلماً، إلى جنوب لبنانَ المدمّرِ المهجّر، إلى سوريا ‏المفكّكةِ أشلاءً، إلى العراقِ واليمن وليبيا والسودان وغيرِ مكان.‏
‏- النظر بعين المسؤولية إلى واقع الطائفة وواقعِ الوطن، وتأكيد الثقة بقدرتنا على التحمُّلِ ‏والمواجهة وصون وجودِنا وولائنا الوطني وعيشنا الواحد، من خلال ترسيخ إيمانِنا ‏الروحيّ أوّلاً، وحفاظِنا على قيمِنا المعروفية المتوارَثة، وتماسكِنا الاجتماعي، وعشقِنا ‏لأرضِنا وتاريخِنا، ووحدتِنا الداخلية والوطنية، وتمسكنا التاريخي بهويتنا العربية ‏الإسلامية.‏
‏- دعوة أهلِنا الموحِّدين وأبناءِ وطنِنا الموحَّدين لاستضافة إخوانِهم النازحين قسراً من ‏بيوتهم وقراهم، ومعاملتهم بلطفٍ وإحساسٍ مرهَف، وتحمّل عبء الاستضافة برحابة صدرٍ ‏والتعاون مع القيِّمين على النظام والأمن لمعالجة واقع الحال ومتابعة المستجدات.‏
‏- حثّ الأهالي للمحافظة على أملاكِهم وأرضهم، إذ هي ليست للمساومة والتخّلي مهما ‏كانت المُغرياتُ أو التحديات، بل هي موئلُ الكرامة وضمانة الوجود، وفي كنفها تعلّم ‏أجدادنا وآباؤنا الصمود حتى أصبح جزءاً لا يتجزَّأ من تاريخنا وتراثنا.‏
‏- توجيه الشكر والتقدير إلى الأستاذ وليد بك جنبلاط بالدرجة الأولى، وإلى القيادات ‏الدرزية والوطنية التي تميَّزت بموقفِها التضامنيِّ المسؤول، وإلى الهيئات الحزبية ‏والمدنية والأهلية المتابعة بجديّة، وإلى خلايا الأزمة والبلديات، وحث المجتمع العربي ‏والدولي لمضاعفة الدعم للبنان، والدولة على تأمين وصول المساعدات لمستحقيها من ‏النازحين والأهالي في كلِّ المواقع والمناطق.‏
‏- التنويه بالحركة الإيجابية التي قام ويقوم بها الزعيمُ القائدُ وليد جنبلاط، وبما صدر عن ‏لقاء عين التينه الذي جمعه بصاحبَي الدولة الرئيسين برّي وميقاتي، وما تبعه من زياراتٍ ‏ولقاءاتٍ، مؤكّدين حرصنا الشديد على الوحدة الوطنية والحاجة إلى مشاركة جميع ‏الأطراف السياسية في البحث عن سُبُل الخلاص وصياغة برنامج إنقاذيٍّ للوطن للوصول ‏إلى موقفٍ لبنانيٍّ تاريخيٍّ موحَّدٍ يضعُ الأنانياتِ جانباً ويتجاوزُ الاختلافاتِ والمطالبَ ‏الفئويّةَ الضيّقة، ويؤكّد على وجوب التضامن والعودة الى الجذور، أي إلى التاريخ ‏المشترك والعنفوان المشترك والعيش المشترك والإرادة الوطنية القوية المشتركة.‏
‏- الدعوة إلى تلقُّف المبادرات الخيِّرة والتقدُّم خطواتٍ إلى الأمام في ظلّ ما حصل من ‏متغيِّراتٍ وما يجب أن نتعلَّمه من دروسٍ وعِبر للوصول إلى حلّ واقعي انطلاقاً من ‏العناوين التي تبنَّاها لقاء عين التينة، والذي كان بمثابة مقدِّمة لإنجاز تفاهمٍ وطنيٍّ واسعٍ ‏يُخرجُ لبنانَ من المواجَهة المتصاعدة والمجهولةِ النتائج، ويدفعُ تلقائياً وفي أسرع وقتٍ ‏ممكن إلى انعقاد المجلس النيابي الذي تتمثل فيه كلُّ القوى وجميعُ العائلات الروحية، ‏لانتخاب رئيس وفاقي للجمهورية يُطمئن الجميع ويبدّد هواجسَهم ويرعى إعادةَ انتظام ‏الدولة وإحياءَ مؤسساتها، من أجل القيام بواجباتها تجاهَ المواطنين على كافة المستويات، ‏دون ربط هذا الاستحقاق الأساسي بأيّة شروطٍ تتعلّق بوقف إطلاق النار أو غير ذلك.‏
‏- ترجمة التضامن الشعبي الى تضامن سياسي يجنب البلد تحديات ومآسي المرحلة الدقيقة ‏التي تمر بها البلاد ويساهم في تعطيل المشروع الاسرائيلي ضد لبنان، انطلاقاً من ‏المصلحة الوطنية العليا، بعيداً عن التعطيل والمناكفات، والتي تقضي بتعزيز وجود الدولة ‏واحترام مؤسساتها الدستورية التي هي المرجعية الرسميةُ الوحيدة لرعاية جميع اللبنانيين ‏وحماية حدود الوطن والعناية بمن هم على أرضه.‏
‏- دعوة الأمم المتحدة والدول العربية ودول القرار إلى يقظةٍ دوليّة وإلى موقفٍ عربيٍّ ‏موحَّد وإلى وحدةٍ وطنية وتضامنٍ داخليٍّ للضغط باتِّجاه فرض حلٍّ واقعيٍّ يُوقف إطلاقَ ‏النار فوراً ونهائياً، ويؤكد على دعم الجيش اللبناني، لتمكينه من حفظ الاستقرار العام ومن ‏الانتشار الواسع في جنوب الليطاني، ويدفع باتِّجاه تطبيق القرارات الدولية، وأوّلُها القرار ‏‏1701 كاملاً. أملاً في إعادة الاعتبار لاتّفاق الهدنة الموقّع في العام 1949 وإحيائه من ‏جديد، وبالتالي الاكتفاء بما حصل حتى الآن من تداعياتٍ كارثية نتيجة ربط مصير لبنان ‏بمصير غزة، وفصل المسارَين بعضهما عن بعض، مع تأكيد التضامن المطلَق مع الشعب ‏الفلسطيني وقضيته العادلة.‏
‏- مناشدة المسؤولين اللبنانيين لوقف المناكفات والتصعيد والتعقيد ومحاولة فرض الشروط ‏من هنا وهناك، والتأكيد بأن الوقت ليس لاتخاذ المواقفِ الفئوية والطائفية، ولا ‏للاصطفافات المحورية وربط مصير الوطن بأي مصيرٍ آخر على امتداد المنطقة كلِّها بل ‏للتفاهم والتوافق والتلاقي، في العمق وليس سطحياً، لأنّ لبنان يواجهُ خطراً وجوديّاً، ‏والكيانَ معرضٌ للتفكك والضَّياع، وأطماعَ العدوّ الغاصب ليس لها حدودٌ، لا في الزمان ‏ولا في المكان، والاقتناع بأن المطلوب هو تعزيز الثقة الداخلية، ثقتِنا بعضِنا ببعض، ‏وثقتِنا بالدولةِ المسؤولة القادرة على تحصين شعبِها وتطوير مؤسساتِها.‏
‏- تجديد التأكيد والثقة بالعمق العربيِّ للبنان، ودعوة الأشقّاء العرب وأصدقاء لبنانَ الكُثُر ‏وأبناءه المنتشرين لمضاعفة دعم لبنان واحتضان مؤسساته الاجتماعية والإنسانية.‏
‏- التوقُّف بتمعنٍ واعتبار أمام الذكرى الأولى للحدث التاريخي المسمّى "طُوفان الأقصى" ‏الذي عبَّر عن أسى واحتقانٍ ونفاذِ صبرٍ من تمادي العدوان والمماطلة في إهمال حقوق ‏الشعب الفلسطيني، وما أعقب ذلك من حربٍ طاحنة ومن إطلاق جبهة مساندةٍ لبنانية أدّت ‏إلى شنِّ حربٍ مدمِّرة على لبنان استهدفت البشرَ والحجر وتكاد تدفع البلاد إلى حافّة ‏الفوضى والانهيار الكامل.‏
‏- الإشارة إلى أن القضية المركزية التي تدور حولَها بقيةُ القضايا في المنطقة هي القضية ‏الفلسطينية والتي ما زالت تنتظر الحلَّ العادلَ والشاملَ، لتكونَ للفلسطينيين دولتُهم السيّدةُ ‏المستقلّة. فلا يحتاج هذا الشعبُ المقهورُ والمقاوم إلى الانتفاضة من جديد ولا تضطرُّ ‏أجيالُه الصاعدة إلى طُوفانٍ آخر، حلّاً ترعاه الأممُ المتَّحدة وعواصمُ القرار والأشقَّاءُ ‏العربُ، فيتكرَّسُ من خلاله السلامُ وتنتهي بتنفيذه المأساة.‏
‏- الإعلان عن دورٍ اجتماعي استثنائي للمجلس المذهبي في هذه الظروف القاسية، لأن ‏الواقعَ المأزوم يشير إلى أن الأزمة ربما تكونُ إلى اتّساع، ممّا يحتِّمُ رسم خطة عملٍ ‏وتشكيل خليَّة أزمة في المجلس من الأعضاء والموظفين، تتعاون مع خلية إدارة الأزمة ‏في الجبل والمناطق لجهة تحديد أماكن الاستيعاب إذا ما حصل المزيد من النزوح، ‏ومعالجة المشاكل وحلِّ الأزمات التي يمكن أن تستجدّ، بالإضافة إلى تلقِّي الدعم من ‏الجهات المانحة، والاستفادة من خدمات الدولة.‏
‏- دعوة اللبنانيين والأصدقاء، مقيمين ومغتربين، للدعم والزكاة ومساندة صندوق المجلس ‏المذهبي الخيري، ليتمكّن من القيام بواجبِه، واثقين بأننا "لسنا متروكين"، كما ‏يردِّدُ دائماً مشايخُنا الأجلَّاء، وداعين إلى إقران الأمل بالعمل، والدعاء بالإرادة، فالأرضُ ‏أرضُنا ولن نتخلّى عنها، والوطنُ وطنُنا جميعاً ولن نرضى بأن تُدمَّرَ صيغةُ التنوّع فيه، ‏إذ هو وطنُ الآباء والأجداد والأمجاد، راجين أن يحفظه اللهُ لنا ولأولادِنا وأحفادِنا من ‏بعدِنا.‏