المجلس المذهبي | مجلة الضحي
الأحد ٢٢ كانون الأول ٢٠٢٤ - 20 جمادي الثاني 1446
سماحة شيخ العقل في مأتم الشيخ جابر شهيب في عاليه: متمسّكون بالهوية الوطنية ‏العربية الإسلامية التوحيدية للطائفة ‏

2024-07-22

‎ ‎رأى سماحة شيخ العقل لطائفة الموحّدين الدروز الشيخ الدكتور سامي أبي المنى أنَّ ما ‏نعيشه اليوم في بلادنا وفي محيطنا يدعونا إلى اليقظة، ويوجب علينا كموحّدين التأكيد ‏على الهوية الوطنية العربية الإسلامية التوحيدية للطائفة، والتمسّك بإرثنا الروحي، ‏والثبات في انتمائنا وفي هويّتنا وفي التزامنا بالفرض وتجذّرنا بالأرض ودفاعنا عن ‏العرض‎. ‎

‎ ‎كلام سماحة الشيخ أبي المنى جاء في الكلمة التي ألقاها في مأتم المرحوم الشيخ الجليل ‏أبي مسعود هاني جابر مسعود شهيب في عاليه اليوم، وقد حضر للمرة الثانية على رأس ‏وفد من المشايخ وأعضاء من المجلس المذهبي والمستشارين، وكان في استقباله نجل ‏الراحل الشيخ منهال جابر عضو الهيئة الدينية الاستشارية في مشيخة العقل وعائلة الراحل ‏ومشايخ وفاعليات مدينة عاليه، والى جانبهم المشايخ المعزّون سماحة الشيخ القاضي نعيم ‏حسن وسماحة الشيخ نصر الدين الغريب والمشايخ الأجلاء: أبو صالح محمد العنداري، ‏أبو علي سليمان بو ذياب، أبو زين الدين حسن غنام، أبو فايز أمين مكارم، أبو طاهر ‏منير بركة، أبو يوسف أمين العريضي، أبو داود منير القضماني، أبو محمود سعيد فرج، ‏أبو حمد جميل برغشة، أبو سعيد أنور الصايغ، أبو حسن عادل النمر، أبو نبيه سليمان ‏كبول من جبل الشيخ، أبو سليمان سعيد سري الدين. ومن بين المشاركين: الوزيران ‏عباس الحلبي وعصام شرف الدين، النائب اكرم شهيب، الامير مجيد طلال ارسلان، وعدد ‏من الوزراء والنواب السابقين وشخصيات روحية وسياسية وحزبية واجتماعية وأهلية، ‏وحشد غفير من المشايخ من مختلف المناطق شاركت في المأتم الحاشد، الذي أقيم في قاعة ‏جمعية الرسالة الاجتماعية وجوارها‎. ‎

شيخ العقل
وبعد كلمات ألقيت لكل من الشيخ هادي جمال الدين معرّفاً، الشيخ مجد سلمان شهيب باسم ‏عائلة الفقيد، رئيس جمعية الاشراق الخيرية الشيخ الدكتور وجدي الجردي باسم مدينة ‏عاليه، وقبيل الصلاة ألقى سماحة شيخ العقل أبي المنى كلمة قائلًا‎:‎

‎ ‎بسم الله الرحمن الرحيم ‏‎"‎مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن ‏قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا‎". ‎المشايخُ الأجلّاء، إخوانَنا في عاليه، ‏أبناءَ الجبل والمعروف الأوفياء، أيُّها الكرام، منذ أربعة عقودٍ بالتَّمام ودّعتْ عاليه ‏والطائفةُ المعروفية الشيخَ الجليلَ العلمَ المرحوم الشّيخ أبو هاني مسعود جابر شهيب، والدَ ‏شيخِنا الطاهرِ الجليل المرحوم الشيخ أبو مسعود هاني الذي نودَّعُ اليومَ بحسرةٍ وأسى، ‏حينها زحف الجمعُ الكبير من أهل الجبل إلى عاليه، وقد كنّا آنذاك بعمر الشباب، فبكيناه ‏ورثيناه راضين مسلِّمين:

أَسَفَي على ذاكَ الجمــالِ لقـــد ذوى ‏
‎ ‎أسفي على الوجـهِ الأَنيسِ يَبيــــدُ
‏ نرضــى، نُسلِّـمُ للإلــهِ أمورَنـــا ‏
والكلُّ للقـَدَرِ الأكيـــــــدِ عَبيـــــدُ ‏

وها نحن اليومَ، وبعد أربعين سنةً، نعودُ بقلوبٍ مكسورةٍ حزينةٍ راضيةٍ مسلِّمة، لنقول: ‏سلامٌ على روحك الطاهرةِ يا أيُّها الوجهُ السعيد، يا حاملَ رسالةِ الآباء والأجداد، سلامٌ ‏عليك أيُّها الشيخُ العينُ الثقةُ الأمين، يا حافظَ البيت والإرث والأمانة، سلامٌ على ذِكرِك ‏الطيِّب، وعلى سيرتِك البهيّة، يا ركناً من أركان مجتمع أهل الدين والتوحيد ‏‎"‎الأجاويد‎"‎، ‏وقلباً نابضاً بالبِرِّ والحبِّ والإيمان، وصدراً رابضاً كما الأبُ الصالحُ على تربة الأمير ‏معضاد مستمِّداً منه العزمَ لمواجهة الصعاب والمحن، ناهلاً الحكمةَ من مَعين السلف ‏الصالح في هذه العائلةِ المعروفيّةِ الكريمة ومن عائلات عاليه المشهود لها بالتقوى ‏والصَّلاح ورجاحة العقل والثبات على كلمة الحقِّ والتوحيد‎. ‎‏ بالأمس البعيد في زمن ‏الحرب والضِّيق، سقط ‏‎"‎مسعودُ‎" ‎ك الفتى الغالي شهيداً، فارتفعتَ معه عقلاً راجحاً وقلباً ‏صابراً وفماً واعظاً وساعداً ممتشقاً سيفَ الإيمان والرضا والتسليم، وانتهجت نهج السيِّدِ ‏الأمير، فقلتَ ما قلنا‎: ‎حكم القضا والحكمُ فينــا سيِّدُ نرضى كما رضيَ الأميرُ السيِّدُ ‏واعتصرَ القلبَ ثانيةً رحيلُ نجلِك الثاني ‏‎"‎مهنّا‎"‎، ففاض قلبُكَ نوراً على نورٍ وقبولاً على ‏قَبول، وازددتً تعلُّقاً بكتابِك ومحرابِك، لائذاً في حِمى الإحسان، مرتقياً على سُلَّمِ التوحيد ‏والإيمان، حيثُ العبادةُ مسافرةٌ وارتقاء، ومن حولك كوكبةٌ من أتقياء ‏‎"‎عين حالا‎" ‎وأجاويد ‏‎"‎عاليه‎"‎، يسيرون خلفَك كما سرتَ خلف سلفِك الأطهار الأجلَّاء، وصُنتَ الأمانة وجمعت ‏الشملَ وأعليتَ رايةَ التوحيد، كما أعلاها من قبلِكم سادةُ هذه المدينة الأجلَّاء وأعيان هذه ‏العائلة الأفاضل، من الشيخ أبو يوسف أمين إلى الشيخ أبو ريدان والشيخ أبو حمزة ‏والشيخ أبو طاهر وغيرِهم، وكان بيتُكم في كلِّ مرحلةٍ وكلِّ عهدٍ محجّةً ومقصداً لشيوخ ‏الجهاد وقادة البلاد، لذلك فأنت حيٌّ يا شيخ أبا مسعود، لأنّ نورَكَ وجوهرَك باقيَان وذكرَك ‏خالدٌ لا يموت‎: "‎فالنّـورُ لا يُطوى، ويبقى الجوهـرُ‎"‎، بك وبأمثالك من المستحقِّين ترحِّبُ ‏الجنَّة، لقوله تعالى: ﴿لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ ۖ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ ۚ ‏أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُون﴾ صدق اللهُ العظيم‎. ‎
وفي وداعِك اليومَ أسمح لنفسي، ومن موقع مشيخة العقل، أن أَذكرَ ما منحتنا إيَّاه من ‏لطفٍ وعطفٍ ومحبةٍ وتأييد منذ اللحظة الأولى التي شاء القدرُ فيها أن نتحمَّل مسؤوليةَ ‏حفظِ الأمانة وأداء الواجب، ومنذ زيارتي الأولى لكم شعرتُ بأبوَّتكم الصادقة وأُخوَّتِكم ‏الخالصة، ومنذ أن تشرَّفتُ باستقبالكم في ديارِنا وقبَّلتُ أياديكم الطاهرةَ الحاملةَ عطرَ ‏السلف وشذا الأخوَّة التوحيدية، تذكّرتُ القولَ الفصلَ من الوصيَّة‎: "‎انصروهم ولا ‏تخذلوهم‎"‎، إذ كنتَ لنا وإخوانك الأفاضل ونجلك الأديب الشيخ منهال خيرَ الناصرين ‏الداعمين والداعين لنا بالتوفيق والسَّداد، والقابضين معنا على جمر المسؤولية وخدمة ‏العِباد‎. ‎وكما عاهدناكم بالأمس، نعاهدُكم اليومَ، ونحن نقتسمُ الحرقةَ وإيَّاكم في عاليه، بأنَّنا ‏سنتابعُ المسيرةَ معاً بصدق العقيدة وصحة المسلك وسلامة النيَّة ووضوح الرؤية وثبات ‏الإرادة، وفاءً لروح المرحوم الشيخ ‏‎"‎أبو مسعود‎"‎، الذي عمَّمتْه محبةُ الناس وحسنُ ظنِّ ‏الأتقياء العارفين قبل أن تُتوِّجَهُ يدُ سيِّدِنا وشيخِنا الجليل الشيخ أبو صالح محمد العنداري، ‏وهو المستحقُّ الحقَّ بمسلكِه المحمود وتواضعِه المعهود، والمتقبِّلُ التكريمَ بأدبه الجَمِّ ‏الرفيع، والمترفِّعُ عنه سعياً لوحدة الجميع‎. ‎المشايخَ الأجلَّاء، الشخصياتُ الكريمة، أهلَنا ‏الأفاضل، إنَّ ما نعيشُه اليومَ في بلادِنا وفي محيطِنا يدعونا إلى اليقظة، لا إلى القلق، ‏وإلى التماسك والتلاقي، لا إلى التفكُّك والتباعد، وذلك ما يُوجبُ علينا كموحدين التعلُّقَ ‏بأصول العقيدة ومبادئ المسلك، وبثوابت الهوية الروحيةلأهل المعروف والتوحيد، وأن ‏نؤكِّدَ على الهوية الوطنية العربية الإسلامية التوحيدية للطائفة، متمسكين بإرثِنا الروحي ‏والجهادي في مواجهة أي تهديدٍ أو تحدٍّ، مهما كان نوعُه وحجمُه، ثابتين في انتمائنا وفي ‏هويّتنا وفي التزامِنا بالفرض وتجذّرِنا بالأرض ودفاعنا عن العرض‎. ‎ويا شيخَنا الحبيب، ‏يا من تركت الدنيا لتصل إلى الآخرة، وترفَّعت عن أهوائها لتكسبَ روحَك، وتخلَّيتَ عن ‏حظوظ نفسَك لتربحَ حظَّ القَبول عند الله، نمْ راضياً مَرضيَّاً مطمئنّاً، لروحِك ألفُ رحمةٍ ‏ورحمة، ولأهل بيتِك وعائلتِك الصغرى وعائلتِك الكبرى ولمحبِّيك جميعاً طِيبُ البقاء ‏وحسنُ الولاء‎. ‎‏ ‏
آجركم اللهُ جميعاً أيُّها الأخوةُ الأفاضلُ، وأعاننا وإيَّاكم للثبات على نهجه والاجتماع على ‏كلمته والعمل الدؤوبِ لصَونِ رسالته والسيرِ على خُطاه‎. ‎ولتبقَ دارُكم يا شيخنا الراحلَ ‏دارَ طهارةٍ وتقوى، عامرةً بأهلها الطاهرين الأتقياء، ‏‎"‎إذا عاد منها موكبٌ جاء موكبُ‎"‎، ‏وإلى لدُنِ الله وكنفه السعيد يا شيخ أبا مسعود، وإلى مراكب الجهاد ومواكب العمل أيها ‏الإخوةُ والأبناء لنحفظَ ما حفِظه الراحلُ الحبيب، ولنودِّعْه قائلين:

عِشْ بعد موتكَ راضياً يا هــاني
‏ واحيَ السعادةَ فهْيَ عُمرٌ ثانــي
‏ وارحلْ إلى حيثُ الخلودِ متوَّجـاً ‏
بعمامــــةِ التوحيــد والإحســـانِ‎.‎

‎ ‎مشايخَنا الأجلَّاء، لكم منّا العَزاءُ والدعاء، ولروحه الطاهرة الرحمةُ والوفاء، ‏‎"‎إنَّا لله وإنَّا ‏إليه راجعون".‎

‎ ‎ثم طلب سماحة الشيخ أبي المنى من الشيخ جهاد الريّس إقامة الصلاة وأمّها الشيخ أبو ‏صالح رجا شهيب‎. ‎

‎ ‎ووصلت الى المأتم سلسلة من برقيات ورسائل التعزية من مراجع روحية وهيئات من ‏سوريا والأردن وفلسطين وبلاد الاغتراب. كذلك اقيم موقف للشيخ الراحل في مقام النبي ‏شعيب (ع) في فلسطين بمشاركة الهيئات الروحية والمشايخ‎.‎