المجلس المذهبي | مجلة الضحي
الأربعاء ٠١ أيّار ٢٠٢٤ - 22 شوال 1445
زيارة البطريرك الراعي لسماحة شيخ العقل في دارته أخوية عنوانها الشراكة والتنمية

2023-09-09

إهتمت وسائل اعلام عدة بنوعية الزيارة التي قام بها أمس البطريرك الماروني الكردينال بشارة الراعي الى دارة سماحة شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي أبي المنى لناحية الانطباع "الأخوي" في علاقة الرجلين بعضهما مع بعض، والتي بدأت قبل سنوات طويلة من تولّي الشيخ أبي المنى منصبه الروحي وتجلّت اكثر في لقاءاتهما المستمرة.
 
ولم يكن مفتاح بلدة شانيه الذي تسلّمه البطريرك الراعي من رئيس بلدية شانيه حسين أبي المنى وشقيق شيخ العقل الشيخ كمال أبي المنى سوى لفتة تكريمية من شيخ العقل، تعكس عمق العلاقة بين الرجلين، وهو ما لفت اليه البطريرك الراعي بالقول: "تعبيراً عن تقديري ومحبتي لشخصكم قلت لكم من اليوم الأول أنا مستعد من أجل عقد قمة روحية في دار طائفة الموّحدين الدروز وأترك لكم الاتصال بكل المسؤولين الآخرين، لا تراجعني بأي شيء لا بالمكان ولا بالزمان، الذي تقرّره انت أقرره انا وهذا أقوله اليوم من هذه الدار العامرة التاريخية دارة شيخ عقل الموحدين".
 
وأبدى البطريرك الراعي اعجاباً شديداً بالهدّية المنحوتة الصخرية التي قدّمها ابناء الجبل باسم شيخ العقل وازاحا عنها الستارة معاً، أمام تمثال الأمير فخر الدين المعني الثاني في ساحة مكتبة بعقلين الوطنية والتي ستعلّق في بكركي. وتتألف من عناصر لها رمزيتها وهي مصافحة اليدين مع الصليب والنجمة الخماسية والهلال وبكركي ودار الموحدين وقصر المختارة ومسجد الامير شكيب أرسلان في البلدة، وقد صممها الاستاذ نظام حاطوم.
 
أمّا "وثيقة عبيه التاريخية" التي تركّز على الأسس التي جرت المصالحة على أساسها من تعزيز المحبة والأخوة والتلاقي وبناء الجبل على ركائز متينة من أجل المستقبل، فكانت حاضرة بدورها والتي تسلّمها البطريرك الراعي من وفد لقاء أبناء الجبل برئاسة اللواء المتقاعد شوقي المصري والذي كان شيخ العقل من المساهمين في إنشائه، وقد سلّمها لكل منهما الدكتور منير حمزة والمحامي ايلي قرداحي والاستاذ سهيل أبو حلا.

والعميد بهيج ابو شقرا والسادة: فؤاد سيّور وجورج يزبك وخليل خيرالله وخالد هرموش.
 
وكان وقع الكلمة التي ألقاها باسم اهالي المنطقة العميد الركن المتقاعد رياض شيا على نفس الراعي كبيراً، عندما قال: " إنّها ساعة مباركة، أن يستقبل هذا البيت المعروفي الأصيل غبطة البطريرك وصحبه الكرام، لتكون شهادةً على علاقةٍ تأسّست منذ مئات السنين، ولتعلن متانة هذه العلاقة بعد مرور عقدين ونيّف من الزمن على مصالحة العام 2001...
إذا كانت هذه الزيارة مباركةً في بُعدها الديني، فهي مباركة ايضاً في بعدها الوطني. كيف لا وصاحبُ الزيارة هو سيّد من أُعطي لها مجد لبنان؟! فزيارتكم لسماحة شيخ العقل، ومن ثمّ الى بيت الدين فبعقلين فالمختارة، إنّما أردتموها تثميراً للمصالحة... ونحن نضيف عليها، في بُعدها الوطني، أنّها دعوة الى القادة والمسؤولين اللبنانيين الى الاقتداء بكم للنهوض بواجباتهم خلاصاً للوطن الذي هو اليوم على شفا الانهيار التام.
أنتم تحملون اليوم إرث البطاركة العظام الذين سبقوا، ولا سيّما في عصرنا الحديث، وأنتم خير الوارثين... فمنذ البطريرك الحويك – مؤسس الكيان اللبناني، وصولاً الي سلفكم البطريرك مار نصرالله بطرس صفير، حملتم على الدوام همّ لبنان؛ فوقفتم بوجه من ينتهك سيادة لبنان واستقلاله، عدوّاً كان أم غير عدوّ، من خارج الحدود أم من الداخل، وقلتم بالفم الملآن أن لا سلطة تعلو سلطة الدولة وقواها الشرعية...
لذلك أيها السادة كانت دعوة غبطة البطريرك الراعي الى الحياد، حياداً إيجابياً، أصبحت الحاجة اليه ماسةً بعد التفلت الذي نشاهده اليوم.
كلّنا معكم، غبطة البطريرك، في إبعاد لبنان عن حرائق المنطقة التي أصبحت داخل دارنا... فهل يتّعظ الرافضون دعوتكم قبل أن يعمّ الخراب وتلتهم النيران ما تبقّى من البلد؟!
على الرغم من أنّ مصالحة آب 2001 التاريخية التي رعاها الزعيم الوطني وليد جنبلاط والراحل الكبير البطريرك صفير هي في وجدان أهل الجبل، دروزاً ومسيحيين، وهم ضنينون بها بكل تأكيد؛ لكنّنا نعتبرها، على أهميتها البالغة، حدثاً مضى لا يجب الاكتفاء به، بل يجب أن يكون خطوةً في طريق الانماء والتقدم في الجبل، وتالياً قاطرةً للوطن في كل المجالات... والأمل كبير أنّ النجاح سيكلّل مسعاكم بإذن الله.
غبطة البطريرك، سماحة شيخ العقل،
أنتما اليوم في نظرنا، وفي نظر الكثيرين، وبما قدّره الله تعالى فيكما من صدقٍ وإخلاص،
أنتما رمز لبنان الحقيقي؛ فبأمثالكما نحفظ إرث الأجداد ونأمن الى مستقبل الأبناء والأحفاد...
بارككما الله، وسدّد خطاكما لما فيه خير للجبل وخير للبنان".