المجلس المذهبي | مجلة الضحي
الأربعاء ٠١ أيّار ٢٠٢٤ - 22 شوال 1445
سماحة شيخ العقل يدعو لسحب مشروع الغاء العقوبة عن الشاذّين من المجلس النيابي ‏ومن التداول ‏

2023-08-21

‏ دعا سماحة شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي أبي المنى النواب ‏المتحمّسين لمشروع الغاء العقوبة عن الشاذّين الذي يطرحه مشروع القانون المقدم بهذا ‏الخصوص، سحبه فوراً من المجلس النيابي ومن التداول، كونه يمثل نوعاً من أنواع ‏الترويج للمعصية وتسهيلاً لانتشار الرذيلة وإباحة للمحذورات واستبداله بآخر بنّاء في ‏التثقيف والتربية والمعالجة.‏
‏ ‏
‏ كلام سماحة الشيخ أبي المنى جاء خلال رعايته اليوم احتفال تخرج الدفعة الاولى من ‏الطلاب والطالبات في كلية الامير السيد عبدالله التنوخي الجامعية للعلوم التوحيدية في ‏عبيه، بحضور الشيخ الجليل أبو محمود سعيد فرج وسماحة الشيخ القاضي نعيم حسن ‏ومجلس أمناء الكلية. ‏
‏ ‏
‏ وبعد تلاوة للشيخين عادل أبو سعيد ويحيى عبد الخالق وتقديم من الشيخ مجد شهيب، ‏وكلمة رئيس اللجنة الدينية في المجلس المذهبي المشرف المسؤول على الكلية الشيخ ‏هادي العريضي، مركّزاً فيها على أهمية العلم في نواحي الحياة ومسيرة تحقيق حلم إنشاء ‏معهد للدراسات والبحوث التّوحيدية من المراحل الاولى ولغاية التأسيس. وكلمة عميد ‏الكلية الشيخ الدكتور سلطان القنطار مشيراً فيها الى المناهج والرؤى التطويرية وورش ‏العمل التعديلية بهذا الخصوص، وايضاً كلمة باسم الطلاب للشيخ هاني القنطار، القى ‏سماحة شيخ العقل ختاماً كلمة قال فيها:‏
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيِّد المرسَلين وعلى آله وصحبه الطاهرين ‏وعلى أنبياء الله الطيّبين،
‏ ‏
المشايخُ الأفاضل، الأخوةُ والأبناء الطلاب، أيُّها الأحبّة، إنها لَفرحةٌ عامرةٌ اليومَ أن نخرّجَ ‏مجموعةً من الطلاب والطالبات الحائزين على الشهادة الجامعية في العلوم التوحيدية من ‏كلية الامير السيد الجامعية للعلوم التوحيدية في عبيه، هذه الكليّةِ الحلُمِ المجسَّدِ واقعاً، ‏والذي كان قد راود الكثيرَ من أعلام الطائفة من مشايخَ أجلّاء وقادةِ مجتمعٍ ومؤسساتٍ ‏تربوية، وفي مقدّمتهم المفكّرُ العرفاني كمال جنبلاط الذي أشار إلى ذلك في كلمته ‏الافتتاحية عند تأسيس العرفان، مشيراً إلى دار الحكمة في القاهرة عند انطلاقة الدعوة إلى ‏مسلك التوحيد، وآملاً أن تكونَ العرفانُ على شاكلتها، وهو ما كان موضعَ أملٍ لدى نخبةٍ ‏من المشايخ والمثقفين في الطائفة، أمثالِ الدكتور سامي مكارم الذي كنَّا قد أعددنا وإيَّاه ‏مشروعاً مماثلاً في مؤسسة العرفان التوحيدية إلَّا أنّه لم يرَ النور، وقد أشار إلى ذلك ‏الأستاذ وليد جنبلاط في كلمته منذ سنوات في احتفال العرفان المركزي حين قال ما معناه: ‏إنّ العرفانَ حقَّقت قفزةً تربوية مميّزة وتفوُّقاً في مدارسِها، وهكذا فعلت مدارسُ الإشراق، ‏لكنَّ هذا الحُلُمَ لم يتحقّقْ إلّا في عبيه، وفي هذه الكليّة بالذات، برعاية سماحة الشيخ نعيم ‏حسن؛ شيخِ العقل ورئيس المجلس المذهبي آنذاك، وبهمّة اللجنة الدينية برئاسة الشيخ ‏هادي العريضي، وبتعاوننا جميعاً، وقد كنتُ في تلك المرحلة رئيساً للجنة الثقافية، وضمن ‏إطار المجلس المذهبي مجتمِعاً، وها هي النتيجة خطواتٌ ناجحةٌ في طريق الصعود نحو ‏تحقيق الغاية من إنشاء هذه الكلية، بتخريج نخبة من الطلاب والطالبات يحملون بيدٍ شهادةَ ‏الالتزام الديني في مسلك التوحيد من مشايخهم ومجالسهم وخلواتهم أولاً، وشهادةَ العلوم ‏التوحيدية الأكاديمية من جامعتهم باليد الأخرى ثانياً، ودائماً ببركة روح سيدنا الأمير ‏عبدالله جمال الدين التنوخي الذي على اسمه الجامع وعلى مقربة من ضريحه المبارك ‏وبوحيٍ من سيرته العطرة وفكره التوحيدي ورسالته العرفانية تحقق هذا الحلُمُ وكانت هذه ‏الكليَّةُ محطَّ الأملِ والثقة، وحافظةَ العهدِ والأمانة. إن شهاداتكم أيها الأخوةُ والأبناء ‏الأعزّاء، بقدر ما هي أوسمةُ فخرٍ لكم وعلاماتُ استحقاق لما بذلتموه من جهد واهتمام، ‏لكنّها مسؤوليةٌ تلقى على عاتقكم، كما على عاتقنا وعاتق اللجنة الدينية وإدارة الكلية، ‏فالمجتمع ينتظرُنا والحاجةُ الى التثقيف الديني كبيرةٌ وملحّة، وإننا نعوّل عليكم في ‏الانخراط معنا في مهمة التوعية والإرشاد والتعليم، في مواجهة عالَم التحلُّل والتخلّي عن ‏الإيمان والقيم، وعالَم الجهل والتطرُّف والتكفير والتديُّن الأعمى".‏
‏ ‏
‏ وتابع: "أيُّها الأخوةُ، أيَّتها الأخوات، إنّ أمامنا العديدَ من التحدّيات، لعلّ أخطرَها تحدّي ‏الانجراف في تياراتٍ عقائديةٍ غريبة عن توحيدِنا، وتحدّي الإلحاد أو الدعوة إلى اعتناق ‏مذاهبَ فكريةٍ مُضلِّلة، وتحدّي التبشير لتغيير الدين من قِبل بعض المجموعات المتطرّفة، ‏إضافةً إلى تحدّي الترويج للشذوذ وهدم القيم وتفتيت الأسرة والاعتداء على نظام الخالق ‏عزّ وجلّ، وهل أدلُّ على ذلك من مشروع قانونٍ مقدَّمٍ للمجلس النيابي لإلغاء تجريم إقامة ‏العلاقات غير الطبيعية، والذي رفضنا السجالَ والمبارزةَ حوله بالكلام، لأن الأمرَ محسومٌ ‏عندنا من الأساس، ولا داعٍ لتأكيده في كلِّ مرّةٍ وكأننا في موقف الهجوم أو الدفاع. إن هذا ‏المشروعَ غيرُ مقبولٍ إطلاقاً في مجتمعِنا القائم على ركائزَ ثابتة؛ ركائزِ الإيمان والقيم ‏والوطنية، كونه يُسهمُ في هدم تلك الركائزِ التي نَبني عليها وجودَنا ونعزّزُ بها تماسكَنا ‏ونحقّقُ من خلالها دورَنا الاجتماعيَّ والوطنيّ، فلا يجوزُ التغاضي عن هذه الانحرافات ‏لأنّ التغاضيَ يؤدّي إلى طغيان تيّارِ التفلُّت الأخلاقي، وهو ما لا يُمكنُنا استساغتَه في ‏مجتمعنا التوحيديَ المعروفيّ مهما كانت الدوافعُ والمبرّرات. إن الدعوة لتشريع قوانينَ ‏مناقضةٍ لآداب الدين وأخلاقياته تحت شعار الحرية تنطوي على إهانة للدين ولمفهوم ‏الحرية، ونحن، وإن كنّا لا نتصدّى لحرية الناس في تحديد خياراتهم الاجتماعية والدينية ‏والسياسية، لكننا لا نَسكتُ أمام موجات التحرُّرِ المتفلِّت من الوعي، ولا نعتبرُها حريةً بل ‏هي عندنا بمثابة الفوضى الهدّامة للإنسان الفرد وللعائلة وللمجتمع، وبالتالي للوطن. ‏فالتطوُّرُ ليس نقضاً للقيم، والتقدُّمُ ليس دوساً على الإيمان والمبادئ، والحرية ليست رحلةَ ‏استجمام في عالم الإباحة والفساد. إن الغاءَ العقوبة عن الشاذّين الذي يطرحُه مشروعُ ‏القانونِ المقدّم، وإن يكنِ التبريرُ له أنه ليس تشريعاً للعلاقات غير الطبيعية، بل مجرّدَ ‏إلغاءٍ للتجريم والعقوبة، إلّا أنه بنظرنا يشكّلُ خطوةً نحو ذلك المبتغى، وفي هذا الأمر ‏تسهيلٌ لانتشار الرذيلة، وإباحةٌ للمحذورات ومخالَفةٌ فاضحة لغاية الخالق من خلقه، وهو ‏ما نبّهت إليه الأديانُ جميعُها وما أكّد عليه العقل البشري الأرفع وحكماءُ الكون ومعلمو ‏العالم. لذا، فإننا نحثّ النوّابَ المتحمّسين لهذا المشروع لسحبه فوراً من المجلس النيابي ‏ومن التداول، كونَه يمثِّلُ نوعاً من أنواع الترويج للمعصية، وهذا ما ترفضه كلُّ العائلات ‏الروحية، على أنه يمكنُ استبدالُ هكذا مشروعٍ هدّامٍ بآخرَ بنّاءٍ يدعو للبحث فقط في ‏أساليب المعاقبة لتكون نوعاً من التثقيف والتربية والمعالجة، وصولاً إلى العقاب إذا لم ‏يفلحِ الأمر، لأنّ في القِصاص حياةً للناس، لقوله تعالى: "وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي ‏الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ".‏
‏ ‏
‏ أضاف: "إننا، ومن هذا الصرح التربوي الدينيّ الأكاديميّ، نؤكِّدُ على موقفنا المبدئي في ‏الدفاع عن مكارم الأخلاق، ونحثُّ العقلاءَ والمسؤولين لكي يناضلوا من أجل الارتقاء ‏بالمجتمع، لا العكس، ومن أجل تطوير الدولة، لا لهدمِها، وأن يُجاهدوا للحفاظ على إرث ‏الآباء والأجداد، لا أن يشرّعوا لما يَنالُ من إنسانية الإنسان وما يقوّضُ أُسسَ العائلة ‏والمجتمع والوطن، وأن يتكاتفوا للتغيير الإيجابي من أجل كرامة الإنسان والوطن، لا من ‏أجل هدفٍ بَخسٍ لا يستحقُّ النضالَ والجهاد. أما المجلسُ المذهبي وبقدر ما فيه من التنوّع ‏المفيد، فإنّه واحدٌ موحَّد ومسؤول معنا، بجميع أعضائه، عن أمانة الدين والمجتمع ‏والوطن، ولا نريدُه إلّا صمّامَ أمانٍ للركائز التي ذَكرنا، وإنها لمسؤوليةٌ مشتركة نرعاها ‏في مشيخة العقل والمجلس المذهبي في مواجهة تلك التحدّيات على أنواعِها، وهذا هو ‏واجبُنا ودورُنا، وتلك هي رسالتُنا، نتعاونُ ونتكاملُ في حملها مع قادة المجتمع ومعَ ‏المشايخ الأجلاء ومع المثقفين الراسخين في العلم، لأنّ هذه المهمَّةَ الشريفة التي تتطلبُ ‏منّا التضحيةَ والبذلَ والرعايةَ والالتزامَ والانفتاح، وما اعتزازُنا بهذه الكليَّة إلَّا لاقتناعنا ‏بدورِها الأساسيّ في التأهيل والمواجهة، وما اختيارُنا لمجلس الأمناء المطعّمِ حديثاً ‏بالشيخين الكريمين الأستاذ الجامعي الدكتور سليمان قريشة والخبير المالي الشيخ بسام ‏الشامي، إضافةً إلى مستشارَينا الفاضلَين الشيخ عماد فرج رئيس اللجنة الثقافية وفضيلة ‏القاضي الشيخ غاندي مكارم، ومع الدكتور أسعد البتديني، وإلى جانب الشيخ هادي ‏العريضي رئيس اللجنة الدينية المجاهدِ الأوّل، ومقرّرِها الشيخ سلمان عودة، ووكيل مقام ‏الأمير السيد الشيخ محمود فرج ابنِ هذا البيت التوحيديِّ القدوة، وبإدارةٍ راقية ومستوىً ‏علميٍّ ودينيٍّ رفيع للشيخ الدكتور سلطان القنطار، ليس ذلك إلّا تأكيدٌ منّا على احتضان ‏الكليّة والسيرِ بها الى الأمام، تقدُّماً مطَّرِداً ومسافرةً دائمة في درجات العلم والتعليم ‏وصون التعاليم".‏
‏ ‏
‏ وختاماً توّجه سماحته للطلاب والطالبات: "ها أنتم وأنتنَّ أيها الخريِّجون، أيَّتها ‏الخرِّيجاتُ، تنخرطون معنا في هذه المهمَّة التوحيديةِ الشريفة، فنحن بحاجةٍ إليكم والمجتمعُ ‏ينتظرُنا، والآمالُ كبيرةٌ وجديرةٌ بالاهتمام والمتابعة، فعسى أن نوفَّقَ للقيام بهذا الواجب ‏ولتحقيق تلك الغاية، نحن وإيَّاكم واللجنة الدينية وإدارة الكُليّة واللجنة الثقافية والمجلس ‏المذهبيّ والإخوة والأصدقاء المخلصين، والله يوفِّقُ مَن سعى في مرضاته، وهو المُعينُ ‏النصير، وبه المستعان".‏
‏ ‏
زيارة
وسبق الحفل زيارة قام بها سماحة الشيخ أبي المنى لسماحة الشيخ نعيم حسن في منزله في ‏البنيه.‏
‏ ‏
اتّصال
‏ وأجرى سماحة شيخ العقل اتصالاً هاتفياً بوزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى ‏مثنياً على "مشروع القانون الذي يسعى لإقراره، تحت عنوان: "التشدّد في مكافحة الترويج ‏للشذوذ الجنسي"، مؤكداً دعمه ومساندته لكل ما يؤول الى صون الاسرة والقيم، واعتباره ‏أن "لا كرامة للانسان بدون القيم ولا حياة تليق به بدون كرامة".‏

لقاءات
وكان التقى سماحة شيخ العقل في دارته في شانيه كلّاً من الأبوين: بطرس مرعب وعيد ‏أبو راشد، وايضاً وفداً من رويسة البلوط بحضور الشيخ كمال فرج، ثم مختار بلدة بتاتر ‏فوزي غريزي. كما استقبل رجل الاعمال عضو مجلس أمناء مستشفى الايمان الشيخ ‏كميل ابو غانم.‏
‏ ‏
لقاء ديني
كما شارك سماحة الشيخ أبي المنى في اللقاء الديني الموّسع في مقام المرحوم الشيخ ‏ناهض الدين في المختارة، بحضور المشايخ الاجلاّء: أبو صالح محمد العنداري، أبو زين ‏الدين حسن غنّام، ابو داوود منير القضماني، أبو فايز أمين مكارم، أبو سليمان سعيد سري ‏الدين، أبو حسن عادل النمر، أبو هاني وفيق حيدر، أبو سلمان سامي عيد وابو مهدي ‏سلمان دربية أبو هلال ماجد سري الدين ومشايخ من منطقتي الجبل ووادي التيم، وكان ‏لسماحة شيخ العقل حديث في اللقاء، ركّز خلاله على "اهمية ترسيخ القيم الروحية ‏والاجتماعية والثوابت الدينية والمرتكزات التي تصون العائلة الروحية والاسرية، ‏بمواجهة الحضارات الهدّامة للمجتمعات، وتعزيز المحبة وجمع الشمل لتكون الكلمة ‏واحدة".‏
‏ ‏
تعازٍ
كما زار سماحته ووفد مرافق بلدة العزونية مقدّما التعزية بالمرحوم الشيخ أبو غسان ‏سلمان يوسف سليم.‏