المجلس المذهبي | مجلة الضحي
الخميس ٠٩ أيّار ٢٠٢٤ - 1 ذو القعدة 1445
سليقا ممثلا سماحة شيخ العقل في المصيلح: عاشوراء محطة لجمع الشمل وانتصار إرادة الحياة على الموت

2023-07-23

كلف سماحة شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي أبي المنى مستشاره للشؤون الدينية الشيخ وسام سليقا تمثيله في أحياء رئيس مجلس النواب نبيه بري الليلة الرابعة من ليالي عاشوراء بمجلس عاشورائي أقيم في قاعة ادهم خنجر في دارته في المصيلح، وألقاء كلمته والذي تحدث في مستهلها عن معاني ذكرى عاشوراء وعناوينها الإيمانية والإصلاحية والتوحيدية الجامعة، ومما جاء في كلمته: "أنقل إليكم أولا تحيات وتبريكات صاحب السماحة شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي أبي المنى، وقد جئنا اليوم في ذكرى عاشوراء مشاركتكم عقلا وقلبا العزاء بشهادة سيدنا أبي عبد الله الإمام الحسين سيد الشهداء بأرض كربلاء عظم الله أجوركم جميعا تراني أقف بينكم بفكر قد شنا حد غراره وغرار حده وعزم قد كبا جد جواده وجواد جده في بحر لا يستطيع في مد جزره ولا في جزر مده، لكن هزتني أشواق النسائم ونسائم الأشواق الى ما لم تسع عشر عشيره بطون الأوراق لأتكلم عن شهادة سيد الشهداء في أرض كربلاء لأتكلم عن شهادة عنوانها الحق في مواجهة الباطل والفضيلة في مواجهة الرذيلة، لأتكلم عن شهادة إبن مكة ومنا وزمزم والصفا".

أضاف: "إن الإسلام قد استطاع أن يتعامل مع العمق الإنساني بكل أحاسيسه التي تجعل الإنسان إنسانا يملك الثقة الكبيرة بوجوده في كل قضايا الحياة، لذلك فإن الخطوط العامة للفكر الإسلامي مبنية على أساس إنسانية الإنسان التي لا يختلف فيها زمن عن زمن ولا مكان عن مكان، إنما الإسلام جاء ليكرم الإنسان وسما به فوق مراتب الجماد والنبات والحيوان، وعد الإنسان غرض الله تعالى فكل هدف ينطوي على تصغير القيمة الإنسانية فهو هدف مخالف للوجود إن الإسلام يريد للانسان أن ينطلق من خلال الإيمان بنظرته للحياة، وأن ينطلق من موقع العلم في حركته ومسؤوليته تجاه الحياة، وأن ينطلق من موقع العقل في مواجهة كل القضايا الغامضة في هذه الحياة. إن الاسلام فرض على المؤمن أن ينفتح على أخيه المؤمن، ليحمل همه ويفرج كربته وليعينه في جميع أموره، وليحفظه في نفسه وماله وعرضه".

وتابع سليقا: "من هذا الإيمان العظيم والأمانة الكبيرة والشجاعة المطلقة انطلق الإمام الحسين حافظا للأمانة وحاملا لهموم الناس معينهم في جميع أمورهم حافظا لهم في نفسه قائلا: لئن كنت أتمرغ في دمي أهون علي من أن أسلم الأمانة إلى غير أهلها، إن الإمام الحسين تمكن أن يحيي العقول النائمة ويرقى مداركها ويكشف الواقع الأليم أمام أعين الناس، بخطه باستشهاده، بايضاحه للحقائق فكانت عاشوراء محطة لجمع الشمل وإصلاح الحال وانتصار إرادة الحياة على الموت، تماما كما انتصر دم الإمام الحسين على سيف يزيد ومن معه من الظالمين. فعندما يقول الرسول الأكرم حسين مني وأنا من حسين، عندها يجب أن نعي أن الإمام الحسين ما خرج حبا بالقتال بل صيانة ودفاعا عن الإسلام والمسلمين وذودا عن المؤمنين ونصرة لكل المظلومين، أليس هو القائل عندما لا يعمل بالحق ولا ينتهي عن الباطل عندها فليمت الإنسان في سبيل الحق، لذلك كان ينتقل من مرحلة الى مرحلة رافعا شعار الحق كاشفا للحقيقة، موضحا لأبعادها".

وقال: "فكأني بكلام المعلم الشهيد كمال جنبلاط يجسد هذا المبدأ عندما يقول إن الأمر الوحيد الذي يستحق الحياة هو أن نقول الحقيقة وأن نعمل لأجل الحقيقة، ونتمسك بما قاله سماحة الإمام المغيب السيد موسى الصدر إن الحسين هو شهيد كل مؤمن وكلما زاد الإنسان إيمانا إزداد محبة للحسين ونهج الحسين. إن الإنسانية جمعاء مدينة للإمام الحسين، دينا لا يمكن وفاؤه إلا إذا بلغ الانسان غاية التضحية. لأن الإمام الحسين باستشهاده صان القيم وأحياها وبدمه رسمها على جبين الدهر والعمر بعدما هزها وفجرها بالفاجعة الكبرى. إن علينا أن نطلق الحوار من خلال الروح الوطنية من أجل الخلاص والبقاء، وعلينا أن نلتقي في الحياة على كلمة سواء. إن ثقافة احترام الإختلاف انما تدل وتشير إلى التسامح وقبول الآخر، والاختلاف سنة من سنن الله التي بثها وأجدها في الكون وجعلها آية للتأمل والتدبر رسالة الإمام الحسين هي رسالة الإصلاح وصون الاسلام وحفظ كرامة الانسان وتلك لعمري هي رسالة أئمتنا الأطهار وشيوخنا الأبرار".

أضاف: "وهي ايضا رسالة سماحة شيخ العقل ورسالة دولة الرئيس الداعي الأول للحوار، وهل من سبيل غير ذلك لإنقاذ البلاد مما تتخبط به من فراغ وشغور وتراجع وانهيار؟
الحوار سبيل النجاة فليتحمل الجميع مسؤولياتهم وليبادروا الى التحرك من الداخل لا الاكتفاء بانتظار الخارج وليتفقوا على كلمة سواء قبل حصول ما لا تحمد عقباه، فالخارج مشكور مهما كان مهتما ومعنيا، إلا أن أهل البيت أدرى بما هو أجدى، وعليهم أن يحصنوا الوطن بتحصين مؤسساته المالية والعسكرية والقضائية والإدارية قبل فوات الأوان".

وختم سليقا: "فلتكن عاشوراء عملا دؤوبا ممنهجا لتعزيز ثقافة المواطنة واحتضان التنوع وبناء السلام. وثورة دائمة من أجل تحقيق الأمان في وطن يعاني كل المعاناة. لكن شعبه يناضل من أجل الحياة".