سماحة شيخ العقل: أمور البلاد صعبة وندعو للتلاقي على قواسمَ مشترَكة وتغليب مصلحة الوطن على ما عداها
2023-02-22
عقدت الهيئة العامة للمجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز جلسة استثنائية لها في دار الطائفة - بيروت، برئاسة سماحة شيخ العقل للطائفة الشيخ د. سامي أبي المنى وحضور رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ووزير التربية والتعليم العالي عباس الحلبي ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط والنواب مروان حمادة ووائل أبو فاعور وهادي أبو الحسن وفيصل الصايغ، ورئيس المحكمة الاستئنافية القاضي فيصل ناصر الدين وعضوا مجلس القضاء الأعلى والمجلس الدستوري القاضيان عفيف الحكيم ورياض أبو غيدا والقاضي غاندي مكارم ورؤساء لجان وأعضاء للمجلس. وبحثت الهيئة في جملة قضايا داخلية ووطنية.
شيخ العقل
استهلّ شيخ العقل رئيس المجلس الجلسة بكلمة افتتاحية جاء فيها:
"الحمد لله على نعمه التي لا تُحصى، وعلى نور حكمته في ما به ألهم وأوصى، الحمد لله على لطفه في ما قدَّر وقضى، وعلى كلِّ أمرٍ حاضرٍ أو مضى، وعلى كل ما فات وما هو آت...
إخواني الكرام،
نلتقي اليوم في إطار الهيئة العامة للمجلس المذهبي لطائفتنا، ونحن نعيش وإيَّاكم أجواء داخلية وخارجية ملبّدة بالغيوم التي تُنذر باشتداد العاصفة، وتدعونا للحذر والتوقّي والتعامل مع الواقع بحكمةٍ ورويّةٍ وتعاونٍ وانفتاحٍ وأمل.
نشاهد وتشاهدون ما يحدث في العالم من غليانٍ ومآسٍ وفوضى وتحديات، ومن كوارثَ ومصائبَ وتقلُّبات، نشاهد وتشاهدون ما يحصل من انهيار وانحدار مالي واقتصادي واجتماعي، ومن حروبٍ تمتدُّ نيرانُها من ساحة المعركة المحدودة إلى كلِّ الساحات العالمية، ومن ضغوطٍ اقتصادية على الدول واصطفافاتٍ محوريّة لا تُحمَد عُقباها، نشاهد وتشاهدون ما يصيب منطقتنا من شظايا الانقسام العالمي وصراع المصالح والخلاف الأيديولوجي والعداوة الدينية، ولبنان دائماً في قلب الحدَث تعكس مراياه كلَّ ما حوله من قضايا الأمَّة البائسة ومن أزمات الدول المجاورة، ونرى وترَون كم كانت السنة الماضية التي تسلّمنا فيها الأمانة إلى جانبكم صعبة ومعقَّدة في البلاد على صعيد التدهور المالي والخلل الدستوري والفراغ الرئاسي والتشتُّت الحكومي واهتزاز العلاقة مع الخارج، وكم دعونا، وما زلنا، إلى التلاقي على قواسمَ مشترَكة وإلى تغليب مصلحة الوطن على ما عداها، ونرى وترَون كم تصاعدت التجاذبات الداخلية في الطائفة، وبالأخصّ على المستوى الديني، والتي خرج بعضُها عن الإطارِ التوحيديِّ الروحانيِّ اللطيف، وكذلك على مستوى مؤسسات الطائفة، من مشيخة العقل والمجلس المذهبي والأوقاف إلى المؤسسات الدرزية الأساسية التي تعرَّضت لهجماتٍ ممنهجة ومنظَّمة، هدَّامةٍ وغيرِ بريئة، ممَّا استدعى منّا الردّ الإيجابي وليس السلبي، والردُّ الإيجابي يكون بدعوة أبنائنا إلى الرشد والصواب، وبالعمل معاً بشفافية ودقّة وإرادةٍ صلبة وثقةٍ عالية وبتعاونٍ وثيق لتجاوز المخاطر والعقبات".
وتابع سماحة الشيخ قائلاً: "أفكارُنا التي طرحناها في اجتماعنا السابق لا زالت في صُلب اهتماماتنا، وإن كان معظمُها يصطدمُ بالواقع المرير، لكنّنا مصرُّون على التطلُّع عالياً وإلى الإمام، وعلى دعوتِنا الدائمة إلى جمع الشمل ورأب الصَّدع حيث وُجِد، وعلى احترام دورِنا الجامع على المستوى الداخلي وعلى المستوى الوطني، ولنا في القيادة الحكيمة الداعمة وفي الأصدقاء المخلصين الغيورين وفي المشايخ الأصفياء الأنقياء الذين نتباركُ بدعائهم وصفاء قصدِهم خيرُ سندٍ وخيرُ عضُد، وفي إخواننا في مجلس الإدارة والمجلس المذهبي والإدارة التنفيذية خيرُ رجاءٍ لتحقيق ما يمكن تحقيقُه، ممّا هو أوجبُ وأقربُ إلى التحقيق، ونحن في هذا الخضَمِّ نخوض تجربة العمل المشترَك في مشيخة العقل والمجلس المذهبي، بالرغم من العوائق والتحديات، واثقين من نوايانا الطيِّبة ورؤيتِنا الواضحة وعزائمِنا القويّة، وإن حاول بعضُ مفتعلي الأزمات حرفَ اهتمامِنا إلى غير مكان، لكننا جادُّون في تحمُّل المسؤولية الدينية والوطنية والاجتماعية، ومُصمِمونَ على صَون المؤسسة ونهضتِها، وعلى ضرورة زيادة استثمار الأوقاف وتنميتها، وعلى ضرورة تنشيط عملنا الاجتماعي والخيري وتوسيعه، وعلى ضرورة متابعة ما بدأناه من عمل تثقيفيٍّ تربوي ديني، وعلى تفعيل عملنا الإداري وتطويره، وعلى مواجهة التحديات المالية بإدارة حكيمة وخططٍ واقعية، وعلى تنظيم العلاقة الاغترابية وتعزيز ثقة المغتربين بمؤسساتهم وطائفتهم ووطنهم".
ثمّ تطرَّق سماحته إلى موضوع المدرسة المعنيّة في بيروت"التي تأسِّست في العام 1953، والتي تحمل اسمها نسبةً إلى أجدادنا آل معن، وهي تابعة لأوقاف طائفة الموحِّدين الدروز"، فقال: "إذا كنَّا غيرَ قادرين في المدى المنظور على إدارتها مباشرةً وفق منهجٍ تربويٍّ متطور يتضمَّن تربيةً توحيدية خاصّة، فقد وافقنا على استثمارها من قبل إخوانٍ لنا لهم تجربة ناجحة في العمل التربوي، رغبةً منّا بالتطوير، والأمر مرهونٌ بمصادقتِكم عليه، وعلى الله الاتِّكال".
بعد ذلك جرى نقاشٌ عام حول جملة مواضيع تتعلَّق باهتمامات المجلس ولجانه وبقضايا الطائفة والوطن، والتأكيد على "استعداد المجلس للتعاون والعمل الدؤوب، من أجل المساهمة في معالجة هموم الناس ونهضة المجتمع".