2016-06-06
إنَّه بالمعنى الاسلاميّ الحقّ إصلاحٌ للنُّفوس، والعودة بها إلى رحابِ ما أتى به الرَّسولُ العظيمُ عابرًا بالقومِ من فتنة الجاهليَّةِ إلى رياضِ الذِّكر الشَّريف. والأمَّةُ هي هناك، ويجبُ أن تختلجَ صدُورُ أبنائها بيقينِ الثَّباتِ على قيَمِ الدِّين الحنيف، وأرقاها التَّقوى. فالمؤمنُ تقيّ شفوق عادل صادق ذو إيثار وحِلم ورحمة. ولا يُمكنُ أن يقومَ الدِّينُ بعصبيَّةٍ فئويَّةٍ تنأى عن روح الجماعةِ التي يدُ الله معها ما دامت هي مع ما أراده الله لها من نِعمةِ الطّاعة وثمارها المحيية.
إنَّ الإسلامَ هو دينُ الفطرة ﴿فطرَة الله الّتي فطَر النَّاسَ عليْها لا تبديل لخَلقِ الله﴾ (الروم 30)، هذا يعني أنَّ الباطل مهما طغا بتجاوز الحدّ، وعموم الظّلم، وتفاقم شهوة الفساد، فإنَّ دولتَه ساعة لكنَّ دولةَ الحقّ إلى قيامِ السَّاعة. والنَّاسُ تلوذُ في المآل إلى معيار الأخلاقِ الحميدة، والحسّ المشترك في أنَّ ثمرةَ الحُكم هي العدْل وخدمة النَّاس. وإذا كانت دعواتنا المكرَّرة دائمًا وأبدًا إلى من هو في مواقع المسؤوليّات العامَّة للخروج من التنابُذ العقيم، ونفق المصالِح الطائفيَّة الضيِّقة، والتمترُس في خنادق السياسات العقيمة، إلى فسحة الأمل والحياة الكريمة بدءًا بدفع عجلة مؤسَّسات الحُكم إلى العمل وأداء الواجب، من رأس الجمهوريَّة إلى بُنياتها التشريعيَّة والتنفيذيَّة والقضائيَّة، دون أن تلقى تلك الدعوات ومطالبات كلّ المخلصين، بل وصرخات الكثير من الفئات الشعبيَّة والمدنيَّة أصداءها المقبولة، فإنَّنا ندعو إلى التشبُّث بإرادة الخلاص عبر قوَّة الإيمان بأنَّ الأمَّة تقوم بأخلاقِها، وتضافُر جهود أبنائها بإخلاصهم ونزاهتهم ونقاء طويّاتهم خصوصًا في حقول العمل العام. إنَّ ما هو مفروض في هذا الشَّهر الفضيل وفق المقاصد السنيَّة للدِّين الحنيفِ هو مناسبةٌ لولوج باب الخيْر، والرّسوخ في يقينِ اللواذ بأهداب الفضيلة الإنسانيَّة. في شهر الصيام دعوتُنا إلى القوى السياسية المعنيّة بشكل أساس بالحلول المفترضة للتعقيدات الحاصلة على الساحة الوطنية، أن تبادر جميعها إلى تقديم مصلحة الوطن على كل المصالح الأخرى، والإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية بما يفتح المجال أمام انطلاق عجلة الحياة الدستورية في البلاد، وإعادة إنتاج المؤسسات على قاعدة من الديمقراطية التمثيلية الصحيحة التي تستوجب قانون انتخاب عادلٍ وعصري يسمح بتمثيل كل الأطياف بمساواة. وحتى حصول هذه الخطوات الضرورية والمطلوبة اليوم قبل الغد، فإنّ شؤون الناس والهموم الحياتية تتطلب عملاً دؤوباً من الحكومة ومواكبةً تشريعية من المجلس النيابي، لوقف مسار التدهور الحاصل على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية وفي الملفات الحيوية، والابتعاد عن منطق المناكفات في مقاربة القضايا المطروحة أياً كانت. وانطلاقاً من واجباتنا تجاه قضايا أُمّتنا، نحثّ الدول العربية والإسلامية إلى حوار حقيقي حول الأزمات التي تعصُف بمنطقتنا دون ان ننسى القضية الأساس قضية فلسطين.
بيروت في: 1 رمضان 1437هـ. الموافق: 6 حزيران 2016م.