بيان صاحب السماحة في اجتماع دار الفتوى بتاريخ 18-4-2008
2008-04-18
أحمدك واستعينك وأستغفرك يا رب العالمين وصلى الله على محمد سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه الطاهرين.
والسلام على أصحاب السماحة والفضيلة والأخوة الحاضرين.
وبعــد،
لا بد في البداية أن أوجه شكري وتقديري للأخ سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ الدكتور محمد رشيد قباني والأخ سماحة نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان على هذا اللقاء الأول الذي يجمعنا في هذه الدار الكريمة مع هذه الكوكبة من العلماء، وعلى ما عَبّرَ كل منهما مراراً وتكراراً عن شعوره تجاه دار طائفة الموحدين وتجاهي شخصياً متوسلاً إلى العزّة الإلهية أن تمدهما وتمدنا جميعاً وإياكم بالعون لمواجهة التحديات المعاصرة.
إن وحدة المسلمين والتقاءَهم على كلمة سواء لا سيما في هذا الظرف العصيب الذي يمر به لبنان، لهو مصدر طمأنينة وأمل لجميع اللبنانيين.
يقول الله سبحانه وتعالى: (إنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحدِةً وأنا ربُّكُمْ فَاعْبُدُون).
شُيِّدت دعائم هذا الدين على أساس التوحيد، وفيه توجه الجميع إلى العبادة الحقيقية لله الواحد الأحد.
إن الخوف من قيام فتنة داخل الصف الإسلامي يبدده هذا اللقاء بدعوة أبنائنا، جميع أبنائنا، إلى الوحدة والتبصّر كجماعة وليس كأطياف وطوائف وهذا ما يجعل من لقائنا إذذاك لقاءً مثمراً منتجاً لمفاعيله بين الناس الذين نعول عليهم لحسن الدراية والتعقل والإلفة.
فالمؤمنون بالإسلام إخوة، "إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخَويَكم"، وروح الإسلام روح المساواة والعدالة. هو دين المدنية والحضارة والإنسانية والأخلاق وعزّة النفس، هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقال تعالى واعَتَصمِوا بحبَل الله جميعاً ولا تَفرقوا.
ولا تنسوا أننا في زمن العولمة الذي يُمكن له أن يعيد النظر في كل الثوابت، ويوحي بالتفلت من ضوابط الحلال والحرام.
إن اجتماع الملسمين نواة وذخيرة لاجتماع جميع اللبنانيين، فيشكلون مع أقرانهم وشركائهم المسيحيين، وحدة لبنان بأبرز تجلّياتها.
لأننا نؤمن بجميع الرُسُل والأنبياء وما أنزل عليهم لقوله تعالى في كتابه العزيز:
(قولوا آمنَّا بالله وما أُنزِل إلينا وما أنزل إلى إبراهيمَ وإسمعيلَ وأسحقَ ويعقوبَ والاسباطِ وما أوتىَ موسى وعيسى وما أوتى النَّبيون من ربهم لا نُفرق بين أحد منهم ونحن له مُسلِمون صدق الله العظيم).
إن الوحدة اليوم لا تنقض التنوع ولا تحميه غداً. فمفهوم التنوع في عالم اليوم لم يعد نقيضاً للوحدة بل عامل غنى واستقرار لها بخلاف ما يذهب البعض إليه متأثراً بمفاهيم التماهي التي أصبحت غريبة عن العالم في تطوره وحداثته.
إن لقائنا دعوة إلى التأكيد على مفهوم لبنان العيش المشترك واللحمة والوئام، تثبيتاً وتأصيلاً لهذه الصورة التي تعكس حقيقة لبنان التي لا يمكن لخلافات سياسية مهما احتدمت أن تزيلها أو تعيد النظر بها أو تعيد طرحها. بل إن تجديد الثقة بمفهوم لبنان الواحد في تنوعه، أمانةً ينبغي الإخلاص لها بتقريب المسافات وتضييق فسحة الخلاف السياسي والتمسّك بالصيغة والميثاق.
نطلب من جميع القيادات الابتعاد عن المساجلات والمهاترات، والتخوين والاتهامات، ونهيب بهم عدم التغاضي عن الحقوق المشروعة والواجبات، وعدم الاستهتار بالدولة والمؤسسات، فاجعلوا السياسة للإنقاذ والتعمير، ولا تجعلوها للفتنة والتدمير.
لا ضمانة لنا كلبنانيين إلا بقيام الدولة اللبنانية الواحدة والجامعة وانتظام عمل المؤسسات الدستورية والسياسية وتفعيل قرارات طاولة الحوار ووضعها موضع التنفيذ.
ولا تنسوا أنكم أمام شعب قد أصبح مثقلاً بالأعباء وكل هذا يوجب الدعوة إلى حوار هادئ، بنّاء والكف عن المبارزة في الكلام الذي يوقظ الفتنة من سباتها وارحموا أهلكم الذين جرح الأسى قلوبهم وطوى البكاء عيونهم واعملوا على تأمين حاجاتهم وتثبيت أقدامهم في أرضهم وانصرهم ولا تخذلوهم.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يلهمنا جميعاً إلى ما فيه خير أمتنا إنه هو السميع المجيب.
كلمة سماحة شيخ عقل طائقة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن
في اجتماع دار الفتوى 2008/4/17