2023-11-14
ورَدنا في الآونة الأخيرة أن عدداً من أبنائنا الشباب يتعامل ببعض الأشكال غير المألوفة للتسويق عبر شركات مثل QNET ومثيلاتها لبيع منتجاتها بغية كسب العمولات، وذلك من خلال دعوة الجمهور للقيام بتسويق هذه المنتجات مقابل الحصول على عمولات مغرية.
وتبيّن لنا أن خطة العمل تقضي بأن يسعى كل عميل الى إقناع أشخاص آخرين بالانضمام إلى الشركة بهدف الحصول على عمولات، وأن الشخص المنضمّ لا يكتسب العضوية في الشركة إلّا بعد شراء أحد منتجاتها، وأن هذا الشراء لا يتمّ إلا عن طريق أحد أعضاء التسويق السابقين، وأنه لا بد لمن يريد الانضمام إلى فريق التسويق في الشركة من دفع رسوم تسجيل العضوية التي يجب دفعها سنوياً لاستمرار عضويته في البرنامج.
ومن منطلق موقعنا وحرصنا على دفع الضرر عن أبناء مجتمعنا، وعلى الأخص أبنائنا الموحّدين عموماً، والملتزمين دينياً منهم على وجه الخصوص،
وبعد البحث عن هذا النوع من التسويق وتحليل مقاصده واجراءاته، والاطلاع على تحليل الخبراء الاقتصاديين بشأنه، تبيّن لنا أن التعامل مع هذه الشركة ومثيلاتها والانضمام اليها ينطوي على الكثير من المخاطر والمحاذير الشرعية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية، وذلك وفقاً للآتي:
أولاً: من الناحية الشرعية
١) يعتبر هذا النمط من التسويق نوعاً من أنواع القمار، لأن المقصود من الاشتراك عملية إقناع عملاء للدخول إلى البرنامج بصفة مسوِّقين، وليس التسويق للمنتجات، فالذي يدخل في هذا البرنامج يدفع مبلغاً من المال في منتج غير مقصود في الحقيقة في مقابل الحصول على عمولات لا تتحقق في غالب الأحيان، فالسلعة مجرّد غطاء ووسيط، أمّا الغاية فهي اصطياد عملاء جُدد.
٢) إن هذا النوع من التسويق هو ضرب من ضروب الربا، حيث أن العميل يدفع مبلغاً للاشتراك مقابل حصوله على الأرباح الكبيرة، وما السلعه إلّا غطاء يتحايل به، وهذا بعينه هو الربا المحرّم.
٣) ينطوي هذا النوع من التسويق على غشٍّ وتدليس على العملاء من خلال إغرائهم بالأرباح الكبيرة التي لا تتحقّق غالباً.
٤) إن هذا النوع من المعاملات فيه غرَرٌ للعميل، أي بيع ما هو غير موجود، بحيث لا يدري البائع إذا ما كان بالمستطاع استقطاب عملاء آخرين ام لا وهذا محرّم شرعاً.
ثانيًا: من الناحية القانونية
١) عدم توفّر الأطر القانونية الخاصة التي تنظّم عمل الشركات في هذا المجال، فلا توجد قوانين مسنونة لتنظيم التعامل بهكذا نوع من التسويق.
٢) فقدان الحماية القانونية لمن يمارس هذه المعاملة، وهذا يجعل المشتري المسوِّق يتعرّض لخطر كبير ناتج عن عدم وجود تشريع ينظّم العلاقات بين الشركة والمشتري.
ثالثًا: من الناحية الاقتصادية
١) غياب الرقابة المالية والإدارية
٢) التأثير السلبي على الاقتصاد المحلي وخصوصاًالانتاج، بحيث يدفع هذا التسويق باتجاه استهلاك سلع لا يتم إنتاجها محلياً.
٣) تحول كثير من الممارسين لهذه المعاملة إلى ترك أعمالهم المعتاده والتفرّغ لهذا العمل، بما ينذر بعدم إشغال بعض المهن.
رابعاً: من الناحيه الاجتماعية
١) الخلافات الناشئه بين العميل المسوِّق والذين يسعى لإدخالهم في البرنامج التسويقي تحت اسمه، لا سيما حينما يجد هؤلاء أن الارباح الخياليه التي أوهمهم بالحصول عليها لم تتحقّق، فضلاً عن خسارة أموالهم.
٢) التشجيع على الاستهلاك غير الرشيد من خلال الترويج لسلع لا حاجة فعلية لها، فضلاً عن أسعارها المرتفعة جداً والتي تفوق قيمتها الحقيقية.
في ضوء ما تقدم، وحفاظاً على أبنائنا الأعزّاء وعلى مجتمعنا التوحيدي والوطني،
ترى مشيخة العقل ضرورة تحريم التعامل بالتسويق عبر شركة QNET وما شابهها، وعدم جواز ذلك لما فيه من مخالفة للشرع ومن تعرّض للمخاطر والمحاذير التي جرى عرضها أعلاه، والمسيئة للنفس وللآخرين، علماً أن بعض الدول تصدّت لهذه الظاهرة ومنعت التعامل بهذا النوع من التسويق، كما أن العديد من المرجعيات الدينية ودور الإفتاء في معظم الدول الاسلامية حرّمت ممارسة هكذا نشاط.
آملين أخذ هذا التحذير بعين الاعتبار، والتعاون لوقف هذه الظاهرة الغريبة وإنقاذ المجتمع من نتائجها الضارّة، مع التنبيه إلى أنّ عدم التجاوب مع هذا التحريم يعرّض صاحبه لعقوبة الإبعاد والمحاسبة الصارمة دينياً واجتماعياً.