2015-06-17
فالصّيامُ فريضةٌ ﴿أيَّامًا معدُوداتٍ﴾ حُدِّدت من مستهلّ الشهر الفضيل الّذي تنزَّل فيه الهدى نورًا للعالمين ورحمة
كم نحنُ بحاجةٍ اليوم إلى الارتواء من مَعين مقاصد الله الرُّوحيَّة في كتابه العظيم. إنَّ في ذلك تطهيرًا للقلوبِ وللنوايا ولما هو مَخفيّ في الصُّدور. كم نحنُ بحاجةٍ اليوم إلى التنبُّه لحقائق الدَّعوةِ التي لا يُمكنُ إلا أن تكونَ مرتبطةً ومتجذِّرةً بإرادةِ الله الخيِّرة الرَّحيمة العادلة حتمًا. لا يُمكنُ للمؤمنِ أن يَركَنَ لدوافعَ المطالبِ والمصالحِ الدّنيويَّة على حِساب وقوفه في يوم الحقّ أمام ربٍّ لا يُبخَسُ بين يدَيه عملٌ، لا في طاعة ولا في معصية.
لا يُمكِن للسياسةِ البشريَّةِ أن تخرجَ عن المنطوق القرآني الشريف ﴿وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ﴾ [النساء 58]. والمسلمُ المؤمنُ الموحِّدُ اليوم يريدُ العدل كي تكونَ له حياةٌ كريمة ينصرفُ فيها إلى عيشٍ كريم لا تكونُ سُنَّتُه الخوفَ على ما ملَّكه الله من روحٍ ورزق. ولو اتَّخذ أيُّ حاكمٍ في هذه الحياة الدّنيا الزائلة مسارَ العدل لأَسْكَنتْه النَّاسُ قلوبَها.
لا يسعنا في هذا الشهر الفضيل إلا أن نكرِّرَ ثوابتنا في المواقف التي نكرِّرها في كلّ مناسبة فيما يتعلَّق ببلدنا لبنان، والبلاد الشقيقة التي نخصّ منها مَن يكابد نارَ الأزمات المصيريَّة. سائلين الله تعالى بخشوعٍ ومهابة أن يُلهمَنا إلى الحقائق النورانيَّة التي غمرت النّفوسَ والعقولَ برحماتٍ منه ورأفة تكريمًا لخَلقه. وسائلينه أن يَعمَّ في بقاع الأرض بالأمن والعزَّة والفرج بعد شدائد الدّهر ونوائبِه. راجين أن يعفو عنَّا ويغفر لنا ذنوبَنا وغفلاتنا. وأن يحميَ المخلصين الصادقين من كلّ عدوان، وأن يشملَ برحمته كلّ توّابٍ أوّاب قاصدٍ وجهه. وآملين أن يكون هذا الشّهر الفضيل مُبارَكًا على كافَّة المسلمين وجميع اللبنانيين. إنه هوَ السَّميع العليم.
بيروت في: 30 شعبان 1436ه.
الموافق في 17/6/2015م.