المجلس المذهبي | مجلة الضحي
الجمعة ٢٦ نيسان ٢٠٢٤ - 17 شوال 1445
كلمة سماحة شيخ العقل الشيخ نعيم حسن لمؤتمر الـADS 2015

2015-06-23

بسم الله الرحمن الرحيم قَالَ تَعَالَى واعتصموا بحبل الله ولاتفرقوا           
السلام عليكم ورحمة المولى وبركاته،      
 أحييكم من وطنكم، من المكان الذي ترعرعت فيه هويّتنا المعروفية التي هي في جوهرها، هوية إنسانية، لا فضل فيها لأمرئ على أخيه إلا بالتقوى والمعرفة والنية الحسنة والعمل الصالح، وهي الثوابت التي بها يكون الإنسان موحداً أو لا يكون.     إن انعقاد المؤتمر السنوي لجمعيّة الدروز الأميركيين يبقى حدَثًا سنويًا له معناه الكبير. فالإرادات التي سعتْ منذ البداية ليكون هذا الأمر ممكناً، هي إرادات طيبة. ان المؤتمر يعني اللقاء، واجتماع الشمل، والحوار، وتبادل الأفكار ومشاعر الود والتعارف وهذه أمور يجب ان نعمل من أجلها جميعًا، بالغيرة المعروفية، والمروءةِ التوحيدية، والآداب الأصيلة التي تشكل تراثنا الإنساني العريق. وهذا ما ندعو اليه، ان تظل المساعي مبذولة، والقلوب منجذبة، والنوايا موجهة لوحدة الكلمة، والتحلق حول معاني قيمنا الشريفة، وبذل الجهود على الدوام بالتعاون والتعاضد والائتلاف. أبنائي الأعزاء      
إن ركب الحضارة اليوم يعاني من إشكالات خطيرة في الأمن والاقتصاد والأخلاق وهي تحديات تواجه تطوير أية بنية تنظيمية، ولكن من أهم الدروس التي يتعلّمها الفرد من تاريخ الحضارة، هو ان قيمة المبادرات الفردية تكمن في إمكان تخصيبها في الانتظام العام للأمور، وإلا بقيت خادمةً للمصلحة الشخصية.        
إن المبادرة الفردية للكثير من رجالاتنا في حقل الأعمال ساهمت في تحقيق انجازات اقتصادية، ومشاريع ناجحة، واستثمارات منتجة من بلدان الخليج الى الأميركيّتين. هذا نجاح مشهود، لم ينتفع منه أصحابُه وحسب، بل البلدان التي احتضنتهم، ووطنهم الأم ايضاً عبر العوائد للعائلات وأعمال الخير التي أصابت العديد من مؤسساتنا وجمعياتنا، وهذه إنجازات نقف إزاءها باحترام وتقدير كبيرين، سائلين الله سُبحَانََه تَعَالَى أن يوفق أبناءنا، ويسدِّد خطاهُم، ويردّ عنهُم غوائل الزمان. أبنائي الأعزاء،        
لكنَّ المبادرات الفرديّة في حقل المعرفة والتربية الصحيحتين فيما يتعلَّق بتراثنا الشريف، عجزت في التعبير المفيد والدقيق، عن حقائق المسلك الروحي الراقي في أصوله. بل نرى، ويرى كل صادقٍ نزيه، ان المبادرات الشخصية في هذا الحقل، أدَّت الى تشويش كبير، وتناقضات شائكة، ولا نخفي قلقنا من تطوُّر هذه المبادرات الى أشكال متقدمة من مشاريع لا يُعرف لها أفق.        
أقول لكم يكفينا ألم الغربة فلا تجعلوا العواطف تتحجر وتتحول كالأرض التي أقحلت لغياب شبابها.      
مشيخة العقل اليوم هي غير الماضي، هي مؤسسة بكل معنى الكلمة، ولكنها تحتاج الى تظافر الجهود، فالتراكم الحاصل يزيد عن خمسين عامًا.        
نعود الى الوطن فالظروف الحالية هي في غاية الدقة، خاصة لدى أهلنا في جبل العرب. اننا ندعم الجهود التي يقوم بها معالي الأستاذ وليد بك جنبلاط لتجنيب أهلنا من الوقوع في نار الفتن البغيضة.       
وصيتي اليوم، وكل يوم احذروا الخلاف فإنه يورّث الفشل.       
لا بد أن أوجه التحية الى رئيس الجمعية الدرزية الأميركية سلفاً وخلفاً.    
وأخيراً، نسأله تَعَالىَ أن يوفقنا وإياكم في كل خير، ويأخذ بيدنا جميعاً في كل ما فيه رضاه، وأن يُنير قلوبنا بحُب الحق، وأن يثبِّت نوايانا في الشوق الى الفضائل التي بها نحقق إنسانيَّتنا العاقلة، وأن يقينا من كل شرّ، إنه هو السَّميع العليم، الغفور الرّحيم.
* * * * * * * *