المجلس المذهبي | مجلة الضحي
الجمعة ٢٦ نيسان ٢٠٢٤ - 17 شوال 1445
كلمة مؤتمر الجمعية الدرزية الأميركية في هيوستن - 22-11-2008

2008-11-22

}الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين{    إخواننا وأبناءنا الأعزاء المشاركين في مؤتمر الجمعية الدرزية الأميركية في هيوستن،    أيها السادةُ والسيّدات، أيها الشباب الموحد،      نحييكم من وطنكم الغالي لبنان، ومن جبلكم الأشم، من وديانه ومرتفعاته، نحييكم من مجتمع بني معروف الأصيل ومن قلب التوحيد النابض، تحية المحبة والأبوّة، والأخوة، رافعين الدُعاء لعزّته تعالى أن يوفقّنا وإيّاكم لعمل الخير وجمع الشمل وحفظ التراث والسير على مبادئ التوحيد إيماناً وفكراً وممارسة.      لقد ابتعدتم عن وطنكم الأم، هاجرتم إلى وراء البحار لأسباب كان يعاني منها الوطن، أهمها عدم وجود الاستقرار الأمني وعدم وجود فرص عمل تلبي طموحاتكم وللأسف ما زال النضال مستمر من أجلها، فانتقلتم إلى أرض كريمة مستقرة معطاءة.      ونحن لا ننسى كم قاست الأمهات في الوطن من لوعة الشوق إلى رسالة أو خبر عن فلذات أكبادهن. وأصبحنا أمام واقع مقيم ومغترب وإذا بقضايا عديدة عالقة أهمها الخوف من الضياع وهواجس ومطالب ومصاعب وأفكار لرب العائلة في المهجر وكيف تتعزز الرابطة التي تجمع المغترب بطائفته ووطنه، نعم من حقكم التفتيش عن الهوية الجامعة في بلاد الاغتراب ولكن ليس من حق المغترب تحميل الوطن الأم المسؤولية أمام العواصف الأمنية والسياسية التي تمر على وطننا والتي جعلت شتاء لبنان طويلاً طويلاً طويلاً.      فعسى أن لا تكون هجرتكم اغتراباً عن أهلكم وتاريخكم وتراثكم، وعسى أن تتمكنوا بجدّكم واجتهادكم وتعاونكم واندفاعكم من مواجهة مخاطر الغُربة وتحديّات الحياة واحتمالات الضياع والتشتّت، من خلال التأكيد الدائم والقوي على تماسك العائلة والتمسك بالقيم والفضائل وتحقيق الإيمان بالله تعالى في ذواتكم والالتزام بالتوحيد قولاً وفعلاً، لتكونوا خلفاً صالحاً لسلف صالح من الآباء والأجداد والأعلام الثقات الذين صانوا الأمانة في صدورهم ونطقوا بالصدق وحافظوا على بعضهم البعض ودافعوا عن أصالتهم وأرضهم، فكانوا صورة مشرقة ومثالاً في الوطنية والعروبة الأصيلة والإنسانية الحقيقية.    أيها الأحباء،      سُررت كثيراً عندما تسلمت دعوتكم من الشيخ مصطفى مكارم التي تتضمن في صفحتها الأولى أهداف الجمعية وهي المحافظة على النسب العريق والتذكير بالعادات والتقاليد وقد ورد في الصفحة الثالثة من الدعوة محاضرات حول هذا الموضوع، آمل أن ترسلوا لنا تسجيلاً أو نسخاً عن هذه المحاضرات لنرى وجهة نظركم في المحافظة على النسب والعادات كما ذكرت، وهذه مهمة سامية آمل أن تنجحوا في تحقيقها.      كما نبارك ما ورد في الصفحة الثانية من الدعوة أي تقديمات الجمعية في المنح والمساعدات. وإن هذه المساعدات تعتبر أفكاراً مشتركة مع أهدافنا التي نص عليها قانون تنظيم شؤون طائفة الموحدين الدروز، وقد بدأنا في المجلس المذهبي وفي مشيخة العقل بتنظيم مؤسساتنا وبناء قاعدة راسخة في الوطن تمكّننا من الانطلاق بثبات وجديَّة ومسؤولية لإعادة جمع الأوقاف الدرزية واستثمارها كما يجب، ولإطلاق منهج تربوي تثقيفي يُفيد أبناءنا في الوطن وفي بلاد الاغتراب، ولوضع برنامج اجتماعي اقتصادي، يمكننا من تحسين واقعنا ومساعدة المرضى والمحتاجين من أهلنا وتشجيع طلابنا المتفوقين وأبنائنا المبدعين. والمحافظة على أرضنا وهذا ما يتطلب منّا التضحية والعطاء بلا منّة ولا كلل، وما يجعلُنا نُطلق الصوتَ عالياً لأهلنا في الوطن وفي المغتربات لكي يتحملوا مسؤولياتهم ويشبكوا أيديهم للعمل المشترك، إن غيرتكم في الملمّات واضحة وثابتة. لكن آن الأوان لنا أن ننطلق بوعي واندفاع إلى رحاب التوحيد والمعروف، فعلاً وحقيقةً، لا إسماً فقط ولا تغنيّاً بأمجاد مَضَتْ.      كما أود أن أوجه الشكر إلى كل فرد من الرؤساء والأعضاء النشيطين بدون تسمية ولكل من ساهم في تأسيس جمعيتكم الكريمة، وإن كنت أرغب لو كانت التسمية باسم "الجمعية الأميركية للموحدين الدروز".    أيهـا الأحبـاء،      من القضايا الأساسية العالقة بين المُقيم والمُغترب التواصل الروحي والشؤون المذهبية. لقد قلت سابقاً وأكرر اليوم، نحن على استعداد للحوار ولكن هذا الحوار لا يكفيه جلسة لمدة ساعة أو نصف ساعة من الزمن ولا يمكن أن نحصل على نتيجة أو نجاحاً بالتواصل المنفرد، بل من المفترض إعطاء الوقت الكافي للمناقشة، وان تناقش هذه الأمور مع مجموعة في لقاءٍ موسعٍ فاعل.      وهذا الأمر يحتاج إلى تنسيق جهود بيننا وبينكم، كما نأمل تزويدنا باقتراحات وآراء لكم في هذا الموضوع دون أن ننسى أننا في مسيرتنا الجديدة في مشيخة العقل والمجلس المذهبي وبدعم القائد الوطني الكبير الأستاذ وليد بك جنبلاط لا زلنا في أول الطريق بل في الخطوة الأولى منها.    أيها الأحباء،      خلال مؤتمركم تبدأ عشور عيد الأضحى المبارك أعاده الله عليكم بالخير واليُمن والبركات، نرفق رسالة حول هذه المناسبة يمكنكم توزيعها على جميل المشاركين وغيرهم إذا أردتم.    وأخيراً قال الشاعر:                       وكَمْ يَمْضِي الفِرَاقُ بِلا لِقَاءٍ      ولَكِنْ لا لِقَـاءَ بِـلا فِـرًَاقِ    وقـال آخــر:                      قَدْ يَجْمَعُ الله الشَّتِيتَيْنِ بَعْدَمَا       يَظُنَّانِ كُلِّ الظَّنِّ أَنْ لا تَلاَقِيَا.  عبيه في: 22/11/2008