المجلس المذهبي | مجلة الضحي
الثلثاء ٠٣ كانون الأول ٢٠٢٤ - 1 جمادي الثاني 1446
سماحة شيخ العقل زار بعقلين ورأس المتن: طائفتنا عربية تاريخها عروبي ومظلّتها ‏الدولة والمؤسسات ‏

2024-07-20

شدّد سماحة شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي أبي المنى على ‏وحدة الصف والموقف في مواجهة تحدّيات الوطن ‏والمنطقة بأسرها، مؤكّداً أن طائفة ‏الموحّدين الدروز همّها الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي وليس لها أي مشروع ‏سياسي ‏خاص بها في أي مكان موجودة فيه، وفي لبنان فإننا ندعم كل ما من شأنه أن ‏يعزّز من مكانة مؤسسات الدولة، التي تبقى هي المظلّة ‏الوطنية الجامعة. فخطّها وطني ‏عربي وتاريخها عروبي، ونحن ثابتون في أرضنا، وإننا كمشيخة العقل نكّمل ذاك الدور ‏مع القيادة السياسية ‏والنخب الاجتماعية، من خلال دور هذه الطائفة ليبقى جامعاً لاحماً، ‏في هذا الوطن القوي بغنى تنوّعه ومميزاته الفريدة، وستبقى رسالتنا ‏واحدة موحّدة للجمع ‏وليس للتفرقة، مستمدّة من مسلكنا التوحيدي ونهج السلف الصالح‎.‎
 
‎ ‎كلام سماحة شيخ العقل جاء خلال جولة روحية اجتماعية قام بها في بلدة بعقلين والتقى ‏خلالها فعاليات البلدة الروحية والدينية والاجتماعية ‏والأهلية، رافقه فيها وفد من المشايخ ‏وأعضاء من المجلس المذهبي والمستشارين‎. ‎وزار خلالها عضو اللقاء الديمقراطي النائب ‏مروان ‏حمادة، الذي استقبله بحضور جمع من المشايخ والشخصيات ومعتمد الحزب ‏التقدمي الاشتراكي في البلدة وائل الفرّاجي وممثلين عن عدد ‏من المؤسسات. وبعد كلمة ‏ترحيب من النائب حمادة بسماحة شيخ العقل، مؤكّداً على ‏‎"‎الدور الروحي والوطني الهام ‏الذي يلعبه على ‏مستوى الطائفة والوطن، لا سيما بعد الفراغ الذي حصل بوفاة الشيخين ‏الجليلين أبو حسن عارف حلاوي وأبو محمد جواد ولي الدين على ‏مستوى المنطقة، ‏معتبراً أن هذا الدور مكمل لدور القيادة السياسية في المختارة لتبقى الطائفة ضمن نهجها ‏الوحدوي والوفاقي مع الجميع‎". ‎
 
وردّ سماحة الشيخ أبي المنى بكلمة نوّه فيها بدوره بما يقوم به النائب حمادة الى جانب ‏القيادة السياسية الحكيمة لوليد ‏‎"‎بك‎" ‎جنبلاط على ‏مدى عشرات السنوات، قائلاً‎: "‎عرفناه في ‏أكثر من موقعة ومحطة قامة وطنية ثابتة ومخلصة، ودائماً في ظل تلك الحكمة والدراية ‏التي ‏تتميز بها ولا تزال المختارة، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي مرّت ‏والراهنة‎". ‎
 
وخلال زيارته لرجل الاعمال المهندس حسن الغصيني، بحضور رئيس اللجنة المالية في ‏المجلس المذهبي الدكتور عماد الغصيني ورئيس ‏بلدية بعقلين عبد الله الغصيني ‏وشخصيات، وبعد الترحيب، شدّد سماحة شيخ العقل على ‏‎"‎أهمية العمل المطلوب لتحصين ‏واقع الطائفة على ‏مختلف المستويات‎"‎، مشيراً إلى خطته بتعزيز مراكز الثقافة الروحية ‏والتوجيهية التي افتتحت في عدد من المناطق وستستكمل في الباقي ‏منها، من أجل الحفاظ ‏على الهوية الروحية وصون مستقبل اجيالنا وتراث الطائفة والتمسك بالثوابت ‏والأساسيات‎". ‎ولافتاً الى مواضيع ‏تتطلب المزيد من الجهود والعمل على مستوى الرعاية ‏الاجتماعية والأسرية والمشاريع الاستثمارية في الاملاك الوقفية، في ظل المصاعب ‏التي ‏تواجه الوطن، والحاجة الى تعزيز الدور الايجابي الذي تلعبه مؤسساتنا اليوم، لكن كلّه ‏يلزمه الأكثر‎". ‎
 
‎ ‎وكذلك في زيارتيه للسيدين جميل راجح وناصر سري الدين، حيث لفت سماحة شيخ ‏العقل الى ‏‎"‎دور الطائفة الجامع والوطني العربي الذي ‏سيبقى مستمراً وبثبات على هذه ‏الارض، التي قدّمنا لأجلها التضحيات الجسيمة، وهو دور مكمل للدور الذي تقوم به ‏القيادة السياسية لتبقى ‏طائفتنا لاحمة جامعة، وليس عامل تفرقة، وهذا مستمد من مسلكنا ‏التوحيدي على تلك القاعدة التي قلناها سابقاً: المحبة المسيحية والرحمة ‏الاسلامية والأخوة ‏التوحيدية والانسانية‎". ‎وزار سماحة شيخ العقل والوفد المرافق الشيخ الجليل أبو سليمان ‏سعيد سري الدين، بحضور ‏الشيخين الجليلين أبو زين الدين حسن غنام وأبو فايز أمين ‏مكارم وجمع من المشايخ، وانتقل الجميع بعد ذلك الى منزل الشيخ حاتم ابو ‏ضرغم تلبية ‏لدعوته الى لقاء ديني، بمشاركة اضافة الى سماحة شيخ العقل والمشايخ الاجلاء: غنام ‏ومكارم وسري الدين: المشايخ الاجلاء: ‏ابو طاهر منير بركة، ابو داوود منير القضماني، ‏ابو حسن عادل النمر وجمع من المشايخ‎. ‎
‎ ‎وتحدث سماحة الشيخ أبي المنى خلال اللقاء، فأكّد على ‏‎"‎ضرورة وحدة الصف والموقف ‏وجمع الشمل، لا سيما في هذه المرحلة الدقيقة ‏التي تمر على لبنان والمنطقة، وكذلك ‏التكاتف والتضامن المطلوبين حيال ذلك، وقال: الحكمة والتروّي والتعقّل سمات أساسية ‏يجب التحلّي ‏بها من الجميع، وخصوصاً أبناء العشيرة المعروفية، فما تقوم به اسرائيل من ‏ارتكابات وفظائع بحق الشعب الفلسطيني وضد الانسانية يندّى ‏لها الجبين ومرفوضة ‏تماماً، وتندرج في إطار الجرائم التي تخالف القوانين والأعراف والشرع الدولية‎". ‎
 
‎وختام الجولة في بعقلين، قدّم سماحة الشيخ أبي المنى والوفد المرافق التعازي بالمرحوم ‏الشيخ أبو غسان حليم ابو حاطوم ثم بالمرحومتين ‏ام سامر ابو حاطوم حمادة وام عمر ابو ‏ضرغم‎.‎
 
‎ ‎رأس المتن ‏
‎ ‎وكان سماحة شيخ العقل شارك أمس في وداع الأمين العام السابق للمؤسسة الدرزية ‏للرعاية الاجتماعية ورئيس بلدية رأس المتن السابق ‏المرحوم عصام فايز مكارم، الذي ‏نعاه الاستاذ وليد جنبلاط وآل مكارم وعموم عائلات البلدة، في المأتم المهيب، وحضره ‏النائب هادي أبو ‏الحسن ممثلاً الزعيم الوطني وليد جنبلاط ورئيس كتلة اللقاء الديمقراطي ‏والحزب التقدمي الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط، وزير التربية ‏والتعليم العالي عباس ‏الحلبي، سماحة الشيخ القاضي نعيم حسن، الشيخ الخليل أبو فايز أمين مكارم، النائب ‏حمادة، أمين عام مؤسسة كمال ‏جنبلاط الاجتماعية النائب السابق ايمن شقير، أعضاء من ‏المجلس المذهبي وحشد من المشايخ والفاعليات والاهالي‎. ‎

شيخ العقل
وتخلّل التشييع كلمات عدة، لكلّ من النائب أبو الحسن والوزير الحلبي والسيدين جمال ‏وحسيب مكارم ورئيس البلدية رجا بو رسلان، ‏وأمين عام المؤسسة الدرزية للرعاية ‏الاجتماعية غازي جنبلاط والشيخ حسان حلاوي باسم مؤسسة المرحوم الشيخ ابو حسن ‏عارف ‏حلاوي وألقى سماحة شيخ العقل كلمة وشهادة بالراحل قائلاً: بسم الله الرحمن ‏الرحيم ‏‎"‎مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ ‏فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم ‏مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا‎". ‎الشيخ الجليل أبو فايز أمين مكارم، المشايخُ الأجلّاءُ، أبناءَ ‏المتن والجبل والوطن، ‏يا أهلَ راس المتن، ويا أبناء العائلة المكارمية، يا كرام القوم، ‏معكم ومع صلواتكم ودعائكم نودّع اليوم شيخَ الكرم والمكارم عصام مكارم، ‏القامةَ المتنيّةَ ‏الشامخةَ كما صنوبراتُ راس المتن، والعلمَ المعروفيَّ المرفرف فوق تلال الجبل ‏والوطن…معكم ومعَ شهاداتِكم ومحبّتِكم ‏نودّع الفارسَ العصاميَّ المدرّعَ بالجود والعطاء، ‏نعم لقد مات ورحل عصام مكارم، وهذا هو القدرُ وتلك هي إرادة الله ‏‎"‎الَّذِي خَلَقَ ‏الْمَوْتَ ‏وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ‎"‎، رحل عن هذه الدنيا ولكن لم ‏يرحلْ ذكرُه الطيّبُ وصيتُه الحميد... لقد غاب ‏وجهُ البِشر والخير ولكن بقيَ عملُ البرّ ‏والمعروف.. ليس من قبيل الصدفة أو المجاملة أن ينعاه الزعيم الوطني وليد بك جنبلاط ‏إلى جانب ‏عائلته وأهالي بلدته الكرام، وهو القائدُ العارفُ بأسرار الرجال ومواقف ‏الأبطال، وهو مَن رافقه في أيام الضِّيقِ والصعاب فعرف فيه ‏الأريحيّةَ والالتزامَ وروحَ ‏العطاء، وليس من غريب الأمر أن نكتبَ عنه ما كتبنا وأن يجتمع على محبته وتقديره ‏أهلُ الفضل والوفاء، وهو ‏الزارع بينهم وفيهم من جميل سجاياه وكرم أياديه ما يغني عن ‏قصائد المدح وألوان الشهادات... عصام مكارم حمل ورفاقَه همَّ المؤسسة ‏الدرزية للرعاية ‏الاجتماعية، تأسيساً وإدارةً واحتضاناً لأبناء الطائفة حتى عرفت باسمه؛ مؤسسة عصام ‏مكارم، إذ كان له الفضلُ الأولُ ‏والأكبرُ في ما قدَّمته على مدى عشرات السنين من مكتبِها ‏الكائن آنذاك في دار الطائفة، وما زلنا نذكرُه بالخير ونأمل أن يكونَ رحيلُه اليومَ ‏حافزاً لنا ‏لإعادة تفعيل دورِها وإحياء ذكراه. نرثيك يا أبا وائل، حيث الكلمات إشاراتُ محبةٍ ‏واعترافٍ وافتقادٍ، وأنت مَن كنت من نخبة ‏المجتمع، أحببت الناس وأحبُّوك، فاعترفوا لك ‏بالفضل وافتقدوك، وها هم اليومَ يودِّعونك بحسرة ورضا وتسليم‎:‎
 
‎ ‎القلبُ يشكو والفؤادُ سقيمُ ‏
أمَّا اليقينُ فنابضٌ وسليمُ ‏
غاب العصامُ عنِ العيونِ، وإنّما ‏
ما غاب ذِكرٌ طيِّبٌ وكريمُ ‏
 
هذه هي سنّةُ الوجود، وتلك هي طبيعةُ الإنسان، والموحِّدون أَولى بحمل هذه العقيدةِ في ‏قلوبِهم ومواجهة الموت بإرادة الحياة وبالرضا ‏والتسليم والإقرار بقوله تعالى‎: "‎وَلَن يُؤَخِّرَ ‏اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا ۚ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ‎"‎، فالموت حقٌّ والتأثُّرُ واقعٌ، ولكنّ ‏الروحَ خالدةٌ ‏والعملُ محفورٌ في سجلِّ الزمن والمجتمع والذاكرة‎: "‎فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ‏خَيْرًا يَرَهُ، وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ‎". ‎الموتُ لا يُنهي ‏الحياةَ، وإنَّما ‏تَفنى به الأعمارُ والأعوامُ إنَّا ﭐعتنقنا الحقَّ حقَّاً، لم يَعُدْ يَثني الموحِّدَ في ‏الحياةِ حِمامُ فالروحُ خالدةٌ بما كسَبَتْ ، ولا ‏يَقوى عليها الموتُ والإعدامُ في وداعك يا ‏أبا وائل، وأمام هذا الجَمعِ من المودِّعين والمشيِّعين نشهدُ بأنّك، وإنِ اغتربت يوماً عن ‏أرضِك ‏لكنَّك ما اغتربت أبداً عن هويَّتِك وهمومِ قومِك وبلادِك، بل بقيت ملتصقاً بقضايا ‏الناس والوطن، فعرفك المجتمعُ وعرفتك المؤسساتُ ‏الصحيةُ والاجتماعيةُ والتربوية واحداً ‏من أُولئك الرجال المتميِّزين بطِيبِ سجاياهم وكريم أخلاقِهم وسخاء أياديهم. كم نحن بحاجة ‏لأمثالكم، ‏فالمجتمع لا يحيا سليماً بدون مثلِ هذه النخبة من أبنائه الحاضرين أمام ‏مسؤولياتِهم، وبدون روح العطاء المتأصِّلة فيهم، أكان عطاءً بالمال أم ‏بالفكر والقلب ‏ومواقف الرجال. لقد كنَّا وإيَّاك مع القيادة الحكيمة الثابتة ومع مشايخنا الأجلَّاء الأطهار ‏ومع أمثالك من الكبار قلباً واحداً ويداً ‏واحدة في معركة البقاء والوجود، في زمن الدفاع ‏والثبات، كما في زمن المصالحة وبلسمة الجراح وترسيخ قواعد العيش الواحد في ‏جبل ‏الشموخ والعنفوان... ومعك ومِن بعدك، وكلٌّ من موقعِه، ولكننا جميعاً من الموقعِ ‏التوحيدي والوطني الواحد، كنَّا وسنستمرُّ في دورِنا ‏التاريخيّ الجامع، وفي حمل الهوية ‏الوطنية العربية الأصيلة، متمسكين بإرثِنا الإسلاميِّ التوحيديِّ الثمين، ومدافعين عن ‏الكرامة والوجود ‏وقضايا الأمّة ولن نبدِّلَ تبديلا، لائذين بحِمى الوطن والدولة والعيش ‏الواحد والشراكة الوطنية، ساعين إلى نهضة المؤسسات في مواجهة ‏التحديات والمخاطر، ‏بالثقافة التوحيدية والرعاية الأسرية والمشاريع الاستثمارية، وهذا لَعمري ما كان الشيخ ‏عصام مكارم يحلُمُ به ويسعى ‏إليه، وإننا في مشيخة العقل وفي المجلس المذهبي ماضون ‏بالعمل لصون الأمانة وتعزيز ثقة الناس بمؤسساتهم، بالرغم من محاولات ‏التشكيك ‏والإحباط، وسنحقّق معاً حلُمَ أبي وائل وأمثالِه بعون الله تعالى وبتعاون الخيِّرين وتضافرِ ‏جهودِ المخلصين من أهلِنا. لروحك نسأل ‏الرحمة والغفران وجزيل الثواب، ولعائلتك ‏السلامةَ وطيبَ البقاء. عظّم الله أجوركم وحفِظكم سالمين، وإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون‏‎.
 
وبعد الشهادة امّ سماحة الشيخ أبي المنى الصلاة والى جانبه المصلّي الشيخ سليم ‏الاحمدية، ليوارى الجثمان بعد ذلك الثرى في مدافن العائلة ‏في البلدة‎.‎
 
اتصال الهجري
واتصل سماحته بشيخ العقل في سوريا الشيخ حكمت الهجري مطمئناً الى وضع السويداء ‏ومعزياً بالمغدور أبو غيث مرهج الجرماني ‏وداعياً الى ضبط النفس ومواجهة الأمور ‏بالحكمة التي يتميز بها سماحته‎.‎