2024-02-02
وجاء في نص الكلمة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحضور الكريم
شرّفني سماحة شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي ابي المنى، فكلفني نقل تحياته الى الحضور الكريم، وتقديره البالغ لمنظمي هذا اللقاء الجامع، الذي يرتدي طابعا خاصا، في خضم اجواء القلق الذي يعيشها لبنان وشعوب المنطقة العالم، من اضطرابات لم تكن لتحدث، لولا تراجع قيم الانسانية، وتعثر سبل الحوار، وكل ما من شأنه تعزيز التلاقي وانجاح المسيرةِ الايمانية، والتضحية التي تستحقها مثل هكذا أوطان.
الاخوةُ والاخوات
نتحلقُ اليومَ واياكم حول مضامينِ وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك، فنجنيَ معا عُصارةَ مراحلٍَ انطوى بها العالم على مجرياتٍ، وسرعةَ تحولاتٍ وانقلاباتٍ، استخلَصت نتائجَ واقعية ومقارباتٍ مهمة، صيغت مبادئَ، امتزجت جمالياتُها بين الابداع الديني ومآثر الاخاء البشري ومعانيَ روح الحياة، نحو عالمٍ اكثرَ انسانيةٍ وأعزَّ كرامةٍ بشرية. انطلاقا من ثالوثٍ ايمانيٍ واحدٍ بالله، عمادُه المحبةُ المسيحية والرحمةُ الاسلامية والاخوةُ التوحيديةُ الانسانية.
لقد استشرف صانِعا تلك الوثيقة باكرا مآل هذا الكوكب الواقف اليوم على شفا جرفِ هاويةِ العبث والحطام، فخطّا بمدادٍ من ذهبٍ، وصايا أمامَ اللهَ والتاريخ، ذودا عن قيمِ السلامِ والعدلِ والخيرِ والجمالِ والعيشِ المشترك، كطوقِ نجاةٍ متبقٍ من الردّى، يقي البشريةَ شرَّ العنفَ والتدميرِ الذاتي، والابادات الجماعيةِ الماثلةِ أمامَنا، مع تعددِ مفاهيمِ ثقافةِ الموت السائدة، في ظل لُعبةٍ قذرة بين الدينِ والسياسة، لانتاجِ لغةِ تطرفٍ وتكفيرٍ، لكي تشقَ السفنُ عبابَ بحرَ الغمِّ، من وهم النجاة الى مصيدةِ ما هو أشدُ من القهر والظلم. فيما البديلُ هو نشرُ ثقافةِ التسامح، لبناءِ جسرِ العبورِ، من الكراهيةِ الى السلام ومن الطائفيةِ الى المواطنةِ الحقّة.
السادةُ العلماءُ والأخوةُ الاعزاء..
غنيٌ القول بأن الحوارَ المتوجب بين المؤمنين، المشروطَ بثقافة روح الحياة ومعاني الوجود، شأنه التخفيفُ من الهواجس المجتمعية بكافة أشكالها، اذا ما إلتمسنا من تلك القيم، التي أشبعها فضيلةُ الامام أحمد الطيّب وقداسةُ البابا فرنسيس في تلك الوثيقة ما يروي عروقَ مساحاتِ التلاقي، وأسُس المشتركات الروحيةِ والإنسانية والاجتماعية التي تعاني جفافا، فتصبحُ حينذاك الخميرةَ المجديةَ لحواراتٍ بين المؤمنينَ، يتوقُ اليها كلُ ذوي الصلاح، ولا يقوى عليها إلا ما يغيّب الضمير الإنساني ويُقصي الأخلاقَ الدينيةَ، فيتبدّى على مآسٍ كما حالُ عالمِنا اليومَ. على أن غايةَ التسامح، تبقى فيما يتعدّى قبول الآخر بحقيقيته، لكل ما يتعيّنُ فعلُه ربطا بالنفوسِ والعقولِ، لنصبحَ ساعتئذٍ صنّاعَ سلامٍ حقيقيين.
والحال، الشتاءُ باردٌ لمن لا يملكُ دفءَ المعاني في كلمات الوثيقةِ، التي هي أشبهُ بالوديعةِ المقدسة، نسترشدُ منها تلكَ القيم ونرفعُ الحُجُبَ السريةِ، لاجل توفيرِ المداخلِ والكواتِ، التي تَقِينا من تقلباتِ الدهرِ وتحفظُ لنا لبنانَ الميثاقَ والدستورَ والصيغةَ والكيان وكلَ أماني المستقبل، والذي لا يخُتزلُ بفكرٍ لا يحاكي مميزات تنوعهِ وأساسات وجودهِ.
انها مسؤوليتُنا جميعاً على مستوى المرجعيات الروحية والعلماء ورجال الدين والنخبِ المثقفة والمؤسسات الدينية والتربويةِ والثقافية والاعلامية والاجتماعية، لنحققَ معاً رسالة الأخوّةِ الإنسانية، والله وليُّ التوفيق والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ثم تلقى الشيخ زين الدين درعا تقديرية بالمناسبة.
وصدرت في الختام توصيات.