المجلس المذهبي | مجلة الضحي
الاثنين ٢٣ كانون الأول ٢٠٢٤ - 21 جمادي الثاني 1446
سماحة شيخ العقل اتصل بعون ومرجعيات للتهنئة بالميلاد: "نجدد إرادة إنقاذ لبنان"

2021-12-27

أجرى سماحة شيخ عقل طائفة الموّحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي ابي المنى اتصالات بكل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة الراعي، وبطريرك انطاكيا وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يوسف الاول عبسي، وقائد الجيش العماد جوزيف عون للتهنئة بالميلاد والسنة الجديدة، و"تأكيد الرجاء والدعاء من أجل خير لبنان وشعبه".
ودعا سماحته في حديث عبر اذاعة الشرق مع الزميلة وردة الزاملالى "التضامن الاجتماعي والروحي والسياسي في مواجهة معاناة لبنان الذي يحتاج الى تكثيف الجهود والبحث عن المخارج المطلوبة، وتقريب وجهات النظر وتضييق مساحات الخلاف. ورأى ان "تحييد لبنان عن بعض القضايا المعقّدة ربما يكون ضروريا لا سيما تلك التي تثير الخلافات".
وقال سماحته ردا على سؤال في مناسبة الميلاد: "اننا نقدّم الكلمة الطيبة والمحبة والأمل والرجاء النابعة من رسالة صاحب هذه الذكرى، فرسالة السيد المسيح عليه السلام هي محبة وصفاء وغفران وتسامح،اما هدية العيد فتكون في التزامنا وتعمقّنا في عيش هذه المحبة والأمل رغم كل المآسي، وانني بهذه المناسبة أتوجه بتحية المعايدة الى اللبنانيين عموما والمسيحيين بشكل خاص".
وبالنسبة الى دور المرجعيات الروحية في المرحلة الراهنة التي يمر بها لبنان رأى سماحته: "صعوبات عدة ونتساءل بحسرة وألم حول الاسباب التي آلت اليها كل هذه الامور. نرفع صوت العقل والحكمة لعلّ من يسمع في زمن تكثر في المآسي والأوجاع، ونقول "من له أذنان سامعتان فليسمع". ماذا ننتظر لإنقاذ البلاد، ألا تحرّكنا الأعياد المجيدة وكل أنين الموجوعين ودموع المحزونين، وما وصلنا إليه من تراجع وتدهور وانهيار، وكل المساعي الداخلية المخلصة ونداءات المرجعيات الروحية؟! فإذا لم تحرّكنا هذه وكل المبادرات لا سيما الخارجية ومنها زيارة أمين عام الأمم المتحدة الذي التقينا به منذ أيام كيف الحال اذا!! قال لنا بوضوح: "انكم كمرجعيات روحية تتحملّون مسؤولية أخلاقية وروحية في انقاذ بلدكم، وارشدونا الى سبل الإنقاذ، وعلّمونا من أين نبدأ وكيف نتصرف مع المسؤولين". فقلنا له: "بالرغم من هذه الصورة المأساوية لن نفقد الأمل بعكس القائلين "فالج لا تعالج"، وسنبقى نزرع هذا الأمل ونطرد اليأس ما استطعنا. وصحيح أن علينا مساعدتكم والعمل على الإصلاح من الداخل، لكن أيضا عليكم أن تساعدوننا في حل قضايا المنطقة وهي شائكة ومعقّدة ولها تأثيراتها على الداخل اللبناني".
وتابع سماحته ردا على سؤال: "المسؤولية أخلاقية وروحية وعلينا أن نعلي الصوت ونحرّك الضمائر، فلبنان كما قال غوتيرس بوضوح أكثر من مريض انه يحتضّر فماذا عسانا ننتظر. قلنا ونقول بان لبنان لن يموت اذا جنبّناه تلك السلبيات واتحدنا وتلاقينا على كلمة سواء. بالأمس سمعنا صرخة سيد بكركي غبطة البطريرك بحضور فخامة الرئيس مطالبا بالكفّ عن جريمة تعذيب اللبنانيين وقهرهم وايجاد السبل لتحرير الدولة من مرتهنيها والشعب من ظالميه، هي عبارات مؤلمة يجب أن تصل إلى العقول والقلوب، ونحن نعتقد انه لا بد من ان يكون هناك من يقول الكلمة الفصل كلمة الحق كما جاء في القرآن الكريم: "ولتكن منكم أمة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون". فمن يدعو الى الخير ويأمر بالمعروف موجود في لبنان وفي كل طائفة وجماعة، لكن الارادات الخيّرة الداعية إلى الخير والمعروف يجب أن تلتقي والصوت يجب أن يكون أقوى في مواجهة ما نعانيه في لبنان، حيث نحتاج الى تكثيف الجهود والبحث معاً عن المنفذ والمخرج. لقد وصلنا الى هنا وعلينا برفع الصلاة وتوجيه النداءات ومحاولة تقريب وجهات النظر وتضييق مساحات الخلاف وتوسيع مساحات المشتركات، وفي هذا الحال ربما تحييد لبنان عن بعض القضايا المعقّدة يكون ضروريا لا سيما تلك التي تثير الخلافات. توجد قضايا مشتركة كبيرة فلا يمكن التغاضي عنها وان نكون في صلب القضية الوطنية الاساس القضية الجامعة التي نلتقي عليها جميعنا. اما الشائكة التي تُدخلنا في شبه المستحيل والعدمية فلماذا نتمسك بها؟
وتابع الشيخ ابي المنى رداً على سؤال عما إذا كان من مسعى من الأمم المتحدة: "اعتقد ذلك، والأمين العام قال انه يفتش عن السبل ويسعى وسيرى اين يمكن المساعدة. فنحن لم نكن في حلقة حوار ومناقشة كي نخرج بحل، بل كنا نطرح الأفكار وكان يريد ان يسمع رأينا ومواقفنا، واعتقد انه سمع ما يجب سماعه من كل المرجعيات الروحية، ونحن متفقون على ايصال الرسالة التي يجب وتأكيد حاجتنا الى الحوار البنّاء. قال قداسة البابا في رسالة نشرها بمناسبة يوم السلام العالمي اخيرا بعنوان: "حوار تربية عمل- ادوات لبناء سلام دائم": بإمكانية بناء سبلٍ للسلام، وتلك لا يمكن فصلها عن التربية والعمل كإطارين للحوار بين الأجيال"، وأننا نؤكد على تلك المسؤولية وهي ليست على الأمم المتحدة فحسب، مسؤوليتنا في التربية والعمل والحوار الإيجابي. عندما يقول: ساعدونا لنساعدكم، وأنتم مسؤولون عن الاصلاح، هذا كلام صحيح ولكن ألسنا من يتأثر بقضايا المنطقة ايضا؟ في النزوح واللجوء وكل ما هو من حولنا وبوجود اسرائيل الدولة العدوة؟ ناهيك بتدخلات الدول الإقليمية وغيرها على الواقع اللبناني؟ ساعدونا إذاً لحل هذه المشاكل. لم اوثّق وأحدد المشكلات لنحدد المسؤوليات لكنها بحاجة إلى حل من قبل الدول الكبرى التي عليها تحمل المسؤولية في مساعدة لبنان واحتضانه والذي يشكّل انعكاس لقضايا العالم. نعم أطلقنا الصوت وطلبنا المساعدة لكي تصل عبر المرجعيات الروحية والمؤسسات الإنسانية الموثوق بها، وقلنا ساعدوا لبنان كي لا يصنَّف دولة فاشلة. هي عناوين ربما نظرية لكنها أساسية لان هدفنا انقاذ لبنان حيث الذي بين الاحتضار ومخاض الولادة الجديدة، وفي كلتا الحالتين اننا امام لحظة حاسمة في تاريخنا وعلينا التصرف بحكمة. ثمة مؤسسات انسانية وعاملة نوّجه لها التحية وتلك التي انبرت للعمل الاجتماعي وقدّمت ما يمكن، لكن الحاجة تتعاظم والأزمة تتفاقم وعلينا ان نقف الى جانب هذه المؤسسات. صحيح الدولة تقوم ببعض الواجبات لكنها تبقى مقصّرة كثيرا عما يجب، ان على المستويات الانسانية الاجتماعية التربوية الصحية أو في موضوع انهيار العملة. وواجبنا كمرجعيات روحية المبادرة للعمل الانساني واستنهاض القدرات، ليس بمقدورنا حل الأمور ومساعدة كل محتاج ولكن باستطاعتنا تخفيف الآلام وبلسمة الجراح".
وحول دور المجلس المذهبي ومشيخة العقل قال سماحته: "اننا في ورشة عمل انطلاقاً من موقعنا الجديد، ومعنيون ايضا بإطلاق صرخة للمغتربين والمقتدرين بتغذية الصندوق الخيري الذي نزمع انشائه، لكي نقف الى جانب اهلنا في القرى والبلدات حيث المتطلبات كثيرة أكان للمستشفيات أو المساعدات الاجتماعية والمحروقات للتدفئة والمواد الغذائية. طبعا هناك قيادات سياسية تقوم بالواجب بشكل كبير جدا وهي تتحمل مسؤولية في الجبل ومناطق اخرى، فوليد بك جنبلاط لم يقصّر ابدا والقيادات السياسية كذلك، لكن علينا كمرجعيات روحية واجب المساعدة ونشارك المؤسسات الانسانية ايضا لكن من اين نأتي بالأموال وكل مدخولنا بالليرة اللبنانية؟
وبالنسبة الى موضوع الاغتراب قال: "المغترب له الحق علينا كما لنا الحق عليه، فمشاركته في الانتخابات ضرورية طالما يحمل الهوية اللبنانية له صوته واحترامه ومكانته، انما موضوع العمل الانساني يجب أن لا يرتبط بمطلب اغترابي، فكل مقتدر اظن يشعر بالمسؤولية انطلاقاً من الواقع الانساني الراهن. هناك بعض المغتربين غائبون ربما بعدما فقدوا الثقة بلبنان، لكن علينا بتعزيز الأمل والتأكيد ان لبنان لن يموت وهو باقٍ وهؤلاء جزء اساسي منه في الوقوف الى جانب اهلهم. انني أتوجه بنداء لكي يتحمل المغتربون والمقيمون المقتدرون مسؤولياتهم، فالظروف صعبة والناس موجوعة، وان شاء الله يكون الحل قريباً والفرج وشيكاً".
واضاف سماحته ردا على سؤال: "لقد اكدّنا على احترام القرارات الدولية كونها صادرة عن مرجعية دولية والحفاظ عليها وهي ضروريةفي صراعنا مع العدو الاسرائيلي، ولسنا قادرين على الدخول في الفوضى. ومن جهة ثانية حاجة لبنان الى ثروته النفطية، اما ترسيم الحدود فيجب مساعدتنا من الأمم المتحدة والدول المعنية، فلبنان لا يمكن ان يكون وحيداً وليس هكذا قرار داخلياً فقط بل يحتاج إلى تدخل ومساعدة ".
وتساءل سماحته: "لماذا نتعامى عن الحقيقة ووجوب ان يكون هناك اصلاحات وتحمل المسؤولية، فالفساد مستشرٍ وعليهم عدم وضع العقد للمساعدة وإجراء الإصلاحات، كذلك في ظل حكومة معطلة ووضع مزرٍ. لعل الله سبحانه يلهم المسؤولين البدء بخطوات واضحة وعملية وعلى المجتمع الدولي ان يتلقف اي خطوة نقوم بها في الاتجاه الصحيح".
وفي معرض كلامه عن الاعتدال قال: "قضايا المنطقة الشائكة ربما تولد هذا التعقيد الداخلي ولكن الاعتدال لن يفارق لبنان ويجب ان سماع صوت المعتدلين، ونحن كمرجعيات روحية نسعى الى لقاءات حوارية وبدأنا عملا علّه ينفع ويأتي بحوار يقرّب ويرتقي بنا الى مستوى ادياننا ولبنانيتنا وانسانيتنا الحقيقية. ندعو الى هذه اللقاءات ونحاول تنظيم لقاء حواريا للمرجعيات الدينية نأمل ان يقود الى قمة روحية. فاذا كانت هي هدفا بعيدا فاللقاءات هدف قريب ويساعد في خلق الاجواء الايجابية، فمهمتنا اخلاقية وروحية واشاعة المناخ الإيجابي المطلوب وعلى السياسيين تلقفه والمبادرة".
وعن موضوع الحياد قال: "لبنان وضعه دقيق جدا، والحياد الايجابي مطلوب دون فصل بلدنا عن واقعيه العربي وفي المنطقة، وليس هو جزيرة منعزلة. فالحياد الايجابي بمعنى ان لبنان ليس سلبيا في القضايا المشتركة الكبرى ولا يكون رأس حربة في كل صراع والخشية على لبنان، اما الحياد الايجابي بمعاني اخرى فيجب درسه بدقة لا ان يكون نوعا من الانقلاب على هوية لبنان او تحدّي الآخر. قال سيادة المطران جورج خضر يوماً: لا مانع من ان يكون هناك موّدات خارجية ولكن ليس ولاءات، فالموّدات لا يمكن لاحد أن يمنع أحداً من علاقة موّدة مع اي دولة او جهة خارجية تمنحها الاطمئنان والعلاقات الروحية ولكن الولاء يكون للوطن أولاً واخيرا".
وختم رداً على سؤال: "رسالتي مع كل عيد وكل ميلاد وعام جديد بأنه يجب ان يتجدد الأمل ويطغى على اليأس، والّا نفقد الأمل بل نجدده،وايجاد النوايا الطيبة والارادة الصلبة لانقاذ لبنان، علّ بلدنا يولد من جديد مع اطلالة عام جديد".

استقبالات: وكان استقبل سماحة شيخ العقل في دارته في شانيه رئيس الجمعية الدرزية-البريطانية نبيل ابو حسن وشقيقه رجل الاعمال جمال ابو حسن، يرافقهما رئيس مؤسسة "سيدنا الشيخ ابو حسن عارف حلاوي" الشيخ حسان حلاوي.
كما استقبل سماحته عضو المجلس المذهبي السابق المهندس بشير ابو عكر، وسيدات "جمعية بيت شانيه للمسنين"، ورئيس بلدية أغميد الشيخ مهنا الصيفي برفقة والده الشيخ خليل الصيفي. وكذلك تلقى سماحته مراجعات من بلدات المحيدثة وشويت وعاليه وحاصبيا.
كما تلقى شيخ العقل اتصالات من عضو اللقاء الديموقراطي النائب أكرم شهيب، ومن ممثل مشيخة العقل في استراليا الشيخ منير غرز الدين، ومعتمد المشيخة في اديلايد مسعود بو مغلبيه، والمغترب في كاليفورنيا فريد مكارم.