المجلس المذهبي | مجلة الضحي
الجمعة ١٧ أيّار ٢٠٢٤ - 9 ذو القعدة 1445
"ردُّ الأوقاف على حملة المغرضين مزيد من العمل" 30/12/2010

2010-12-30

"ردُّ الأوقاف على حملة المغرضين مزيد من العمل" القاضي عباس الحلبي رئيس لجنة الأوقاف في المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز حفلت الفترة الماضية بحملة مغرضة من بعض المتضررين من مشروع نهضة الأوقاف الدرزية بعد سنين من إهمال الأوقاف والفراغ القانوني... كي لا نزيد. وإن كنا آثرنا عدم الرد حفظاً للخصوصية وعدم إقحام من لا يعنيهم الأمر، إلا أن التمادي والفجور لم يعرفا حدّاً عن طريق تسريب أخبار ونشر تحقيقات تتضمن مغالطات وافتراءات وأضاليل. لذلك فإننا نرغب الإضاءة على الحقيقة رفعاً للظلم الذي يلحق بمجتمع الأوقاف وتحديداً لجنة الأوقاف المنبثقة عن المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز بالقانون، مما يعكس تأخيراً كبيراً في تطوير الاوقاف بين الماضي والحاضر والمستقبل. هذا الوقف الذي عرّفه جمهور الفقهاء التصدق بالمنفعة على أنه حبس العين على حكم ملك الله، يريده البعض حبس العين على حكم ملك الأفراد. واليوم ينطوي هذا العرض على بعض الإيضاحات حول ما تداولته بعض وسائل الإعلام وما روج له البعض من أقاويل غير صحيحة وسرد لما قامت بها لجنة الأوقاف خلال أربع سنوات حافلة بالصعوبات والتحدّيات، دون أن نطوي صفحة باقي الإنجازات التي لا زالت على جدول أعمال اللجنة والتي ستصدر خلال أيام في كتيب خاص سيصار إلى توزيعه على كل المهتمين والمرجعيات. ليس هذا العرض تأريخاً لنا، وإنما جردة حساب أمام أهلنا وإخواننا الموحّدين الدروز وقطع حساب حسبما تقتضيه الأصول وتفرضه المسؤولية الأخلاقية وقواعد الشفافية والمسؤولية تجاه الموحّدين، وهو ما يجب أن ندرج عليه في مختلف ميادين الشأن العام السياسية والإجتماعية والخدماتية. لم تكن الإنجازات تحقيقاً لمآرب شخصية، أو خدمات عائلية، ولا علاقات نفوذ وزبائنية، أو طموحات شخصية لأعضاء اللجنة بل إرواءً لظمأ الموحّدين وتطلّعهم لأوقاف عصريّة فاعلة ومنتجة، وتلبيةً لحاجات الطائفة وضرورات عمل الأوقاف التي كانت متوقّفة ردحاً طويلاً من الزمن، فجاءت الإنجازات ضمن سياق ما يوصي به سماحة شيخ العقل – رئيس المجلس المذهبي وما تتطلّبه سياسة عمل الأوقاف للحفاظ عليها وتنميتها وتطويرها وعصرنتها وتحديثها وديمومتها بما يحافظ دائماً على روح الأصالة والتقاليد التي نتمسّك بها وبما يحاكي تحديّات المستقبل ويجاري التطوّر. لا أخال موضوع الأوقاف تخطاه الزمن بل أراه حلاً دائماً لسدّ كثير من حاجات الطائفة مع الحفاظ عليه وتطويره والإنتفاع منه إلى أقصى الحدود مع احترام إرادة الواقف. وهذا ما دفعني إلى تولّي رئاسة لجنة الأوقاف في المجلس المذهبي لطائفة الموحّدين الدروز التي تعنى برسم السياسة العامة للأوقاف وإعداد مشاريع التنمية والإستثمار العائدة لها، وإدارة ومراقبة الأوقاف بجميع مرافقها ووضع الأنظمة المناسبة لذلك والعمل على حسن استثمارها وتنمية مواردها، وتعنى بشؤون المزارات المقدّسة ودور العبادة لجهة تجهيزها وترميمها وإنشائها في مختلف المناطق بموافقة مشيخة العقل وبالتواصل والتعاون مع الهيئات المحلية والإجتماعية، والعمل على حسن جباية أموال الأوقاف وإنفاقها وفق الأصول القانونية وإيداعها أموالها والسهر على حسن استثمار العقارات والأبنية السكنية والمؤسسات التجارية والتربويّة والصحّية، والإشراف على إنشاء أبنية جديدة وصيانتها وتأثيثها، وذلك بمقتضى المادة الأربعين من القانون المتعلّق بتنظيم شؤون طائفة الموحّدين الدروز. شكّل القانون المذكور قفزة نوعية في موضوع الأوقاف العامة للموحّدين الدروز الذي بقي مهمّشاً فترة طويلة من الزمن ولكنه لم يصبح قط موضوعاً هامشياً فكانت الأنظار دوماً شاخصة إليه والإهتمامات الدرزية معلّقة عليه. وبصرف النظر عن المدى الذي تشخص إليه الأنظار وتعلّق عليه الآمال، فإن عزمنا على معالجة موضوع الأوقاف ينطلق من أسس مبدئية تقوم ليس على الإدارة فحسب بل على التطوير خصوصاً، مع الحفاظ على خصوصية الأوقاف والعادات والتقاليد، واعادة الأثر المعنوي الديني للأوقاف بين الموحدين من حيث تنشيط العمل الخيري التطوعي الذي بدأ من الأمير السيد (ق) ابتغاء الأجر وصولاً الى الأثر الاجتماعي وهو التنافس في فعل الخير لتحقيق الرعاية الاجتماعية للشرائح الضعيفة، أو الطاقات المتفرغة لتلقي المعرفة والعلم، ونقلها من جيل الى جيل. أو المنوط بها إقامة الشعائر الدينية، مروراً بوقف الشيخ أحمد امين الدين والذي من أمواله بُنيت مدرسة الداوودية في قسمها الاساسي، وقد تم حديثاً مسح حوالي سبعمائة ألف متر مربع من أملاكه في بلدة البنيه. في ظل هذه المبادئ قامت لجنة الأوقاف بمعالجة كل القضايا المطروحة. وسيصار في قابل الأيام كما ذكرنا إلى توزيع كتيب يظهر واقع أوقاف الموحدين الدروز وآفاق المستقبل. أما موضوعنا اليوم الذي حدانا إلى الحديث عنه هو ما تناولته بعض الصحف حول العقار المعروف بعقار دار الطائفة الدرزية في بيروت أو العقار 2046 المصيطبة، مع التأكيد ان رغبتنا كانت وما تزال لمعالجة مثل هذه الأمور ضمن البيت الواحد. تملك الأوقاف الدرزية العامة في بيروت عقارات عدّة مسجلة على اسمها في الصحائف العينية العائدة لها في السجل العقاري. لدى لجنة الأوقاف في ما يتصل بهذه العقارات أفكاراً ودراسات لإستثمارها وزيادة عوائدها بما يتناسب مع أهمية موقعها من جهة كونها في العاصمة بيروت ولقيمتها الرأسمالية من جهة ثانية خاصة بعد الفورة العقارية التي شهدها لبنان. أما ما خص العقار 2046 المصيطبة، أو عقار دار الطائفة الدرزية في بيروت، من المعروف أن هذا العقار التي تبلغ مساحته حوالي 36 ألف متراً مربعاً يقع في منطقة سكنيّة وتجاريّة تبدو من المناطق الأولية في العاصمة، مشاد على جزء منه عقار دار الطائفة الدرزية وعلى الجزء الآخر منه تقع المدافن وملاصق لها مجلس ومزار وقاعة. وفي واجهة العقار لجهة شارع فردان – رشيد كرامي، محطة بنزين وبناية فيها محلات تجارية وبعض المستأجرين كما يشغل المجلس المذهبي طابقاً ولجمعية التضامن الخيري الدرزي في بيروت طابقاً أيضاً. كما تتضمن لناحية مدرسة الظريف معملاً مهملاً للبلاط وإضافة الى بعض المنازل القديمة. تولى المرحوم الأستاذ أنيس روضة بصفته الشخصية بموجب وكالة من سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز المرحوم الشيخ محمد أبو شقرا التصرف بهذا العقار، وتولى المرحوم المذكور رئاسة جمعية التضامن الخيري الدرزي في بيروت، واستمر هذا الوضع ردحاً طويلاً من الزمن والجميع يعرف ما طرأ من ظروف منذ العام 1975 وحتى صدور قانون تنظيم شؤون طائفة الموحّدين الدروز الصادر في الجريدة الرسمية بتاريخ 12/6/2006. وفي ظل أحكامه انتُخب المجلس المذهبي كما انتُخب شيخ العقل سماحة الشيخ نعيم حسن كما انتُخب رؤساء وأعضاء اللجان، وقد أناط القانون بلجنة الأوقاف الإدارة والإشراف والولاية على الأوقاف الدرزية العامة، وبالتالي أصبح المجلس المذهبي المرجعيّة بواسطة لجنة الأوقاف للمحفظة الوقفية، ويدخل ضمن نطاق صلاحياتها عقار بيروت كونه عقاراً تابعاً للأوقاف الدرزية. بادرت اللجنة للتداول بعدد من الاقتراحات، تهدف الى استثمار الجزء الخالي من العقار 2046 المذكور، ومن الطبيعي أن تتجه اللجنة نحو بيروت أولاً نظراً لانعدام نتيجة الإنتاج الزراعي في الجبل، ونظراً للأضرار التي طالت كثيراً من أبنية الأوقاف في عاليه أو غيرها. وكما ذكرنا فإن العقار 2046/المصيطبة مسجل باسم وقف الطائفة الدرزية منذ أكثر من سبعة وسبعين عاماً ولن ندخل في مناقشات تهدف الى تحقيق أطماع مالية ونيابية وغيرها. فأن قانون تنظيم شؤون طائفة الموحدين الدروز ألغى كافة الأحكام التي تتعارض معه أو التي لا تأتلف مع مضمونه وقد اتخذت مشيخة العقل والمجلس المذهبي قراراً بإلغاء جميع الوكالات المنظمة بتاريخ سابق لتاريخ صدور القانون المذكور وأصبح المجلس المذهبي هو صاحب الحق الوحيد بتولي إدارة شؤون الأوقاف الدرزية والإشراف عليها ونُشِرَ هذا القرار في الجريدة الرسمية بتاريخ 26/11/2009 وبالتالي فإن نظرتنا ستكون بعونه تعالى للمستقبل. ولما يمكن أن تقدمه الأوقاف من أثر إيجابي في التنمية الاجتماعية ليس فقط كمساعدات في التعليم والطبابة، والصرف على اليتامى والعجزة والمقعدين بل دفع عجلة التقدم في مجتمعنا نحو الأفضل. وإن كل ما أشيع وروِّج له في وسائل الإعلام وحتى في قيام البعض بزيارات إلى المناطق في محاولة لتشويه حقيقة موقف لجنة الأوقاف من أنّ هناك مشروعاً لنقل رفات الموتى إلى خارج هذه البقعة أو أنّ هناك محاولة لإقامة مشاريع فوق رفات المدفونين أو عمليات بيع كل ذلك من الأباطيل التي روَّج لها البعض من سيئي النوايا الذين يُحرجهم وجود المجلس المذهبي في تفكيره بإقامة مشاريع استثمارية على الجزء غير المستعمل من العقار تعود بالنفع على مجموع الموحّدين الدروز في بيروت وخارجها ودون إلقاء أي عبء مادي على أحد، نتيجة توظيف الأموال للقيام بهذه المشاريع الاستثمارية متجاهلين أن القانون يمنع على اللجنة وعلى أي كان التصرف بالعقار أو بيعه أو إلقاء أية إشارة أو عبء على العقار. ومن الواضح أن غرض إثارة هذه البلبلة غير خاف على أحد على اعتبار أن البعض يسيئه التخلي عن مكتسبات حققها في غفلة من الزمن عندما لم يكن هناك مجلس مذهبي ولا إدارة للأوقاف. وقد آن أوان المحاسبة والمساءلة ومواجهة الحقيقة التي لا بد من مواجهتها يوماً. ترى لجنة الأوقاف دحضاً للأقاويل والأكاذيب ووضعاً للأمور في نصابها الصحيح أن الفرصة متاحة لإحداث نقلة نوعية في كيفية تعزيز المؤسسات الدرزية وتوفير الأموال اللازمة لها لمواجهة الأعباء على الصعد الاجتماعية والصحّية والتربوية وسواها، ويقف حائلاً دون تحقيق هذه الغاية أفراد يروّجون لأقاويل وأخبار غير صحيحة، ويخفون أطماعاً كما ذكرنا أعلاه، وقد توجهنا الى الصحافة اللبنانية مراراً بطلب مراجعة المجلس المذهبي ولجنة الأوقاف لتوخي المعلومات الدقيقة والصحيحة. لذلــــــــك ان لجنة الأوقاف الحريصة على تراث الآباء والأجداد والمسؤولة مع مشيخة العقل عن المقامات والمزارات تؤكد أن لا "دروز مول" فوق المدافن ولا أوتيل مكان دار الطائفة ولا أي مشروع إن وجد إلا في الجزء الخالي المهمل أو المستثمر الذي لا يذكر ريعه لضآلته. وعند وجود مشروع للجنة الأوقاف جاهز لن نتأخر في إطلاع أهلنا وأولي الأمر فينا عن هذا المشروع الذي يعود نفعه وريعه إلى الجميع وأولهم أهلنا في بيروت. وإننا على ثقة أن أهلنا في بيروت بأكثريتهم الساحقة إذا اطلعوا على حقيقة الوضع لن يماشوا الذين يثيرون الضوضاء ولا يقيمون لمصلحتهم أي اعتبار، وان أي تأخير يسبب ضرراً يطال جميع أفراد المجتمع التوحيدي. * * * أما بعد، إن الأوقاف في كثير من الدول الإسلامية تمكنت من إنشاء المستشفيات والعيادات، وتأسيس الشركات، وتشييد المصانع، وإيجاد فرص العمل، ومحاربة البطالة وتركت أثراً إيجابياً في التربية الأخلاقية الحسنة في الأسرة في مواجهة منابع الانحراف والأنانية. إن لجنة الأوقاف في المجلس المذهبي تؤكد مجدداً أنها تهدف الى تحقيق مقاصد لسد حاجات عديدة للمجتمع التوحيدي لتسهم إسهاماً بالغاً في رفع المستوى الاقتصادي، وبعونه تعالى سنحرص على حسن نظارته والاستفادة من ريعه بعيداً عن الأثرة. فهذه بعض من أعمالنا ورؤانا لما فيه خير الطائفة والأوقاف والموحدين، والله ولي التوفيق.
بيروت في: 29/12/2010