2010-08-26
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف النبيين وعلى آله وصحبه الطاهرين الطيبين
إنه حقٌّ أن يسطع برقُ الكلمة ليشقّ ظلمةَ الغدر على الدوام. والكلمةُ تحملُ في سرِّها ومعناها الصَّرخةَ التي لا يضيعُ معهَا نورُ الحقيقة. فكيف إذا كانت الكلمةُ تُـقال من أجل رجلٍ ارتفع بهَا إلى المستوى الإنسانيِّ السامي، ناهِضاً بأعباء شعبِه الكادح، ومكافحًا في خدمةِ قيامة وطنه، وثائرًا كما القادة الكبار من أجل نُصرة القضايا العادلة في وجه الظالمين والطغاة وفي قلبها قضيَّة فلسطين؟ إنَّ الشهادةَ بالكلمة هي أضعفُ الإيمان في معرض استذكار الإمام الصدر، تُـقالُ لكي نستحضرَ صورتَه رجلاً كبيرًا أثار عواصفَ التغيير تحقيقًا لإنجازاتٍ كبرى، فالامام المغيب من ذوي الفضل والشان الذين اسدوا لاوطانهم اجلّ الخدمات، وارادوا السير بها الى اسمى الغايات. وأقلّ الإيمان أن يستكنهَ شعبُهُ مغزى رؤياه التى اتّصفت بالشموليَّة، فهو أيقظ وعي مواطنيه دافعًا إياهم نحو بناء الحياة، انطلاقا من بناء الإنسان بكل أبعاده المعنويَّة والاجتماعيَّة. ورأى بعقله التنظيمي الثاقب مدى أهميَّة بناء المؤسّسات الفاعلة المستندة إلى الأنظمة الحضاريَّة والقوانين العادلة، لأنّ من شأنها إخراج المجتمع من العصبيات والغرضيات نحو إرساء شروط النهضة والتنمية والإزدهار. كذلك استبصر بذكائه المشهود المدى الحضاريّ لرسالة لبنان، فارتقى بفكره الواسع إلى الفسحة الجامعة لكلّ مواطنيه على اختلاف مشاربهم واعتقاداتهم، وما زالت كلماتُه ومحاضراتُه في هذا المجال ذُخرًا غنيّاً لفهم الأهميَّة القصوى للتآلف اللبناني، والضرورة الحيوية لإرساء قواعد الحوار والتقارب والتعاضد ترسيخاً للمصلحة الوطنيَّة العليا. واستشعر الإمام الصدر مَكْمَن الخطر الداهم على "وطن الإنسان" لبنان – كما سمّاه- وهو العدوّ الصهيوني، فأشعل جذوة المقاومة مدركاً بأنه ليس من الحكمة على الإطلاق مجابهة هذا العدوّ المتربِّص على الدوام بمقولة الضعف والتواني، بل نادى بواجب الاستعداد، وتحفيز الإرادات، والمرابطة في ساحة الدفاع عن الحريَّة والسيادة الوطنيَّة والأرض بكلّ عزم وتصميم. إنَّ نضال الإمام الصدر وكفاحَه ومقاومتَه حملت كلُّها رؤيةً مستقبليَّة علينا أن نفهمها من كلّ جوانبها. لقد حقَّق هذا الرجل الكبير التوازنَ الدقيق بين متطلبات نهضة شعب وبين موجبات الحفاظ على وحدته. فارتقى في آفاقه الوطنية فوق النزعات الطائفية، وفوق العصبيات العشائريّة، والمصالح الأنانية، والمكاسب الظرفية.