المجلس المذهبي | مجلة الضحي
السبت ٢٠ نيسان ٢٠٢٤ - 11 شوال 1445
كلمة سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن في احتفال العرفان 19-8-2016

2016-08-19

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على محمد سيد المرسلين، وخاتم النبيين، وآله وصحبه أجمعين       


ان العرفانَ ثمرةٌ زرعها في تربةِ هذا السَّهل التَّاريخيّ رجلٌ فذٌّ كبيرٌ هو الشهيد كمال بك جنبلاط، وسقاها بماءِ الرّعايةِ والرَّحمةِ شيخٌ جليلٌ هو الشيخ أبو محمد جواد وليّ الدّين. من هذَيْن العلَمَيْن بكلّ ما يرمزان إليه من العِلمِ والحكمةِ، تستمدُّ العرفانُ نسغَ بقائها. فها هي شجرةٌ طــيِّبةٌ راسخةٌ في أرضِ المعروفيين، خدمت أجيالهم بالتربيةِ والمعرفةِ والأخلاق، ونمَت وكبُرتْ حتَّى كأنها قمَّةٌ من قمم هذا الجبل.     
هذا بفضلِ الله وبفضلِ عزيمةِ رئيسها ورؤيةٍ نهضويةٍ لإدارتها ورعايةٍ من قيادةٍ شجاعة حكيمة هي قيادة وليد بك جنبلاط.     
من هنا نقولُ: إنَّه بالتربيةِ الحكيمة الصَّالحة التي تضع قواعد التمييز بين ما هو مُجدٍ ومؤذٍ مهما تطورت مفاهيم الحرية، نحافظُ على وجودنا بكلِّ بهائه. فنحنُ والقيَم والأصُول صِنوان في كلِّ صفحات تاريخنا العريق. أليست الحرية بمعناها الحقيقي هي الحرية المدركة المسؤولة، المبنية على الوعي والمعرفة.     
إنّ واقع فقدان المبادىء الاخلاقية هو المشكلة الاساسيّة في القرن الحادي والعشرين. وهذا امرٌ حقيقي، يتوجب على كل رجلٍ روحيّ، وعلى كلّ تربوي، وعلى كلّ حريص على الاخلاق والقيم في عصرنا ان يفهمه وان يجد السّبيل الى معالجته روحيّاً ونفسياً ومسلكيّاً خدمة للإنسانية ومستقبلها في عالمَنِا، وتبقى الأم والمدرسة ركنان أساسيان لتربيةٍ من شأنها بناء الشَّخصيَّة الإنسانيَّة السويَّة القائمة في أساسها على خِيار الفضيلة والحرّيَّـة العميقة.     
قبل أيَّامٍ احتضنَ الجبلُ مجدَّدًا لقاءً وطنياً جامعاً، لقاءٌ له وجه التاريخ وقلبُه، فهذا الجبل يحفظ في ذاكرته عنفوانَ التاريخ وبين سفوحه وقممه ترعرعت الفكرة اللبنانية بروح اللقاء والشراكة في الحياة الحرّة الكريمة تحت رايةِ وطن واحد هو لبنان. هذا ما ارادته المختارة وما نريده ويريده المخلصون أن يكون روحَ مدرستنا في الوطن المشترك.      وفي ظروف الشدائد والمحن التي تعصف بالمنطقة علينا تعزيز كلّ ما من شأنه أن يثبِّتَ دعائمَ وحدة الشعب اللبناني والتمسكَ بروح الميثاقية والعيش المشترك ومحاربة العصبية والطائفية. علينا رفعُ مقامَ المحبّة الى المحلّ الارفع. محبّة الحق الاعلى، وبالتالي الفضيلة، لتكون محورَ قلب المؤمن وغايتِه درءاً للمخاطر التي تشوّه قلبَ الانسانية وضميرَها. كذلك رفع مقامَ الامَل، لان الايمان هو في جوهره ثقةٌ بالعدالة الالهيّة وتسامحها ورحمتِها التي تعمّ جميع الخَلق. بالامل نتمسّك بإنسانيّتنا وبالنِّعم الالهيّةِ التي كرَّمت الانسان وأنارت له سبيلَ الحرية الحقيقيّة.     
الموحدون الدروز كانوا وسيبقوا معقلاً للكرامة والشهامة، لا نعتدي ولا نخاف يدنا ممدوة لجميع اهلنا في الوطن. فصورة لبنان هي روحُ السلام والمحبّة، وهي المبادىءُ الاساسية التي تجمعنا في فسحة التمسك بالمُثل والقيم والاخلاق والمشاركة لانّه بالوفاق وفهم الآخر نحفظُ بلدَنا ونزرعُ فيه الامل لغدٍ افضل. نحن معكم يا وليد بك في اعادة مؤسسات الدولة، وانهاء الفراغ. نحن معكم في الحوار الوطني، نحن معكم في قانون انتخاب عادل ومنصف، نحن معكم في وجوب تنفيذ اتفاق الطائف وتشكيل مجلس للشيوخ، من يريد المحافظة على كيان الوطن عليه ان يحافظ على خصوصية هذا الجبل.     
نسأل الله تعالى ان يحمي لبنان وان تبقى راية المحبة والسلام مرفرفة فوق قممه وهضابه.
* * * * * * * *