المجلس المذهبي | مجلة الضحي
الجمعة ١٩ نيسان ٢٠٢٤ - 10 شوال 1445
كلمة سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن بمناسبة زيارة غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي لمنطقة عاليه 11/9/2015

2015-09-11

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله في كلّ بدء وختام  
        
 شرَّفتُم دارَكُم صاحبَ الغبطة. من هذه الأرضِ خبزُنا ومِلحُنا، ومن هذا الجبل ماؤنا وهواؤنا، وبخيراتِه لمْ تَقْــوَ أجسادُنا وحسْب، بل تغذَّت أرواحُنا من نسائم الحرِّيَّة والكرامةِ وهِبةِ الحياة. لم يؤذِ الجبل عبر التاريخ إلا مصالح الدُّوَل الطامعة وسياساتِها. وليس مسألةً عرَضيَّةً أن يبقى لبنان عبر القرون فكرةً عصيَّةً على الأفول بالرّغم من كلِّ العابرين.           
كلُّ لقاءٍ طيِّبٍ بين مكوِّناتِه هو لبنان. هذا هو الوطنُ شراكةُ القِيَم، ورسالةُ اللقاء الانسانيّ الّذي يؤتي ثماره بالمحبَّةِ. دستورنا هو العيش المشترك.        
   تشريفكم للقاء الأهل هو تعبيرٌ عن الإرادةِ الوطنيَّة التي لا يكون لبلدنا خلاصٌ إلا بها. نقدّر عالياً دوركم اليوم باختتام جرح الشحار وكفرمتى تكملةً لمسيرة العيش المشترك التي رعاها سلفكم صاحب الغبطة البطريرك مارنصرالله بطرس صفير ومعالي الاستاذ وليد بك جنبلاط. ونحنُ وإيّاكُم نلتقي دائمًا على الثوابت التي تعبِّرُ عنها القممُ الروحيَّة التي بها روح بلدِنا الغالي. الوطن مهدد يا صاحب الغبطة. ألا يعي المسؤولين لخطورة المرحلة؟ إنّ تحصين بلدنا يبدأ بإعادة الآليَّات الديموقراطيَّة ومؤسّسات الحُكم إلى عملها الطّبيعي.  نلتقي معكُم بدءًا من الحثِّ على أداء الواجب والتزام المسؤوليَّة من قبل نوّاب الأمَّة في انتخاب رئيس جمهوريَّتنا. ولكن، دعـنا يا صاحبَ الغبطة نرحِّبُ بكُم في فسحة الضوءِ هذه التي ينيرُها اللقاءُ بكلِّ معانيه دون المزيد من الخوض في الشأن العام. دعـنا نعيشُ فرحَ هذه الهنيهة لنوجِّهَ رسالتَـنا إلى كلّ اللبنانيّين وهي رسالة المحبَّة والمشاركة تحت سماءِ بلدٍ خصَّهُ اللهُ تعالى بجمال الأرض وجمال اللقاء والتعارف الإنسانيَّيْن. دعـنا نقول سويًّا بقـلبٍ مؤمِن أنَّ لبنانَنا باقٍ على رسالتِه مهما اشتدَّت العواصفُ. وأنَّ إيمانَنا به هو من معدِن إيمانِنا بالقيَم الساميَة التي نستمدُّها من الرِّسالات السَّماويَّة بعيدًا عن كلِّ تعصُّبٍ وافتـِئات. إنَّ لبنانَنا هو من هذا الشَّرق الّذي هو مهدُها، أي بتعاليمها الصافية النقـيَّة التي أنارت العالَم بأسره. ورسالتُـنا إن شاءَ الله العليّ القدير هي من هذا النقاء.    
  أهلا بكُم صاحبَ الغبطة. أهلا بكُم في داركُم، نسأل الله تعالى الأمان لبلدنا وشعبنا. إنَّه سميعٌ مجيب.
*  * * * * * * *