المجلس المذهبي | مجلة الضحي
السبت ٢٠ نيسان ٢٠٢٤ - 11 شوال 1445
كلمة سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن في الهيئة العامة الاستثنائية حول مجزرة ادلب 12-6-2015

2015-06-12

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيّد المرسلين، نبينا محمد (ص)، وعلى وآله وصحبه أجمعين  
 
 لو قدَّر اللهُ تعالى أن تنطقَ الأرضُ لقالت لمن لا يعرف التاريخَ في أصُوله: "لا أعرفُ إلا أنّني كنتُ قلاعًا للأمَّة سواء ارتفعت فيها رايات العروبة أو رايات الإسلام الحنيف.    
 هذه الأرض، لم ترتفع فيها قَطّ راياتٌ طائفيَّة أو مذهبيَّة، بل رايات الجماعة عبر التاريخ. رجال الموحِّدين الكبار كانوا في التاريخ الإسلامي والعربي لأمَّتهم أكثر ممّا كانوا لفئتِهم حصرًا. هذا ليس منَّةً من أحدٍ، إلا من الواحد الأحد عزَّ وجلّ. رجالٌ يعرفُون الميدان وهم فرسانه، ولكن يعرفون أنَّ الرّأي العاقل هو قبل شجاعةِ اقتحامِه.  
   وها قومُنا الأعزَّاء في سوريا الجريحة. انظروا كيف هي قراهم ومضافاتهم وبيوتهم ملاذٌ وحضنٌ آمن لعشرات الآلاف من إخوانهم من كلّ الطوائف بلا تمييز، وذلك منذ بداية المحنة منذ سنوات. وبالرّغم من خسارة مئات الشباب تحت وطأة هذا الظَّرف أو ذاك، ما زال صوتُهم عاقلا وحكيمًا، وفوق كلّ هذا إنسانيَّا في العمق.    
 إنَّه لا يليقُ بما نستشعره ونؤمن به من خلُقٍ وسجايا إسلاميَّة، أن يحدثَ لإخواننا الأعزّاء الشّرفاء في "قلب لوزة" ما وقعَ بهم من إعمال القتل، واستسهال سفك الدِّماء، واستباحة حرمة وجودهم لأسباب لا نجد لها مسوِّغًا على الاطلاق. وهُم على ما هُم عليه من التزامٍ بالقيَم المعروفيَّة الأصيلة. إنّنا نقف بصمتٍ وألم وتعاطُف ومشاركة مع أهلنا هناك، مترحّمين على الشهداء الأبرار، ومتضامنين مع عوائلهم، ومتكاتفين مع كلّ أهلنا في الشمال السوري، ضاغطين بقبضاتنا الصلبة على الجرح لوقف النَّزيف.     
 وها نحنُ هنا، في هذه الدّار التي تمثِّلُ ما تمثِّله توحيديًّا وإسلاميًّا ووطنيًّا، نجتمعُ لنُطلقَ صوتًا جامعًا موحَّدًا متضامنًا مع قيادةٍ حكيمةٍ رزينةٍ واعيةٍ، نُطلق الصَّوتَ الّذي تُمليه علينا قِيمُنا وأخلاقُنا وشِيمُنا الإيمانيَّة الإسلاميَّة، وهو دعوةٌ للوقوفِ عند حُدود ما هو حقٌّ في الشَّرع، وما هو عدْلٌ، وما هو كرامةٌ إنسانيَّة.      اننا مطمئنون الى ان إخواننا في سوريا لن يتخلّوا عن رفع راية الوحدة السورية، ولواء الأخوّة والمصالحة مع أبناء وطنهم وجيرانهم في كل سوريا. وفي الوقت عينه، ندعو كلّ القوى السورية الفاعلة الى تحمّل المسؤوليات التاريخية في حفظ وحدة الشعب السوري وحمياة النسيج الاجتماعي، وبالتالي الارتقاء الفعلي الى مستوى المحافظة على روح القيم والمبادئ المرتبطة بحقوق الناس في الكرامة والحرية والعدالة.      إنّ الوقوف أمام المسؤوليات التاريخية بهذه الروح العالية يقطع جميع السبل على إسرائيل التي تبقى المستفيد الأول من تفتيت المنطقة وتحويلها الى كيانات مذهبية متنازعة.      
اننا في هذه اللحظة الحرجة ما زلنا نؤمن بان للسياسة الحكمية دوراً له اصداؤه عند كل الشرفاء لذلك ما زلنا ندعم كل مسعى في هذا الاتجاه.    
 أريدُ أن نتنبَّه جميعًا إلى ضرورةِ أن نسعى بجهدٍ وإخلاصٍ إلى جمعِ الكلمة، وائتلاف الموقف، والابتعاد عن مظاهر التشتّت أو التفرُّد في كلّ ما يمسّ الموقف العام من الظروف المصيريَّة التي تهدِّدنا والتي يعرفها الجميع. إنَّ الاجتماعَ على موقفٍ متراصّ موحَّد هو بابٌ إلى التوفيق. وما التوفيق إلا بالله العليّ العظيم.
بيروت في: 12/6/2015