2015-02-01
اقرؤا التاريخَ. اقرأوه عِيانًا حاضراً أمَامَ أعْيُنِكُم. شاهدوا كَمْ حَمَلوا فَوْقَ طاقاتِهم المادّيَّةِ المـُتَواضِعَةِ من أَحْمالٍ عَجِزَ عنها بلدٌ بأسْرِه. اُنظُروا في ضَمَائِركِم قَبْلَ بصائرِكِم في ثَمَراتِ أخلاقِهِم، وولائِهِمِ للحَقِّ، وحِفْظِهِمِ الذِّمَمَ، والتزامِهِمِ الإنسَانيِّ الشَّريفِ بحدِّ تحريمِ الاعْتِداءِ على أَحَدٍ، وامتِثَالِهم مَقَاصِدَ رَسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ في ما أودَعَه للمُسْلِمين من وصايا أثيلةٍ بها قامَ الإسلامُ، وبها يبقى على مِثَالِه النَقِيِّ إلى يومِ الدِّين، قال (ص): "إنَّ اللهَ حَرَّمَ عَليكُم دِمَاءَكُم وَأَموَالَكُم كَحُرمَةِ بَلَدِكُم هَذا.. اتَّقُوا اللهَ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشيَاءَهُم.. الـمُسلمَ أخو الـمُسلم، لا يَغُشُّهُ، ولا يَخُونُه، ولا يَغْتَابُه ، ولا يَحُلُّ لَهُ دَمُهُ ، ولا شَيءٌ من مَالِهِ إِلاَّ بِطِيبِ نَفسِه..." هؤلاءِ صامدُونَ، صابرونَ، لا يريدونَ لبلَدِهِم سوريا العزيزةِ إلاَّ الخَيْرَ، ولا لِشَعبِها-وهُمْ من صُلْبِه-إلاَّ الكَرَامَةَ، ولا للأُمَّةِ إلاَّ أنْ يكفِيها اللهُ سبحانَهُ وتعالى شَرَّ الاقتِتَالِ والتَّنَاحُرِ والعودَةِ بإخلاصِ القُلُوبِ إلى نِعْمَةِ التآلُفِ والوَحْدَة. هؤلاءِ كانوا، كَمَا أسْلافَهُم، أوفِياءَ، أنقِياءَ القَلْبِ واليَدِ والضَّميرِ والسَّريرةِ، ولا يَسْتَحِقُّونَ مِنْ كُلِّ مؤمِنٍ، ومن كُلِّ أحدٍ، إلاَّ الاحتِرامَ والوَفَاءَ عَيْنَه. يا أهْلَنا الأعزَّاءَ، أنْتُمْ في مَحَلِّ الاهتِمَامِ البالِغِ، والمتابَعَةِ الدَّقيقَةِ، لكلِّ ما يَسْتَجِدُّ في أوضَاعِكُم مِنْ أمور. إنَّنا في المجلِسِ المذهبيِّ لطائفَةِ الموحِّدينَ الدّروزِ ومَشْيَخَةِ العقلِ، بكلِّ ما يُمثِّلون، مُقَدِّرينَ عاليًا صَبْرَكُم وحِكْمَتَكُم وحِلمَكُم، نحنُ نَعْلَمُ أنَّكُم على خُطَى السَّلَفِ الصَّالِحِ سائرونَ، وبالمـُحافَظَةِ على حُرْمَةِ الجَّارِ مُتَمَسِّكُونَ، وبِحَبْلِ اللهِ نحنُ وإيَّاكُم مُعتصِمونَ، سائلينَ اللهَ سُبحَانَه وتعالى أن يُسَدِّدَ تَدبيرَكُم، ويُثَبِّتَ قُلوبَكُم، ويَكُفَّ عَنْكُم كُلَّ ضَيْمٍ، ويُفَرِّجَ عُنْكُم كُلَّ هَمٍّ، ونَسْألُه أنْ يَجْمَعَنا في طاعتِهِ ورِضْوانِهِ ورَحْمَتِه، إنَّه هُوَ الحكيمُ الخبير. كلمة سماحة شيخ العقل الشيخ نعيم حسن لمجلة الضحى العدد 11