المجلس المذهبي | مجلة الضحي
الجمعة ١٩ نيسان ٢٠٢٤ - 10 شوال 1445
كلمة سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن لمؤتمر كندا 26/آب 2014 

2014-08-26

باسـمه تَعَـالىَ بسم الله الرحمن الرحيم* الحمد لله رب العالمين* والصلاة والسّلام على سيِّد المرسَلين* وآله وأصحابه أجمعين، إلى يوم الدّين أخواني وأبنائي      

بدايةً، أحيّي مؤتمركم المنعقد للمرَّة التاسعة، مستحضرًا في ذهني الجهود الكبيرة التي يبذلها أبناؤنا في الاغتراب لتكريس هذا الإنجاز الحيويّ الذي يجب المحافظة عليه، والدفع بالإمكانات المُتاحة إلى تحقيق الأفضل باستمرار.    ويكفي هذا المؤتمر، الذي ترعاه هذه السنة الجمعيّة الدرزيّة في إدمنتون - كندا، فخرًا أنّه يجمع الدروز من بلاد الانتشار ليكونَ لهم فرصة جميلة للّقاء والتعارف بين شباب وشابات تجمع بينهم وحدة القلب والعقل من أجل تبادُل مشاعر المحبّة والصداقة والأخوَّة التي نستظلّ بها جميعًا في فَيْء تراثنا العظيم، وما هو مزروعٌ في قلوبنا منه من القِيَم السّامية، والمعارف الخالدة، والصفات الإنسانيَّة الراقية التي تجعل من المعروفيّ إنسانًا حضاريّا مميَّزًا أينما حلّ في بقاع الأرض وبلادها.    
 لا شك عندي إنّ مؤتمرَكم هذا هو رغبةٌ صادقة في اجتماع الشمل تحت سقف واحد في ظلّ الراية المعروفيّة الجامعة لكلّ معنًى إنسانيّ.      
فالألفة الإنسانيّة تنشأ في الأصل عن دافع طبيعيّ هو الأسرة التي هي "حجرُ الأساس الأخلاقي للحياة البشريّة إذا ما حقّقت غايتَها تحت حُكم العقل" .والعائلةُ هيَ النواة الأساسيّة لتكوين المجتمع، فإذا خرب الجزءُ، فسد الكلّ المكوَّن من مجموع الأجزاء. أخواني،   المجتمعُ التّوحيديّ في عمقه قائمٌ على المعرفة التي منها – على الأرجح – لُقِّب الموحدون ببني معروف. فالمعرفَةُ عندهُم ليست نظريَّة من باب أوْلى، بل هيَ التزامٌ بالقِيَم والأصُول والتّقاليدِ التي راكمها السَّلفُ الصّالِح، وباتت أعرافًا يتحلَّى بها المعروفيُّون مهما عصفت بأيّامِهِم رياحُ العصر. ويتمحورُ اجتماعُهُم حول رجال فضيلةٍ وحِكمة وزُهد، وحول رجال فِكر وقيادةٍ وتدبير، وحول روح تعاضُد وائتلاف في  الملمّات مهما تباينت الآراءُ وسطهُم. ولديهم العديد من الضوابطِ الرّاسخةِ في شِيَمهِم وأصالتِهم وحِسّهِم العالي بشرَفِ الرّجولةِ والشّجاعة والمروءةِ والصّدق والاتّزان. ولا غروَ، فإنّ مجتمعًا ينهلُ بالعقل من لطائف المعاني التي هي ثمرة التّوحيد، لهُو مجتمعٌ تشدُّه إلى العدالةِ أقوى الرّوابط وأرسخها.   وأنّني أثني بالشكر والتقدير على دعوتكم لنا، وتواصلِكم معنا، ونحنُ دائمًا نتطلَّع إلى تعزيز العلاقة، والبحث عن أفكار واقعيّة تجدُ سبيلَها إلى الإنجاز، وتسهمُ في تطوير الصّلة بما يخدم أهلَنا والأجيال الصّاعدة بكلّ السُّبُل، ولن ننسى دور الاغتراب مع أهلهم وعشيرتهم في الزمن الصعب. اخواني    
 ما نريده هو تمتينُ قاعدةِ التنسيق بيننا، ومدِّ جسور المشاركة وفقًا لما يقتضيه الواجب جميعًا. لدينا، بحكم اطّلاعنا، تراكم كبير للكثير من القضايا عبر سنوات طويلة، لا سيّما منها مسألةُ الثقافة وفهمْ التراث بشكل حيويّ.    
 إن مشيخة العقل والمجلس المذهبي في مسيرتهما الجديدة هما في خدمة أبناء الطائفة بدون تميز إلا بالعلم والعمل وما توفيقنا إلا بالله، ومما يساعدنا جميعاً بعونه تَعَالَى تجديد الثقة وحسن النوايا. لقد اقترحنا على أخواننا وأبنائنا في الولايات المتحدة اقامة مركز بحوث أكاديمي في الوطن لمتابعة القضايا بروح التعاون والمشاركة والمحافظة على القيم المعروفية السامية بشكل مستنير، ونحن في موقف الداعم لكم في كندا والـADS ولكل مناطق الانتشار في كل ما يفرضه الواجب علينا من اهتمام بشؤونكم جميعاً.    
 يدُنا ممدودة، وقلبُنا منفتح على كلّ مبادرةٍ خيِّرة، وأملُنا كبير بأنّ الجذور المعروفيَّة راسخة في الضمائر والعقول، وما علينا إلا أن نحقّق نهضتَنا المشتركة بما تمليه علينا الواجبات والمسؤوليّات ونداءات الضمائر.      
وصيتي، تعزيز سبل التواصل والتشاور الدائمين، وان كلاً منّا مسؤولٌ عن لفظه وعمله، وهو محاسبٌ عليه أمام الله والتاريخ.    
 وأوصيكم بحفظ بعضكم بعضاً، إياكم والتنافر فالخلاف يورث الفشل. فتشوا عن منابع الحلال أينما كنتم وابعدوا عن منافذ الحرام.    
 نتمنّى لكُم مؤتمرًا ناجحًا، مُنتجًا، خصبًا ببذور خيراته التي يزرعها في قلوب أهلنا وعقولهم. سائلين الله سبحانه وتعالى أن يأخذ بيدنا جميعًا نحو ما فيه الخير والفلاح.        
 دعائي لكم، بالصحة والعافية جميعاً، بالامان والاطمئنان وليوفقكم الله كل بنواياه الخيرة.
بيروت في: 26/8/2014.