المجلس المذهبي | مجلة الضحي
الأربعاء ٢٤ نيسان ٢٠٢٤ - 15 شوال 1445
كلمة مؤتمر الجمعية الاميركية الدرزية - كاليفورنيا 22-6-2014

2014-06-21

بسـم الله الرحمن الرحيـم الحمد لله رب العالمين* والصلاة والسّلام على سيِّد المرسَلين*
وآله وأصحابه أجمعين، إلى يوم الدّين اخواني واحبائي السلام عليكم رحمة المولى وبركاته    

 بدايةً، أحيّي مؤتمركم المنعقد للمرَّة الثامنة والستّين، مستحضرًا في ذهني الجهود الكبيرة التي بذلها السابقون في تكريس هذا الإنجاز الحيويّ الذي تحافظون عليه، وتدفعون بالإمكانات المُتاحة إلى تحقيق الأفضل باستمرار.    
 ويكفي هذا المؤتمر، الذي ترعاه جمعيّة الدروز الأميركيين ADS، فخرًا أنّه يجمع الموحدين الدروز من بلاد الانتشار في موعد سنويّ بات علامةً من علامات توْق الجماعة إلى التلاقي، وفرصةً للتعارف والزواج بين شبابنا وشاباتنا، وتبادُل مشاعر المحبّة والصداقة والأخوَّة التي نستظلّ بها جميعًا في فَيْء تراثنا العظيم، وما هو مزروعٌ في قلوبنا منه من القِيَم السّامية، والمعارف الخالدة، والصفات الإنسانيَّة الراقية التي تجعل من المعروفيّ إنسانًا حضاريّا مميَّزًا أينما حلّ في بقاع الأرض وبلادها. مثنياً على تعاون رئاسة جمعية ADS  وتواصلها معنا، وعلى دور "الكورا" في نشاطها الروحي للشباب اليافع، وبرنامجها المعتمد في هذا الشأن، الذي اطلعنا على مضمونه التأسيسي، وأبدينا وجهة نظرنا، متمنيًا للجميع دوام التقدم والتوفيق.      
إنّ مؤتمرَكم هذا هو رغبةٌ صادقة في جمع الشمل تحت سقف واحد في ظلّ الراية المعروفيّة الجامعة لكلّ معنًى إنسانيّ. أوصيكم بحفظ بعضكم بعضاً ، اياكم والتنافر فالخلاف يورث الفشل.      
أودّ أن أتطلَّع وإيّاكم إلى دفع هذه العاطفة النبيلة التي تربطنا إلى مزيد من الإنجازات النافعة، وإلى تحقيق ما نصبو إليه من وضع روحِ المشاركة في أُطُر بنيويَّة تنظيميَّة. مذكِّرًا بأنّ الأساس التنظيميّ الذي انطلق مجدّدا منذ ثمان سنوات، أعني المجلس المذهبي لطائفة الموحّدين الدروز وما تفرّع منه من لجان مختصّة، فضلا عمّا يدخل في نطاق مشيخة العقل من فعاليّات استشارية وغيرِها، هو قاعدة عمليَّة ينبغي تطويرها بروح واحدة، ورؤيةٍ مشتركة، وهمّةٍ جامعة، لأنه بهذا الطريق وحده، ومهما يعترضنا من صعوبات، يمكننا أن نترك للأجيال القادمة إنجازاتْ يفتخرون ويفاخرون بها، ويتابعون المسيرة بقوّة وطموح رائد. آملين أن يعي الجميع الدور الكبير لرمزنا الوطني الاستاذ وليد بك جنبلاط في وحدة الطائفة والوطن، لأننا نرى ومعه ان نجاح المجلس المذهبي هو السبيل الأمثل لتحقيق النهضة المطلوبة بمشاركة الجميع دون استثناء ، باعتباره مظلة تشمل الجميع بتشريعه القانوني المميّز. اخواني واحبائي      
ما نريده هو تمتينُ قاعدةِ التنسيق بيننا، ومدِّ جسور المشاركة وفقًا لما يقتضيه الواجب جميعًا. لدينا، بحكم اطّلاعنا، تراكم كبير للكثير من القضايا عبر ما يقارب المئة سنة في مجال تعاطي المقيمين مع ابنائنا في بلاد الانتشار وقضاياهم، لا سيّما منها مسألةُ الثقافة وفهمْ التراث بشكل حيويّ. باختصار، أودّ أن أشارككم بعض الملاحظات التي أعتبرُها مهمّةً في هذا السياق دون أن ننسى دور الاغتراب في الوقوف الى جانب أهلهم ودورهم النضالي في الزمن الصعب وهي: -   ضرورة القيام بمراجعة شاملة لهذا التراكم لاستخلاص الجوهر منه، وذلك بالاستفادة من إيجابيّاته، وبإهمال سلبيّاته. -   ضرورة التوقف عند التجارب الأكاديميّة السابقة بوعيٍ منهجيّ لدراسة مكامن الفائدة والخلل في الوقت عينه، وذلك لدفع هذا المنحى نحو سبيل سليم مستقيم. -   إيلاء الاهتمام الوافي لتمتين الصِّـلات، مقترحين اقامة مركز بحوث أكاديمي في الوطن لمتابعة هذه القضايا بروح التعاون والمشاركة والمحافظة على القيَم المعروفيّة السامية بشكل مستنير، دون أن ننسى مقررات المؤتمر الاغترابي الذي عُقد في الوطن العام 2010. وأذكر في هذا الصدد تواصلَنا المتجدد بحمده تعالى مع ADF حرصًا منّا على تنسيق الرؤية السليمة والنهج القويم.      
يدُنا ممدودة، وقلبُنا منفتح على كلّ مبادرةٍ خيِّرة، وأملُنا كبير بأنّ الجذور المعروفيَّة راسخة في الضمائر والعقول، وما علينا إلا أن نحقّق نهضتَنا المشتركة بما تمليه علينا الواجبات والمسؤوليّات ونداءات الضمائر.    
 وصيتي، تعزيز سبل التواصل والتشاور الدائمين، وان كلاً منّا مسؤولٌ عن لفظه وعمله، وهو محاسبٌ عليه أمام الله والتاريخ.      
تمنّى لكُم مؤتمرًا ناجحًا، مُنتجًا، خصبًا ببذور خيراته التي يزرعها في قلوب أهلنا وعقولهم. سائلين الله سبحانه وتعالى أن يأخذ بيدنا جميعًا نحو ما فيه الخير والفلاح.           
دعائي لكم، بالصحة والعافية جميعاً ، بالامان والاطمئنان وليوفقكم الله كلٌ بنواياه الخيرة.                                                        
شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز 
نعبم حسن
بيروت في: 21/6/2014.