المجلس المذهبي | مجلة الضحي
الخميس ٢٥ نيسان ٢٠٢٤ - 16 شوال 1445
كلمة سماحة شيخ العقل الشيخ نعيم حسن في تكريم مجلس أمناء "الضحى" 8/11/2013

2013-11-08

بســـم الله الرحمن الرحيم كلمة سماحة شيخ العقل الشيخ نعيم حسن في تكريم مجلس أمناء "الضحى"    

 تُزهرُ المجالسُ العامَّة بالخَير، وبأصحاب الفضل والمروءة، وبالعاملين الّذين فُضِّلوا على القاعدين تفضيلا. وها هي الدّار اليومَ زاهرةٌ بحضوركم، وبما أتيتموه لها بقلوبكم ونواياكم من سعيٍ مشكور، وهِمّةٍ حميدة، وإقدامٍ كريم، بالمبادرة إلى العمل العام في سبيل نهضةِ طائفتنا وبلدنا في كلّ الحقول.    
 نرحِّبُ بكم في داركُم التي نسأل الله تعالى أن تبقى عزيزة، أبيَّة، شامخة بالحقّ، وحاملة على الدّوام لواء الكلمة الجامعة، والكلمة الطيّبة التي تستمدُّ معناها من توحيدنا الأثيل، وتراثنا الأصيل، لتكونَ دعوةً لجمع الشَّمل، ووحدةِ الصّفّ، بهَدْي العقل، وإشراق نيَّة الخير في الأفئدة، والتّطلّع إلى ما فيه المصالح الحيويَّة لعشيرتنا المعروفيَّة العريقة. هذا الأمرُ هو الرّوحُ التي نستنيرُ بها ليكونَ عملُنا دافعًا نحو تنميةٍ ذات خصوبة لكلِّ إمكانات الازدهار الكامنة في مناطقنا وأوقافنا ومؤسّساتنا، والأهمّ، في الطاقات البشريّة التي هي في الحقيقة مدعاة فخر واعتزاز، خصوصًا أيضًا في الإمكان الكبير الواعد لجيلٍ شابّ صاعد يتطلَّع إلينا كي نعطيَه الفرصةَ والأمل بجهودٍ جماعيَّة تحرِّكُ مسيرةً نهضويَّة تلبّي ما يمكن أن يفتح أبواب الفلاح لطموحاتهم وآمالهم.    
 والمجلسُ، حين تحرَّك منذ البداية التي أعقبت زمنًا طويلا من المراوحة في دوّامة الحرب ونتائجها، لم يجد الطريقَ معبَّدًا أمامه، بل صعوبات وتعقيدات وإرثـًا ثقيلا من ملفّاتٍ شائكة ومعقَّدة بشتَّى المصاعب، خصوصًا، بل الأخصّ، في ملفّات الأوقاف التي تشكِّلُ ثروةً استثماريّة وعقاريَّة لكنّها، بمعظمها، مكبَّلةٌ بإشكاليّات قانونيَّة متعدِّدة القضايا، وبصعوبات واقعيَّة متراكمة نتيجة إهمال الأمر الواقع، بل وبأزمات تولِّدها مساعي الحلول بسبب تشبُّث البعض بمقارباتٍ تراعي المصالح الضيِّقة وانعدام وجود رؤية شاملة لمفهوم الاصلاح والنّهوض والمصلحة العُليا للطائفة. ومع كلّ هذا، فإنَّ نسعى بجهود حثيثة، ومتابعة مضنية، وعملٍ دؤوب ويتحمَّل تبعاته كثيرون من اخواننا في لجان المجلس المذهبي والمديرية العامة، فلهم عظيم الأجر والثواب.     والزَّكاةُ عند الموحِّدين أمرٌ واجب، ويُخطئُ البعضُ كثيرًا حين يتناسون أنَّ معناها الأرحب والأشمل ترسَّخ في الأصول تحت خصلة: حفظ الاخوان. ولا يكونُ حفظٌ إلا ببذل المال والعِلم والقُدرة وما ملكت اليد، وما استفاض به القلبُ والعقل، إلى أخيه بكلّ معاني الأخوَّة واشتمالها العام. ومَن يعي هذا الأمر مبادِرًا إليه، فهو مكرَّم ومُثاب، وليس لنا نحنُ أن نكرِّمه إلا بالشّكر والتقدير، ولكنَّ التكريم الحقيقي هو في خزائن الله المصانة في المحلّ الّذي لا يُبلى. ومَن يفتح الله تعالى قلبَه على البذل والعطاء في مسالك الخَير، يكونُ هو السائرَ بتوفيق الله وبركتِه ورعايته "ونِعم أجر العاملين".    
أحيِّي أعضاء مجلس أمناء "الضحى" من هذا الباب. وأشكر لهُم مبادرتَهم وتضحياتِهم وسعةَ أفُق رؤياهُم. حفلت الضحى بالكثير من المواضيع الدينيَّة والتاريخيَّة والأدبيّة والاجتماعيَّة بما يمكّنها أن تكون في بعض المواضيع توثيقيّة، خصوصًا في غياب نشرة تضاهيها في مجتمعنا. ولكن لا بدّ من قول ما لا بدَّ من قوله، إنّنا نتطلَّع إلى مزيدٍ من التّماسك في مفهوم إرثنا الثقافي وهويّته على صفحات "الضحى". وإلى طرح المزيد من الإشكاليّات القائمة الآن في مناطقنا أعني الاقتصادية والحياتيّة والتربويّة إلخ... كما نتطلّع إلى أن تخصِّصَ من صفحاتها ما يقارب عصرنا الحالي فكريًّا وثقافيّا عبر مفكّرين وعلماء وأساتذة جامعيّين لهم شأنهم، ليس فقط في طائفتنا، بل في لبنان والعالم الاسلامي. لا بدّ إذًا من المزيد من المشورة في تحريرها، وفي إثراء محتواها، لتواكب حركة الحياة، وهذا من أوَّل مبادئ العمل الثقافي الناجع.  
  لكم الفضل في وضع هذا المشروع في السياق كي يحقِّق ما حقَّقه من إنجاز، وعلينا أن نرقى بالمسؤوليَّة إلى غايةٍ مثلى توازي ما تضحّون به وتبذلونه، ليكونَ هذا بابًا من أبواب الشّكر لا بدّ يُفرح قلوبَكم، ويلبّي طموحكم، ويعزِّز إسهامكم في مسيرتنا، نسأل الله العليّ القدير أن يسامحنا، وأن يلهمنا دائمًا إلى ما فيه الخير والصّلاح.
بيروت في: 8/11/2013