المجلس المذهبي | مجلة الضحي
الخميس ٢٥ نيسان ٢٠٢٤ - 16 شوال 1445
كلمة سماحة شيخ العقل الشيخ نعيم حسن لعدد مجلة الضحى 6- ايلول 2012

2012-09-06

رسالة سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز لمجلة الضحى ﴿وَقُــلِ اعمَلُوا﴾
   
 يتضمَّن هذا العدد من "الضحى" بحثا يمكن اعتباره مدخلاً رصينًا لسيرة حياة الشيخ الفاضل الجليل أبي محمد جواد وليّ الدِّين رحمه الله. ومن شأن هذه الإضاءة المعرفيَّة أن توضح الركائز الروحيَّة، والثوابت المسلكيَّة، والرؤية الأخلاقيَّة التي تشكِّل معنى الحياة عينها عند ما يسمِّيه الموحِّدون بحقّ "الشيوخ الثّقات". هؤلاء يجسِّدون بثباتهم في امتثال الحقيقة، نماذج حيَّة شاهدة على حضور الفضيلة الإنسانيَّة في كلِّ عصر.      
وما عهدناه في شيخنا الكبير، مواكبته الدائمة لسياق العمل الاجتماعي العام، عبر متابعته لسياقات العمل في بعض المؤسّسات لجهة إرشاده الأخلاقي المتواصل، وحثِّه جيل الشباب من الموحِّدين على امتثال الخصال الحميدة في سلوكهم، وانتهاج الطرائق السليمة في أعمالهم، وضرورة تنبّههم إلى أن يكونوا في مجتمعهم قدوة للخير والصّلاح والاستقامة.      
ونحن، على عتبات الدخول في مرحلةٍ جديدةٍ للمؤسّسة الجامعة الكبرى لدى طائفة الموحِّدين الدروز عبر مناسبة انتخابات أعضائها، لا يسعنا إلاَّ أن نلفتَ انتباه جميع أبنائنا من دون أيّ استثناء، إلى الأهميَّة الفائقة لمعنى التمثيل الانتخابي في هذا الصَّرح القائم على أسُس قانونيَّة وتنظيميَّة وإداريَّة واضحة وسليمة. إنَّه ليس بالأمر العادي أن يكون ثمَّة فرصة لكلِّ الفئات المهنيَّة، والشَّرائح الاجتماعيَّة، أن تنتخب بشكل ديموقراطي ، مندوبيها إلى الهيئة العامَّة للمجلس المذهبي العتيد.      
إنه من بديهيَّات الحقائق وجوب أن يكون العضو المنتخَب رائدًا في وسَطه العمليّ وبيئته الأهليَّة، بمعنى أن يكون من نخبة القوم في أخلاقه ومناقبيته ومسالكه، وهذه جذورها في القلوب الكبيرة التي ترتوي من ينابيع العزة والاباء، وتتزين بالحكمة والرأي السديد، شعارها التعقل، ورؤيتها بصيرة ثاقبة، وكلامها بالحق والصدق والوفاء، ولا يمكن أن يكون الانسان من هذه النخبة إن لم تكن روحه عامرة بحبّ الخير الذي لا ينقسم، أي أن يكون شاملًا للجميع، فيكون اندفاعه إلى العمل والبذل خيِّرًا ونافعًا للكلِّ بلا استثناء.    
 إن القدوة هي التي توفِّر القاعدة الصحيحة التي لا بد منها لكلِّ مبادرةٍ نهضويَّة، والفكر المصلح هو المنتصر أبداً سواء أأفلح في تحقيق أهدافه، أم أخفق في ذلك نتيجة صعوبات الزَّمان وإشكالاته.     
 إنَّ رسالة الانسان المثلى في معترك الحياة هي أن يعطي أكثر مما يأخذ، وأن يؤدِّي من الواجب ما يوازي الحق وما يكون مستنيرًا به من غير التباس.      
النخبة هذه تتعاون على النفع، وتسير على هدى العقل، وتسمو فوق الغرضيات الأنانية، وهي فعل تربية صالحة تؤمن بقول الشاعر: انما المرء حديث لغيره                      
فكن حديثاً حسناً لمن روى النخبة لا تهتم بكيد الحاسدين، وبهتان المنافقين، ولا يقعدها عن العمل من يقذفها بكلام على غير حق، ويرميها باتهمات في زاويا كل المجتمعات.      
والنخبة تقابل الحقد بالابتسام، والجحود بالتسامح، وتعلم أنّ المضيَّ في الإصلاح قدُمًا هو سبيل معرَّض للسهام من أجل النيل منه بالقنوط والإحباط، وصولا إلى اليأس وترك السّاحة لذوي المصالح الضيِّقة.    
 إنَّ في مجتمعنا ظواهر كثيرة للانحلال والالتباس وانعدام وضوح الرؤية نتيجة الاستسهال والجهل، لذلك، فإنَّ الاصلاح يتطلَّب الجهد والمكابدة والمشقَّة تحقيقًا للنهوض والفلاح.      
لذلك، فإنَّنا نهيب بكلِّ ذوي الإخلاص والكفاءة والنوايا الصّادقة والطامحة إلى تحقيق الانجازات التي من شأنها النهوض بمجتمعنا من عثراته وكبواته، إلى أن يبادروا إلى المساهمة في هذه المسيرة التي نريدها أن تحيي الأمل في نفوس الجميع، لنمضي سويًّا، بأيادٍ متضامنة متشابكة، إلى ما يرفع هواجس القلق من المستقبل. إنَّ فلاح الأمم لا يمكن أن يتحوَّل إلى حقيقة باهرة للأبصار والبصائر إلا بتضافر الجهود، وتعاضد الهمَم، والمسابقة إلى الخير العام. ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾.
مجلة الضحى 6- ايلول 2012
* * * * * * * *