المجلس المذهبي | مجلة الضحي
الخميس ٢٥ نيسان ٢٠٢٤ - 16 شوال 1445
كلمة سماحة شيخ العقل الشيخ نعيم حسن لعدد مجلة الضحى 3- حزيران 2011

2011-06-03

بســـــــم الله الرحمن الرحيم      
 انطلقت "الضحى" بحرِّيــَّة مسؤولة في آفاق نهضويّة. ونحن نفهم دوافع النهضة من منطلق حرّية الحركة التي لا يقيِّدها إلاَّ ثوابت الفضيلة، والإخلاص لآداب القيَم الإنسانيّة السامية، والالتزام العاقل بالمصالح الحقيقيّة لشعبنا الوفي. إنّه من خلال تحمّل مسؤوليّة الخدمة، والتصدّي اليومي انكبابًا في البحث عن حلول صادقة وواقعيَّة للعديد من مشاكلنا المتراكمة، تترسّخُ في قناعتنا ضرورة المضيّ قدُمًا في ترسيخ مسيرة العمل المؤسّساتي وآليّاته المحكومة بالقانون، والمرهونة بشفافيّة نريدها بقوّة بأكثر ممّا يتخيّله المغرضون.    
 إنّه من السهولة بمكان أن نتربَّع في كنف العصبيّات والغرضيّات، مُطلقِين الكلام من دون قيد الموضوعيّة، ومتعمِّدين إثارة غبار الشكّ والالتباس، من دون أن نخطو خطوة واحدة في سياق التآلفوالقاسم المشترك. أمثال هؤلاء يضيرهم نجاح عقليّة المؤسّسة وتفعيل مسارها الديموقراطي الفالح. هؤلاء ينتمون إلى الجانب العقيم من الماضي. يؤلمنا أن يُفهم تمسّكنا بخطاب الدعوة إلى التوحّد والمشاركة  وقبول الآخر وكأنه متولِّد عن الضعف. لا، على الإطلاق، إذ أنّ حرصنا على نبذ عوامل التفرقة يحصّننا ويحول بيننا وبين الانزلاق في متاهة المناكفة والجدل السلبي الذي يريد عن عمدٍ مزيدًا من الغرق في عنصريّة فئويّة تأباها الأخلاق التوحيديَّة الأصيلة. نحنُ تُشغلنا هموم البناء، لا من أجل أشخاصنا، بل من أجل مجتمعنا، إذ أننا كلنا إلى زوال، لا يبقى إلاّ ما نفع الناس بحقّ وصدق.      
هذه هي "الضحى" في أفق الحرّية "المضاءة بالعقل"، المستنيرة بشعور أداءِ واجبٍ نهضويّ، من غير ادّعاء الاستئثار بالرأي، ومن غير قيود لعبة التحكّم الإعلامي الموجّه لخدمة مصالح أنانية، بل هي توجّه النداء إلى كلّ مُستشعرٍ بروح المشاركة، وإلى كلِّ غيور على المصلحة العامة، وإلى كلِّ مؤمن بأن "إضاءة شمعة أفضل من المكوث في العتمة وإطلاق اللعنة على دياجي الظلام". نحن نسمح لأنفسنا بأن نوجِّه، من موقع الخدمة والمسؤوليَّة، حفاظا على ما يتطلّبه التوحيد من آداب، وما يليق بالمعرفة من دقَّةٍ موضوعيَّة، ومنهجيَّة صادقة. هذه المعايير التي نلتزمها تضعنا حتمًا في موقع المواجهة مع "السفسطة"، أي كلّ كلام يفتقد الأسُس المنطقيَّة، ويتوخّى تعميم الشكّ والالتباس، فقط لخدمة نوازع النّفس والطّبع.      
هذه إحدى تطلعاتنا التي نفهمُ من خلالها دور "مشيخة العقل" الذي لا بدّ له من أن يكون جامعًا وموحِّدًا. إنّ الهمَّ الفكري والثقافي والنهضويّ يلحّ علينا من أجل العمل على دعم ما من شأنه تعزيز مفاهيم المشاركة وتبادل الرأي وتلقّي المبادرات برحابة صدر، وذلك في كلِّ حقلٍ من حقول العمل الإنمائيّ القائم على فهمٍ عميق وموضوعيّ وموزون لمشاكل مجتمعنا المعروفيّ وقضاياه الملحَّة. إنّ فهمَنا للمسؤوليّة ولمتطلّبات الخدمة لا ينفصم عن إيماننا الراسخ بالقيَم السامية التي ميّزت أخلاق الموحِّدين وشيمهم عبر التاريخ، لذلك، فإننا نسعى مخلصين، والله من وراء القصد، للمضيّ قدُمًا في بناء مسيرة العمل الجاد والدؤوب الذي يعود بنفعه على مجتمعنا ووطننا، مخلّفين وراءنا، بمعونته، كل نوازع النفس إلى المنافرة والشقاق. لقد تعلمنا من مشايخنا الحكماء الأجلاء الحكمة القائلة: إنّ التآلف باب إلى الخير، والخلاف منحدر خطر نحو الخيبة والخراب.
مجلة الضُحَى 3 حزيران 2011
* * * * * * * * *