المجلس المذهبي | مجلة الضحي
الخميس ٢٥ نيسان ٢٠٢٤ - 16 شوال 1445
كلمة سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن بمناسبة عيد الأضحى المُبارك 26/10/2012

2012-10-26

لمناسبة عيد الأضحى المبارك، امّ سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز نعيم حسن الصلاة صبيحة العيد في مقام الامير عبدالله  في عبيه، بمشاركة فاعليات روحية وزمنية، والقى خطبة العيد، جاء فيها: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمدُ لله ربّ العالَمين، والصّلاة والسّلام على سيِّد الرُّسل أجمعين، وآله وصحبه الأطهار الميامين، إلى يوم الدِّين      الأضحى هو القُربانُ الَّذي يتقرَّبُ به العبدُ إلى ربِّه راضيًا مسلِّمًا بعد التَّوجُّه إليه بخالصِ النيَّة وروحانيَّةِ القصْد. وما ينالُ الله عزَّ وجلَّ منه هو التَّقوى كما علَّمَنا في كتابه العزيز. والقصدُ المخلِص هو الوقوفُ في حضرةِ الحقّ سائلين القلوبَ والأنفُسَ والجوارحَ عمَّا تَقَرَّبنا به إلى خالقِنا سبحانهُ وتعالى من شرائفِ الخواطِر والطّاعات والاجتنابات، وما اكتسبناهُ من حميد اثرللطائفِ والعلومِ والعبادات. فإنْ أردنا العدلَ في الحياةِ الدّنيا، فالأوْلى أن نعدِلَ مع جواهر نفوسِنا بإلزامِها ما يُحيِـيها من حِفظِ معالم الدِّين الحنيف، وضبط مسالكِها وفق ما اقتضاهُ الحقُّ والنَّهجُ الشَّريف. فإذا ما توسَّلنا الباري تعالى أن يجمعَ شملَنا في دار الأمان، فالحقّ أن نكونَ صادقين بما عاهدناه عليه من اتِّباعِ الأوامر والانتهاء عن النّواهي بما يُرضِيه، وبما يحقِّقُ لنا في ذواتنا معاني الإنسانيَّة والخير والفضل التي بها يكون صلاحُ الفرد والمجتمعاتِ في العاجل، والفوزُ العظيمُ برحمةِ الله وغفرانِه ورضاه في الآجِل.      
وجوهرُ الأضحى أن نمضي قاصدين وجهَه بالتجرُّد عن كلِّ شهوات النّفس ووساوسها، إذّاك نسير بنفسٍ مطمئنَّة طائعة راضية كي يليقَ بها النّظرُ إلى مرآة الحق وامتثال النّور بما يقتضيه ويلزمه كي ترقى إلى حدِّ الإنسانيَّةِ التي خُلِقت من أجله.    
 نستحقُّ نعمةَ العِيد إذا أخلصنا السّعيَ نحو حرَم الحقّ، وهو سعيٌ لا ينفعُ معهُ تشبُّثٌ بمصالح آنيَّة، واستغراقٌ في متاهةِ العلائق الدنيويَّة، وميْلُ القلوبِ إلى استِحلاءِ مظاهر الجاه، وطلبِ الرِّئاسةِ، وتجاوز الحدّ، واتِّخاذ المعاندةِ دون الحقّ سبيلا إلى المناكفةِ، وبذر الشّقاق، ومحاولة سلب عقول النّاس بالأقوال غير المسنودةِ إلى أيّ واقع يصدِّقها. ولو يعلمُ المرءُ مدى ما يسبِّبُه في أوساطِ المجتمع من التباسات الأفهام، والافتئات على الحقّ، بغير صدق بالكلام لكان وقف عند حدِّ خوف الله والتزم التّقوى بابًا إلى التَّوبةِ وإصلاح الحال. إخواني،    
 الحقُّ يجبُ أن يكون ملاذَنا في كلِّ وقت، خصوصًا في زمننا العصيب. هذا يعني أن نسمو بأخلاقِنا ومسالكِنا وعلاقاتنا بوسَطِنا الاجتماعيّ وبمجتمعِنا إلى مرقى الصّادقين والسّاعين إلى الخير، والمتطلّعين إلى نبذِ كلّ أسباب المنافرةِ والتفرُّد بالرَّأي. إن نهضةَ المجتمعات متَّصلةٌ بائتلافِ الجهود، وتعاضُد الجماعة، وجعل التعاون المنسجم المشترَك غايةً في ذاته كي تُثمرَ المؤسَّسات ما هو الغاية من وجودها، أي خدمة النّاس، ومشاركتَهم في همومهم ومشاكلِهم وتطلّعاتهم، بل في أحلامهِم بكلِّ محبَّةٍ واندفاع من أجل تحقيق الإنجازات التي من شأنها أن تولِّد الحوافز لجمع الشَّمل، والدَّفع بمسيرةِ العمل الاجتماعي نحو النَّجاح واستيعاب كافَّة الطاقات، الأمر الَّذي يُعيدُ إنارةَ الأمل لأبنائنا في كلِّ مكان، وهذا أمرٌ نتطلَّعُ إليه بشوق كي تصيرَ هذه الأهدافُ السّاميةُ واقعًا يجمعُ في كنفه كلّ طامح إلى خدمة مجتمعِه ووطنه، وتطلعاتنا  الى المجلس المذهبي الجديد. أيها اللبنانيون،    
 إنَّ الزَّمانَ الصَّعبَ بظروفِه وأحداثِه يجبُ أن يكون حافِزًا أساسيًّا لنا كي تُستضاءَ روحُنا بهذه التّطلعّات الخيِّرة، وبالتالي، إلى السَّعيِ المخلِص في مواجهةِ كافّة العقبات وعوامل الخلل التي يتعرَّضُ لها مجتمعُنا ووطنُنا. ولا نرى مسافةً ما بين إصلاح الذّات وإصلاح وسطها الاجتماعي. لذلك، ليس لنا إلاَّ أن نذكِّرَ الجميع بأنَّ التضحيات من أجل عبور الصِّعاب هي مسألة ضمير وذمَّة. إنَّه من نِعمِ الله سبحانه وتعالى أن نرى ضوءَ الأمل وسط الظلمة. وبلدُنا لا يخلو من الرِّجال المخلِصين الَّذين يستشعرون موقعَ الحُكم مسؤوليَّةً كبرى، فيتصدَّون إلى مجابهةِ الأحداث الخطيرة بكلِّ شجاعةٍ ورصانةٍ وإخلاصٍ، متطلِّعين أبدًا إلى منافذِ الخلاص عبر التشاور والحوار والتَّدبير الحكيم كي تتجنَّبَ البلادُ آثارَ المحن، ومخاطر الانزلاق في ما لا تُحمد عقباه.    
 إنَّنا نناشدُ كافَّةَ المسؤولِين في هذه اللحظات الحزينة والصَّعبة من تاريخنا، أن يتشبَّـثوا بثوابت الميثاق الوطنيّ، ممَّا يعني أن يــبادروا إلى استعادةِ اللغة التي تجمع ولا تفرِّق، وأن لا يوفِّروا جهدًا في العمل على نزع عوامل الشكّ من المناخ الوطني، وبذل الهمَّة باتّجاه إخماد أسباب الاحتقان الفئويّ. إنَّنا نؤمن أنَّ كلَّ هذا ما زال من الممكنات إذا توفَّرت الإرادات الطيِّبة والنوايا التي تريد لبلدنا ولشعبنا الخير والاستقرار.      
وفي هذه المناسبة نجدد ادانة اغتيال اللواء وسام الحسن ورفيقه  وندين الارهاب بكل أشكاله وفي أي بقعة كانت، انه قتل النفس التي حرم الله.    
 اننا نبدي قلقنا من حالة التوتر القائمة والمخاطر المحدقة بوطننا التي يتعرض لها منذ عقود ونتسائل اما آن للبنانيين أن يعتبروا؟ ولا يسعنا الا ان نرفع الدعاء للباري عز وجل ان يلهم اللبنانيين وقياداتهم الحكمة الكافية لتخطي هذه المرحلة المصيرية بوعي وبتدارك للفتنة وبتبصر في عواقب الامور.    
 ندعم جهود رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان والمخلصين ونطالب بدعم دعوته  الى طاولة حوار وطني حقيقي تؤسس لمرحلة مقبلة جديدة تختلف عن سابقاتها بتقديم التنازلات لمصلحة البلاد لا لمصلحة الخارج.      
نؤيد مواقف وليد بك جنبلاط في الحفاظ على السلم الأهلي و الحرص على وحدة اللبنانيين و المصلحة الوطنية العليا، والمطالبة بفصل المعالجات الاقتصادية عن الاعتبارات السياسية.      
نحذر في الشأن الحكومي من الفراغ الذي يؤدي الى شلل المؤسسات، ونرحب بكل اتفاق ووفاق ونشكر كل من يسعى اليها.      
ندعو الى الالتفاف حول المؤسسة العسكرية الضامنة لاستقرار هذا الوطن والتي أثبتت في المرحلة الأخيرة نجاحها في ضبط الأمن وتجنيب البلاد ما لا تحمد عقباه.      
نسأل الله تعالى ان يمن على سوريا بالخروج من أزمتها المؤلمة ، وان يعيد اليها السلم الاهلي والأمن والأمان وبوقف نزيف الدماء فيها ،  وان يتحقق للشعب السوري الأبي  مطاليبه وتطلعاته وأمانيه.      
نرى في زيارة سمو أمير قطر الى قطاع غزة مبادرة تاريخية، تدعم حقوق المقاومة في الأرض والمقدسات. وتبقى قضية فلسطين وحماية مقدساتها وارضها من التهويد والاستيطان قضية العرب الأولى.      
نسأل الله أن يكونَ عيدُنا مناسبةً للتوقُّف أمام المعاني السّامية التي أرادها اللهُ سبحانه وتعالى لنا هدًى ونورًا يُستضَاءُ به لخير النّاس وخير الأمَّة.                      وكل عام وأنتم بخير      
* * * * *