المجلس المذهبي | مجلة الضحي
الخميس ٢٥ نيسان ٢٠٢٤ - 16 شوال 1445
كلمة سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن بمناسبة ذكرى الاسراء والمعراج 16-6-2012

2012-06-16

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ربِّ العالمين. والصلاةُ والسلامُ على سيِّد المرسَلين، وآله وصحبه أجمعين، إلى يوم الدِّين
قال تعالى في كتابه الكريم ﴿سَنُرِيهِم آياتِنا في الآفاق وفي أنفسِهِم حتّى يتبيَّنَ أنَّهُ الحقُّ﴾ (فصّلت53)، وكان المعنى المكتنز في القرآن العظيم أعظمَ الآيات لقوم يتفكَّرون ويطيعون ويتدبَّرون الأمرَ بقبولِ الحقّ، وتهذيبِ النّفس، ليكونَ العدلُ في النّاس والخيرُ والفلاح. ومن عظيم آياتِه سبحانه أن ﴿أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ (الإسراء 1). تلك رحلةٌ يستشعرُ بمعانيها المؤمنُ ما يطيِّب روحَه، ويشدّ من أزره، ويثبّته في الطاعةِ شوقا إلى استلهام هذا المعراج الأسمى الّذي يرقى به من علائق الأرض إلى فسحةِ الحقّ والسّلام. وما الإسلام الحنيف إلا دعوة للارتقاءِ بالرّوح من التباساتِ متاع الدّنيا وجاهها إلى بوارق المعنى الإلهيّ اللطيف الّذي به يتحقَّق الإنسانُ إنسانا. وكلّ مناسبةٍ في هذا الإرث العظيم هي دعوةٌ للتأمّل والاستشعار سبيلا إلى التّوبةِ والعودة بالنّفسِ إلى جوهر القصد، وغاية الأمر. إنَّه يومٌ نستذكرُ فيه موقعَنا من فضيلة الارتقاء والسموّ إلى ما أرادهُ الله عزّ وجلّ لنا من مسلكٍ قويم، والتزام حميد يوصلنا إلى رضاه. إنه بهذا الصّفاء الرّوحيّ يتأجّجُ في قلبنا ووجداننا الشّوقُ إلى الدّلالة الكبرى في رحلةِ الإسراء والمعراج التي هي المرقى الرّوحيّ الأسمى، وأيضًا الشّوق إلى المسجدِ الّذي كرّمه الله تعالى في القدس الشّريف، ويكفي أن نقفَ أمام هذا المعنى لندركَ حالَ الأمَّة في زماننا العصيب، وكيف ترزح القدس تحت الاحتلال من قبَل عدوّ غاصِب. ولكن، هل نستدركُ أمرنَا بمزيدٍ من الانقسام والنّزاعات والتشتّت وشقّ الصّفّ الّذي يجب أن يكون واحدًا كالبنيان المرصوص؟ هل يكون جوابُنا بأن نكرِّس في أرضنا وداخل حِمانا حالة الصّراع والاقتـتال والفتنة؟ هل يكون وفاؤنا لإيماننا بأن تنصبَّ جهودُنا لتكريس غلَبَة فئةٍ على فئةٍ بيننا؟ نقولها بقلب جريح: ليس لأمّتنا بُراقٌ يصعد بها من هوّة المحنة إلى ذروةِ الفلاح إلا بالعودةِ إلى ضميرها الحيّ بالحقّ، فتنكبُّ على إحياء عوامل إعادة اللحمة إلى شرائح مجتمعاتها بكلّ أطيافها التّاريخيَّة، وتجعلُ من أولويَّاتها أن يكون قرارُ الحُكم نابعًا من المفهوم الأرفع للعدل بين كلّ النّاس، إذّاك نعود إلى جادة الصّواب سبيلا إلى رضى الله واستحقاق النّعمة. بهذه الأماني الصّادقة نسأل الله تعالى أن يلهمنا إلى ما فيه رضاه، وأن يحمي وطنَنا وشعبنا من شرور الفتن، وأن يُلهمَ القادة في أمّتنا إلى نعمة الحُكم بالعدل والخير، وأن يفتح لنا بابَ التوفيق لنرقى بأعمالنا ونفوسِنا ومساعينا كي تقودنا إلى الصّلاة في الأقصى المبارك تحت رايات الكرامة والنّصر.