المجلس المذهبي | مجلة الضحي
السبت ٢٠ نيسان ٢٠٢٤ - 11 شوال 1445
رسالة سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز بمناسب عيد المولد النبوي الشريف 3/2/2012

2012-02-03

بمناسبة عيد المولد النبوي الشريف، وجّه سماحة شيخ عقل طائفة الموّحدين الدروز الشيخ نعيم حسن رسالة عشية العيد جاء فيها:
الحمد لله ربّ العالمين* والصلاةُ والسّلام على سيِّد المرسلين* وآله وصحبه أجمعين* إلى يوم الدِّين إخوتنا في الإسلام وفي الإنسانيّة، يكفي قلوبَنا في هذه الذِّكرى، أن نقف مليًّا أمام مقاصد الآية الكريمة ﴿وَما أرسلناكَ إلاّ رحمةً للعالمين﴾، لكي نستشعرَ النِّعمةَ، ونخشعَ بتواضعٍ ورجاءٍ لخالق كريمٍ رحيم، جبّارٍ قوي، شاكرين له الرّحمة والرِّفق والنّور الذي هدى به النّاس، ودعاهُم للخروج من عصبيّات الجاهليّة الأولى إلى رحاب الإنسانيّة جمعاء، وليقظة النفوس بما حباها الله تعالى به من لطائف ومواهب روحيّة لترقى بها من حضيض الظلمة والشّهوة والطمع وحبّ الرّئاسة والتسلّط، إلى يفاع الحقّ والفضيلة والسموّ الأخلاقيّ الرّفيع. ويحلو لنا، لعقلِنا وفكرنا وروحِنا، أن ننظرَ إلى مثل هذا اليوم، كما لكلِّ يومٍ أضاءت فيه البشريّةُ بذِكر الرِّسالة الإلهيّة، وبإشراق كلمة نبيّ مُرسَل، أن نستلهمَ ونعتبرَ ونقتدي، بل ونغتسل بالنُّور إذا كانت لنا القدرة على ذلك، والنّور بين أيدينا يشعّ من الرِّسالة التي وُلِد من أجل تبليغها الرّسولُ، خاتم الأنبياء، وسيِّد المرسَلين. نعم، يحلو لنا أن نُنبِّه نفوسَنا إلى المعاني المشعّة، وإلى دفقات الخير العميم التي أحياها الحديثُ الشّريف من فيض كتاب الله، لكي نرفع الصّوت في هذا الليل المخيف، أن عودوا إلى صفاء الرّوح، لوذُوا بمقاصِد الرِّسالة الحكيمة، تطهَّروا بالتّمسكِ بما أراده الله سبحانه وتعالى لنا من بركةٍ ويُسرٍ ونِعمة. ولا نرى تلك العودة إلاّ بنأي النّفس عن الخبث والهوى والحقد، ولا نرى ذلك التّطهّر إلاّ بالتوبة أي بالعودة إلى صفاء الكلام الإلهيّ وتحقيق مراميه بالأخلاق الحميدة، والتصرّفات الشّريفة، والسلوكيّات العفيفة. لا لكلِّ سياسةٍ تخرجُنا عن نور الحقّ. نحن نفهمُ السّياسةَ بالمفهوم الّذي يجعلها أكثر العلوم حضارةً وخُلُقا، لأنّ محورَها العدل، وروحها النّزاهة، وهدفها خدمة النّاس التي لا حكومة ولا دولة من دون صوتهم. واستلهامًا لإيماننا هذا، نرفع الصّوتَ تكرارًا، ما ينفعنا صولجان السلطة والقلق بات خبز المواطنين وماءَهم، حتى الهواء الذي يتنفسوه بات مشبعًا بروائح الصّراع والخلافات والصّفقات والنّزوع الكريه إلى مآرب ومآرب، وكلّ مأربٍ لا يسمو بالوطن إلى وحدته وازدهاره ورقيِّه هو مأربٌ فاجع. والفتنة لا سمح الله تجعل الأرض مخضّبة بدماء الابرياء ان على جميع المرجعيات الروحية والسياسية النظر الى ابنائهم من خلال الوطن وليس من خلال الجماعة. كيف لنا أن نصلَ ببلادنا إلى موقع المسرح الممزّق، في حين أنّ العدوَّ يعدّ العدّة ويتربّص بنا الشّرور قبل أن يتفرّج علينا خالي القلب والبال؟ نلوذُ في هذه المناسبة، وفي كلِّ آن، بالله سبحانه وتعالى وبرسوله صلّى الله عليه وسلّم وبكتابه ومعانيه اللطيفة من كلّ شرّ، ومن كلّ فتنة، ومن كلّ ظلم، سائلين لله تعالى أن يعصمَنا برحمته، ويُلهمنا إلى ما فيه خيرنا وخير النّاس، ويأخذ بقلوبنا إلى وحدة الحال التي بها تنهض الأمّة من كبوتها، وأوطاننا من المحن والصّعوبات. ونكرر المطالبة بان يعي الجميع خطورة التوتير الاعلامي والسياسي وضرورة تحصين السلم الاهلي والاستقرار ومعالجة المشاكل الداخلية بروح الانفتاح على امل ان تمضي الغمامة القائمة من فوق سوريا وان تعود الى امنها واستقرارها عبر الحلول السياسية. ان الله حليم كريم مجيب الدعاء، وكل عام وانتم بخير.