2010-05-16
"إن أعز نداءٍ إلى قلبي هو المحافظة على وحدة هذا الوطن وقوته وأن تعيشوا في ظلاله اخوة متلاقين متحابين في السراء والضراء، فالقيمة الحقيقة للمواطن هي بما يعطي وطنه من مواهب لا بما يحققه لنفسه من مكاسب". اما في الدور الإسلامي والوطني الذي قام به المفتي الشهيد، نستذكره داعيةً للوحدة الوطنية، ورائداً من رواد الوحدة الإسلامية، ونموذجاً للإنفتاح والحوار الإسلامي – المسيحي. لقد كان المفتي الشهيد رجلَ وحدة الموقف الوطني الّذي تمثَّل، ليس فقط في القِمم الروحية واللقاءات الدينية، ونستذكره هنا مع سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ محمد أبو شقرا، ومع سماحة الإمام المغيب الإمام موسى الصدر، وكذلك مع سماحة الإمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين، ولكن أيضاً في الدعوةِ إلى الحوار أساساً راسخاً للوحدة الوطنية ونبذ التقاتُل، وتجاوز التناقضات عبر الالتزام العقليّ بأصول الحوار الهادف إلى تحقيق المصلحة الوطنيَّة العليا. كان رجلَ الوحدة الاسلاميَّة المُباركة التي تتصدرها صورته يأم الصلاة عن روح الشهيد الشيخ حليم تقي الدين. كما جعل من دار الفتوى مركزاً للقاء اللبنانيين ومقراً لإطلاق الثوابت الإسلامية التي أسست لاتفاق الطائف. أما بالنسبة لفلسطين الجريحة، فكان صوته القائل: "لقد آنَ للضمير العالمي أن ينتقل من مرحلة التعاطف الوجداني مع قضيّة بيت المقدس، وقضيّة فلسطين، وقضيَّة الأراضي العربيَّة المحتلَّة (وهو تعاطف) فارغ من أية إيجابيَّة بنّاءة، إلى مرحلةِ الفِعل الإنسانيّ المُشترَك لاتخاذ إجراء واضح وفعّال من أجل نصرة الحقّ العربي والإسلامي في فلسطين." لقد كانَ صرخةً في وجه الظلم ندَّدت بالانحياز الغربي لقوّة غاصبة مفترية، وأسِفَت لتقاعس الأمم المتّحدة عن أداء دور حياديّ حازم، وهي صرخة لها قوّة حضور معاصِر لأصالتِها وصدقها في قول الحقّ. بالأمس كانت الذكرى الثانية والستين لنكبة فلسطين وغداً مناسبة إسقاط اتفاق الذل في السابع عشر من أيار. واليوم الجميع مدعوون للعمل على حث الذاكرة والاتعاظ من الماضي والمطلوب جهد كبير من المجتمع المدني ومن الدولة والمؤسسات والأحزاب والأفراد وذلك لبناء ذاكرة جماعية استغفارية للبنانيين قائمة على السلام والسماح والمصالحة والمحبة لأخذ العبر والتغيير لمستقبل منير، يُحصّن الأجيال بالمعرفة والعلم ويبعدهم عن الجهل والكره والظلم. إن لطائفة الموحدين الدروز مسيرةٌ مضرجةٌ بدماء الشهداء. نوجّه التحية إلى جميع شهداء الوطن والمقاومة والجيش، شهداء الوطن العربي وفلسطين. نُحيّ عائلة الشهيد الصغرى وعائلته الكبرى. يا أصحاب السماحة والغبطة، كنا وسنبقى معكم شركاء في دار الفتوى وفي المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى من اجل وحدة المسلمين ومع الصرح البطريركي لوحدة اللبنانيين في إزالة الحساسيات والنعرات التي تُفَرِّق، وتكريس المبادئ التي تُوحّد.