المجلس المذهبي | مجلة الضحي
الجمعة ١٩ نيسان ٢٠٢٤ - 10 شوال 1445
خطبة سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن بمناسـبة عيـد الفطـر المجيـد 2009

2009-10-12

لمناسبة عيد الفطر أمَ سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن، الصلاة صبيحة العيد في مقام الأمير عبدالله التنوخي في عبيه، بمشاركة جمع من الشخصيات والفاعليات الزمنية والروحية. بعد الصلاة، ألقى سماحة الشيخ خطبة العيد وجاء فيها: "الحمد لله سبحانه وتعالى الذي ألهم رسوله الامين صلى الله عليه وسلم سواء السبيل، فأوحي اليه بالآيات البينات الصادعة بالحقائق في الشهر المبارك الفضيل، ومن آياته (يا ايها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون). وقوله تعالى (فمن شهد منكم الشهر فليصمه). الصوم مجاهدة النفس وسعيها للخير والتهذيب لعلها تترسخ في التقوى او تعود اليه تائبة الى وجه الحق. لذلك نعت شهر رمضان في الحديث الشريف بانه "شهر عظيم ، وشهر مبارك، وبانه شهر الصبر والمواساة". فاذا انقضت أيامه فان واجب الطاعة ليس له انقضاء الى يوم الدين. والطاعة التي تعني الائتمار بالمعروف والانتهاء عن المنكر لها غاية جليلة، وقصد نبيل شريف، وهو نزوع النفس الى الخير والفضل والعفاف والاخلاق المحمودة والعقل المستنير لانه بهذه الصفات واشباهها يتحقق الانسان كائنا سويا لائقا بما أراده الله سبحانه وتعالى له ان يكون، اي "اشرف المخلوقات". ولزوم المرء نهج الطاعة هو الكدح الذي قال تعالى في شأنه الآية الكريمة: (يا ايها الانسان انك كادح الى ربك كدحا فملاقيه) والكدح هو السعي، فمن احب لقاء الله أحب الله لقاءه كما جاء في الحديث الشريف. وهذا الحب هو الذي يكشف لبصيرة الانسان ولعقله ولسريرته ما فيه الخير لروحه ولبيته ولامته لان اصلاح الذات بالحكمة والفضيلة هو اصلاح للامة، وثبات النفس على كلمة الحق هو ثبات للفرد وبالتالي للمجتمع على ما فيه خيره وسلاحه وظفره على عدوه". أضاف: "أيها الموحدون، ما العيد الا فرحة الانتصار بمعناه على ما يشغلنا من عرض الدينا وعلائقها. لذلك، علينا ان نتطلع ببصائرنا الى ما جناه قلبنا من طيب الثمار اي من المعاني السامية، والاعمال الخيرة الصالحة، والمبادرة الى الصدقات وافعال البر، اذاك ندرك معنى العيد، ويختلج في صدرنا فرح المشاركة بتحقيق غاياته (وان الله لا يضيع اجر المؤمنين)". وتابع: "ولا ينفك المؤمن السالك عن مشاعر المسؤولية في مجتمعه وامته، لذلك فاننا - معاذ الله - لم نسأم من ترداد الصوت بالدعوة الى استدراك أمر ادارة البلاد بالحكمة والروية وحسن النوايا واستعادة الثقة واستثمار الفرص المتاحة من اجل تشكيل حكومة الوحدة الوطنية التي تتغنى بشعارها كل القوى السياسية، داعين الى تحويل الشعار الى مبادرات طيبة ومثمرة، والى خطوات عملية تخرج مؤسسات الحكم من عنق زجاجة المصالح الجزئية الى رحاب المصلحة العليا. الحكم مسؤولية كبرى على عاتق كل مسؤول، مسؤولية امام الله لان من يتولى امر ادارة شؤون الناس مطالب بالعدل والاستقامة وحسن التدبير، ومسؤولية امام الناس لان السلطة في مواقع الدولة كلها مستمدة من اصوات اولئك الناس انفسهم، وثقتهم بهم، وتطلعاتهم الى الحرية والامن والعيش الكريم. ان التصرف بعيدا عن هذه المقومات الاساسية للعقد الاجتماعي الذي اتفق عليه اللبنانيون وتمثل في دستورهم واعرافهم وانظمتهم التي وضعوها لضبط ادارة الدولة، لهو تصرف مدان امام الله والضمير والامانة المتعلقة بمصائر الناس". أضاف: "ايها اللبنانيون، اننا نذكر بالمخاطر الكبرى التي تهدد استقرار لبنان، واولاها العدو الاسرائيلي وتهديداته العدوانية، واستعدادته لتنفيذها. هذا العدو المتربص الذي يعلم تمام العلم بان اي انصداع في الصف الداخلي يكون له بمثابة الهدية الكبرى، والثغرة العظمى لاستباحة لبنان. ونذكر بخطر الاستهتار والعبث بثوابت الصيغة اللبنانية، لان هذه الصيغة غير مرتبطة بنفوذ هذه الفئة او تلك، وانما هي ثمرة التفاهم والاحتكام الى العقل، التي أدت الى قيام لبنان، وانه بنبذها - لا سمح الله - نعود القهقرى، بل الى هاوية التنابذ والتنافر اللذين هما بدايات الفتنة. ونذكر بخطر الضيق الاقتصادي، وبالتالي البطالة والهجرة والفساد والغلاء وعدم انجاز الموازنة العامة لسنوات ( وهذا بعينه افدح الاخطاء) ناهيك بخطر المراوحة في اسر السلطة التنفيذية في دائرة خانقة من متاهات المطالب الضيقة والعراقيل التي لا يجد المواطن الطيب لها تفسيرا ولا مسوغات". وختم سماحة الشيخ: "بعد، فاننا بحمد الله وشكره، ندعو الى بذل الهمم، والاعتصام بحبل الله الوثيق، وتمتين القلوب بالايمان وبالثقة بالحق، ونسأله تعالى ان يمن علينا برضاه، وان يشد في عضد اخواننا المظلومين في فلسطين والعراق، وان يحبط ارادات المتربصين بامتنا وباهلينا شرا، وان تقدرنا على الصلاح وفعل الخيرات وبان يعيده علينا وعلى اخواننا وامتنا بالخير واليمن والبركات، انه سميع قدير مجيب الدعوات".