المجلس المذهبي | مجلة الضحي
الأربعاء ٢٤ نيسان ٢٠٢٤ - 15 شوال 1445
كلمة سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن بمناسبة الاحتفال المركزي لمدارس العرفان 14/8/2009

2009-08-14

اللهم لك الحمد استمداداً لعنايتك واستتماماً لهدايتك ونعمتك والصلاة والسلام على سيد المُرسلين وعلى آله وصحبه الكرام الطيبين قال تعالى: }وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ{ (صدق الله العظيم) منذ ما ينيف على خمسة وثلاثين عاما، وفي الحفل الافتتاحي لمدرسة العرفان، قال معلمٌ كبيرٌ كلمته ورؤيته ورسم الطريق بخطبته وأنار للمجتمع معالم "الإصلاح المنشود والنهضة المرجوّة" على حدّ تعبيره الحرفي. دعا إلى النهل من "الأصل الشريف والينبوع الأصيل"، وحدّد عبر رؤية شاملة للواقع وإشكالياته بعضَ الأمور التي يتوجّب إنجازها سعيًا للارتقاء بمجتمعنا إلى الأفضل والأرفع. دعا إلى توسيع رقعة المدارس القائمة على نهج نهضويّ ومعرفي، وإلى أهمية التثقيف الروحيّ من حيث هو استشعار لكُنه الحضارة الإنسانيّة. أيضًا دعا إلى تنشئة الجيل الجديد على المفاهيم التربويّة والأخلاقيّة الفاضلة، وإلى إقامة الندوات والمؤتمرات الفكريّة، وإلى جمع التاريخ الشفهي وتدوينه، وإلى دعم كلّ تلك الأمور وصولاً إلى حركةٍ رائدةٍ هادفةٍ إلى حث الهمم والإرادات، واستنهاض الفكر والعقول للمضيّ قدُمًا على طريق العقل الأرفع وما فيه صلاح الحال والنفوس. اليوم، وبعد مضيّ كلّ تلك السنين بإنجازاتها الحميدة ومآسيها الشاقة، أمام هذا التطوّر الذي حوّل مشروع المدرسة إلى مؤسّسة يوجبُ علينا الوفاءُ القول أنها كانت رائدةً في خدمة المجتمع، واستذكر ما قاله المرحوم الشهيدُ كمال بك جنبلاط منذ عقود، مؤكدًا على رؤيته الإصلاحيّة في هذا المجال، ومكرِّرًا العديد من الاقتراحات التي دعا إلى إنجازها، ولافتا إلى أنه يتوجّب علينا في الخدمة الاجتماعية والثقافية أن ننطلقَ قدُمًا لانجاز الكثير من تلك الأفكار النهضويّة الكبيرة. علينا استلهام العبرة والدروس من تراثنا المنير، واستشراف آفاق الغد المشرق من تجارب رجالاتنا الكبار والروّاد، فلا نركن إلى أهداف ضيّقة و رؤًى قاصرة. لقد تراكمت التحدّيات والصعوبات. كيف لنا أن نرسّخ الثقة بقيمنا وبتاريخنا المعروفي؟ كيف نحدد خطابنا النهضوي لسائر أبنائنا في بلاد الاغتراب؟ كيف لنا أن نستدركَ عقود الترنّح في مؤسّساتنا؟ وذلك عبر الاستفادة القصوى من فرصة بنائها المتمثلة بقيام المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز ولجانه برعايةٍ واعية ومدركة لكافة التحديات من الزعيم الوطني الكبير الأستاذ وليد بك جنبلاط؟ لقد بات لنا بفضل تلك الرعاية، بنية مؤسساتية للعمل الجماعي، اننا نحاول بعونه تعالى إزالة العثرات في مجابهة واجباتنا في كلّ المجالات. إن المجلس المذهبي في حالته الحاضرة ومستقبلاً يطلب همم الرجال الرجال كي يستقيم النهوض على أسس راسخة وقوية ومتينة تعيد لنا قوّة المركز الذي يمثله لبنان، بل هذه البقعة منه بالذات، لسائر المعروفيين، مقيمين ومغتريبن. نعم، إننا ندعو إلى توحيد الجهود، إلى جمع الشمل وإخلاص النوايا وتجريد القلوب وتحفيز العقول، وإلى رصّ الصفّ تحت قاعدة النهوض والعلم والقانون، وإنما الأممُ الأخلاق ما بقيت، والعزائمُ ما اتحدت، والإرادات ما اجتمعت، والأيادي ما تشابكت بحُسن القصد من أجل بناء المستقبل الأفضل لأبنائنا وأحفادنا. اليوم وفي الذكرى الثالثة للانتصار على العدو الإسرائيلي نستذكر الشهداء من المقاومة والجيش والشعب الذين جعلوا من هذا الانتصار حقيقة واقعة، نأمل أن تكون هذه الذكرى فرصة لحماية الوحدة الوطنية اللبنانية من كل المخاطر، وبالتالي الترفع عن التجاذبات العنيفة، وإتاحة المجال لتشكيل الحكومة الجديدة بأسرع وقت ممكن. أما بالنسبة إليك يا وليد بك فكثير من مواقفك السابقة كانت تشكل تساؤلاً بين الجمهور ويتبين فيما بعد انك على حق، وستبقى بعونه تعالى على حق، لأننا بُناة لبنان والمضحون في سبيله ويدنا ممدودة للتعاون مع الجميع ولم تكن الذاتية عندنا إلا من خلال الوطنية والسلام عليكم ورحمة المولى وبركاته. بتاريخ: 14/8/2009.