المجلس المذهبي | مجلة الضحي
الجمعة ٢٩ آذار ٢٠٢٤ - 19 رمضان 1445
كلمة سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك للعام 2008.

2008-09-02

     نحمده سبحانه وتعالى على نعمة الإنابة للحق، ونبتهل إليه بخالص الدعاء سبيلا إلى الطريق الصدق. ونسأله أن يلهمنا اتّباع الأمر والانتهاء عن النهي اقتباساً من نور دعوته، واستمداداً من حكم رسُله، إنه هو السميع العليم. ونصّلي ونسلم على أشرف العالمين وسيد المرسلين الرسول المصطفى والحبيب المجتبى.    أمـا بعـد،      أيّها الأخوة الموحّدون نقف على عتبة شهر مبارك أُنزلَ فيه الذِّكرُ رحمةً للعالمين، وانشقّت حجُبُ الغفلة بما أوتيَ الرسول المكرَّم من الوحي والآي المبين فعَلَت كلمةُ التوحيد حجّة وافيةً بفصل الخطاب ودعوةً كاملةً لمن تيقّظ لبارق الحق فنهض وأناب. ثبـّتها الباري تعالى بالذكر الحكيم، وجعلها ملاذًا يُهتدى به إلى صراطٍ مستقيم.    أبنائـي،      ان الواجب الديني يفرض علينا في رحاب هذا الشهر المبارك أن نستدركَ مسالكنا اليوميّة بالسعي الدائم إلى تحقيق الفضيلة، وذلك بالوقوف مع النفس أمام مرآة الحقيقة التي أنبأنا عنها أصفياءُ الله سبحانه وتعالى للسؤال عن أحوالها وسط عالم مضطرب أشدّ الاضطراب ومنغمس في الملذات. والصّوم الذي هو فريضةٌ إيمانيّة، جعلها الله سبحانه وتعالى دِعامةً راسخةً من دعائم الدِّين الحنيف، يحرِّرنا من علائق الجسد وأثقال شهواته إذا استقام المسلكُ على القيام به بقلبٍ سليم وعقلٍ راجح. لذلك جاء في الحديث الشريف عن رسول الله (ص) قال: "الصّومُ جُـنَّة" والجُنّة هي التُّرسُ يستُرُ حاملَهُ ويحميه من طعنات العدوّ، وكذلك صوم الجوارح عن المنكر هو صيانة للروح الشريفة من التلوّث بخبائث النوايا وظلمات الغفلة والخوض في بهارج الدنيا. ألم تقل ابنةُ الرسول (ص) سيِّدةُ نساء العالمين فاطمة (رَ). " ما يصنعُ الصائمُ إذا لم يصُن لسانَه وسمعَه وبصرَه وجوارحَه؟" وهذا الصوم بمعناه الشامل هو السبيلُ الواضح لتهذيب النفس، وإيقاظ الهمّة، واستجلاء البصائر، ما يمكِّنُ الموحِّد من الارتقاء بإنسانيّته إلى الدرجة المحمودة.      أوصيكم أبنائي بالتزام الأدب الرفيع في هذا الشهر الفضيل كما يُلزمُنا به الواجب، وكما أوصانا به سلفُنا الصالح ويوصينا به الشيوخُ الأفاضل. إنه دأبـُكُم في كلّ حال، وسعيُكُم في تحقيقه الذي هو أشرف المنال.      إنّه، باجتماع نوايانا على منهج الحق وقاعدته، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، نبتهلُ إلى الله العزيز الغفور أن يشدّ أزرنا ويثبِّت عزمنا ويسدِّد خطانا إلى ما يرضيه، آملين أن يكون شهرًا مباركًا على أمّتنا، وأيّامًا مثقلة بثمر الطاعة على كلّ المسلمين حيث قال سبحانه وتعالى: (ربَّنا لا تُزِغ قلوبَنا بعدَ إذ هدَيتَنا وهَبْ لنا من لَّدُنكَ رحمَةً إنّكَ أنتَ الوهّاب) صدق الله العظيم.