المجلس المذهبي | مجلة الضحي
الجمعة ٢٩ آذار ٢٠٢٤ - 19 رمضان 1445
كلمة بمناسبة الأول من محرم – رأس السنة الهجرية 2008.

2008-02-22

بمناسبة الأول من محرم – رأس السنة الهجرية وجّه سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن رسالة العيد وجاء فيها: بسـم الله الرحمن الرحيم      يس *والقرآنِ الحكيم* إنّكَ لمنَ المُرسَلين* على صراطٍ مستقيم* تنزيلَ العزيزِ الرَّحيم* لِـتُنذِرَ قومًا أُنذِرَ آباؤهُم فهُم غافلون* لقد حقّ القول على اكثرهم فهم لا يؤمنون* ان جعلنا في اعناقهم اغلالاً فهي الى الاذقان فهم مقمحون* وجعلنا من بين ايديهم سداً ومن خلفهم سداً* فأغشيناهم فهم لا يبصرون*      تلكَ آياتٌ تلاها رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم قبل الإذن بالهجرة بقليل، وكانوا يمكرون لقتله. وإنّها لَذِكرى مُشِعّةٌ في صفحات الزمان حينَ أذِنَ اللهُ سبحانه وتعالى لرسولِه بالخروج من دار المكرِ والشِّركِ إلى رُحابِ دار الإسلام. وغنّها لَعِظةُ التاريخِ أن يكونَ خُلصاءَهُ في تلك اللحظة المجيدة الحرجة عليٌّ وأبو بكر وآلُهُ. الأوّلُ افتداهُ بروحه حينَ تَسَجّى بِبُرْدِ رسول الله في فراشِه وقد همّوا بقتله، والثاني صاحبُه في الغار وكانا في طريقِهما إلى المدينة، بل إلى أوّل دولةٍ للإسلام.      وكيفَ ينفعُ الوقوفُ في الأوّل من محرّم، رأسِ السنةِ الهجريّة، دون استلهامِ فسحةِ الضوءِ هذه، وكانَ الإسلامُ واحدًا، ونفوسُ المسلمين مُفعَمَةً بخالصِ الذِّكرِ الحكيم. لم تَشُقّ صدورَهُم فتـنة، ولم تُصدِّع أفئدَتَهُم انقسامات. كانَ الرسولُ يلوذُ بصَحبه وكلُّهُم يلوذون بالله نُصرةً للحقّ ودحضاً للباطل. فتأسّستِ الدولةُ، وافتُتِحت الممالكُ، وتسهّلت فُجاجُ الأرض في المشارقِ والمغارب ]كذلكَ جعلناكُم أُمّةً وَسطًا لتكُونوا شُهداءَ علَى الناس[ (البقرة: 143)      كيفَ لنا أن نستحقَّ نعمةَ هذا الظَّفَر ما لم تجتمعْ كلمتُنا بالحقِّ الذي لا يُضيءُ في القلوب وفي الضمائر ما لم تكُن المودّةُ والرّحـمةُ والتعاضُدُ سبيلاً لنا إلى الآخرين؟ ألم تكُن المؤاخاةُ التي أمرَ بها رسولُ الله (ص) لَبِـنَةً أساسيّةً في صرح الدولة الأولى؟ ألم يقُل (ص) آنذاك: تآخَوا في الله أخَوَين أَخَوين، يقصُد بين أصحابِه من المُهاجرين والأنصار لشدِّ الأزرِ وجمع الشَّملِ ودَرْءِ الوَحشةِ وغرسِ الأُلفة بين المؤمنين؟ ]لقد كانَ لكُم في رسولِ الله أُسْوَةٌ حسنة[ فكيفَ يكونُ إحياءُ المناسبة ما لم نقتدِ بهذهِ الأُسْوَة فننصرفُ جـميعًا إلى بذل الجهدِ الفائق لننأى بالنّاسِ من مزالق الخطرِ الأكبر ومن اصحاب الفتنةُ المتربصين إلى بَرِّ الخَيرِ والمعروف. ان تُصبك حسنة تسؤهم* وان تُصبك مصيبة يقولوا قد اخذنا امرنا من قبل ويتولوا وهم فرحون[ إننا في هذا اليومِ الجليل بما يحملُ في ذكراهُ من معانٍ خالدة، نقفُ مستشعِرين المهابةَ والخشوعَ لله عزّ وجلّ، مُتفكِّرينَ في عِبرة التاريخ، مُتأمِّلينَ في حال الأمّة وما تداعى عليها من خُطُوب الزّمن، مُستحضِرين حكمةَ السلَف الصالح لإدراكِنا بأنّ ]اللهَ لا يُغيَِرُ ما بقَومٍ حتّى يُغيِّروا ما بأنفسِهم[ (الرعد:11). فإذا ما صحّتِ الدعوةُ إلى تدبيرِ الأمرِ بالعزمِ والمثابرةِ واستنهاضِ الإرادات، فإنّهُ أولى أن تصِحَّ أيضًا بالاقتداءِ بما يذخرُه الإسلامُ الحنيفُ من سمُوٍّ بالرّوح إلى مراقٍ عالية بالحِلمِ والإيثارِ وحُسنِ الخُلُق، وتصفيةِ النيَّةِ انصرافًا إلى العمَل لوحدة المُسلِمين، ووَأدِ التـنابُذ، وبذلِ الهِمّة لرفعِ شأن مجتمعاتنا، وتمتين أواصر التعاضدِ بين فئاته، ونبذِ التقاذُف بما من شأنه شحن النفوس بالعصبيّات، ووَغر الصدُور بالعَداوات، بل بالعودةِ الأصيلة إلى مفاهيم الأخلاق الحميدةِ والخِصال الخيِّرة والأداءِ الشريف.      إننا في هذه المناسبةِ العزيزة ندعو الجميعَ إلى استلهام القِيَم السامية التي جسّدها المجتمعُ الناشئ بعد الهجرة، وأرقاها ما يقرِّبُ إلى الله تعالى الذي خاطبَ الناسَ قاطبةً ]إنّا خلقناكُم من ذكَرٍ وأنثى وجعلناكُم شُعُوبًا وقبائلَ لِتَعارَفوا إنّ أكرمَكُم عندَ الله أتقاكُم إنّ اللهَ عليمٌ خبير[ (الحجرات: 13)      وإننا نتقدم من جميع اللبنانيين ولا سيما المسلمين منهم بأحر التهاني بهذه المناسبة سائلين العلي القدير ان يحسن احوال الأمة العربية والاسلامية، وان ينهي حال الانقسام في لبنان.ِ      من جهة ثانية ترأس شيخ العقل اجتماع مجلس ادارة المجلس المذهبي في دار الطائفة في بيروت والذي ناقش اموراً عدة واتخذ بشأنها القرارات المناسبة، كما توقف المجلس عند الحادث الاليم الذي تعرضت له الكتيبة الايرلندية العاملة ضمن قوات الطوارئ الدولية وشجب مثل هذه الاعمال التي لا يهدف سوى الى زعزعة الاستقرار الامني وسيادة الوطن.