المجلس المذهبي | مجلة الضحي
الجمعة ١٩ نيسان ٢٠٢٤ - 10 شوال 1445
كلمة الشيخ سامي أبي المنى ممثلاً سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن في مؤتمر النصرة للنبي الأمين ولشعب فلسطين بدعوة من ال

2008-03-23

مؤتمر النصرة للنبي الأمين ولشعب فلسطين بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ربِّ العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه الطاهرين الطيبين. نلتقي اليوم بدعوة كريمة من الجماعة الاسلامية في لبنان، مقدّرين لأمينها العام فضيلة الشيخ فيصل المولوي ولأركانها الكرام هذه المبادرة الرائدة لعقد مؤتمر فكري حضاري تحت عنوان "النصرة للنبي الأمين ولشعب فلسطين"، ناقلين إليكم جميعاً تحيات صاحب السماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن، ومؤكدين على أهمية التنادي والتشاور في قضيةٍ تمسُّنا جميعاً على اختلاف مذاهبنا والأديان، إذ في الوقوف معاً في مواجهة الاعتداء والافتراء والإساءة والإجرام، انتصارٌ لأنفسنا أوّلاً ولمجتمعاتنا وأوطاننا ولمقدّساتنا التي لا كرامةَ إلاّ باحترامها وتكريمها ولا حياةَ إلاّ بالمحبة والرحمة التي تتضمَّنُها وبالقيم الإنسانية والدينية التي تتكامل وتتناغم في روح هذه الحضارة الشرقية التي لنا شرفُ الإنتماءِ إليها مسلمين ومسيحيين على مرِّ العصور. إنَّ النبيّ(ص) يدعونا الى الرحمة، وهو نبيُّ الرحمة، ويأمرُنا بالمعروف وهو القدوةُ والمثال، ينتصرُ لنا وهو الشفيعُ عند ربِّ العالمين، فإن انتصرنا له فهو الواجبُ، لأننا في ذلك ننتصرُ للدين على الكفر وللخير في مواجهة الشرّ وللعدلِ في مقارعة الظلم، وللحقِّ في إخماد الباطل، ولعمري إنَّ الشرّ كامنٌ في هذا العالم موجودٌ منذ القِدم، وبقدر ما اغتنى التاريخ بالمصلحين والمُرسلين والأنبياء والصدّيقين، بقدر ما عاث الأشرارُ في الأرض فساداً، لكنّ الله منتصرٌ للخير في النهاية «..واللهُ يؤيدُ بنصره من يشاءُ إنّ في ذلك لَعِبرةً لأُولى الأبصر» آل عمران13. لقد تعرّض الأنبياء للقتل والسبّ والإخافة والإنزعاج، ولكنّ الرسالة السماوية لم تتوقف، أمَّا القَتَلة والمجرمون والمعتدون الكافرون فمصيرهم العذاب الأليم: «إن الذين يكفرون بأيت الله ويقتلون النبيّين بغير حقٍّ ويقتلون الذين يأمُرون بالقسط من الناس فبشّرهم بعذاب أليم» آل عمران21، إنّ الواجبَ الدينيَّ والإنسانيَّ يدعونا لسماعِ كلامه تعالى وللعودة الى أنفسنا وذواتنا لتحصينها بالخير وتنميتها بالعبادة والطاعات، ننتصرُ لإنسانيّتها وللحقيقة المستودعة في حناياها، فينتصرَ الله إذّاكَ لنا، «إن ينصركم الله فلا غالبَ لكم» آيةٌ تحمل الشرط وتشير الى الواجب، فلن ينتصرَ الله للكافرين أو للمقصّرين أو للمفرّطين أو للعابثين بأصول الدين، ولن تكون الغلبة لأولئك حتماً، إنّما الواجبُ يدعونا للإنتصار للإسلام الحقيقيّ وللخير وللقيم والمبادئ التي تُحيي الأرواحَ وتُنعشُ العقولَ فنضمن بذلك انتصارَ الله لنا، ونضمنَ الغلبة، وما وِقفتُنا اليوم دفاعاً عن المقدّسات وذوداً عن المقامات إلاّ واجباً نؤديه على طريق انتصارِنا للحقيقة، تلك الحقيقة التي يحاول المُفسدون العابثون في الغرب كما في الشرق التطاولَ عليها والإساءة الى أهلها في نشر رسومٍ وكتاباتٍ مسيئة تحت ذريعةِ حرية التعبير، وكأن الحرية تعني تجاهلَ حقوق الإنسان، لكنهم بعملهم هذا وباستهتارهم يتناسَون ما تفرضه مبادئُ الأمم والانسانية بتحريم التعرّض للآخرين، فكيف اذا كان هؤلاءِ الأخرون هم الأنبياءُ والأولياء وصفوة البشرية، فالعالم كلّه مسؤول والأمم المتحدة مسؤولة بالدرجة الأولى، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالأديان والمقدسات وعندما يتطورُ الاعتداءُ ليصبح اجراما، كذلك الذي ترتكبُه إسرائيلُ بحق شعبِ فلسطينَ المحتلةِ دماراً وقتلاً وتهجيراً، فكلُّ هذا وكلُّ ذاكَ دليلٌ على غياب العالم الحر كما هو دليل على سطوةِ الشرِّ وضُعفِ المواجهةِ وتفكُّكِ الأمّةِ التي لم يعد يُرهَبُ جانبهُا، وعلى الابتعادِ عن القيم والفضائل: «ظهرَ الفسادُ في البَرِّ والبحر بما كَسَبَتْ أيدي النّاسِ ليُذيقَهُم بعض الذي عملوا لعلَّهم يرجِعون» الروم41. إزاء ذلك فالواجب يدعونا الى: أوّلاً: وِقفةٍ مع الذاتِ في مواجهةِ الكفر والإلحاد، بالتربية الصحيحة وبالكلمة الطيّبة وبالإلتزام وتقديم المثال لأبناء مجتمعنا وبحثّ المسؤولين في وطننا وفي أمتنا الاسلامية وفي العالم على سلوك سبيل الخير والسلام والمحبة والرحمة، وتلك هي بدايةُ الطريق. وثانياً: علينا تحصين البيتِ الاسلامي الجامع، بالتقارب والتلاقي ومنع التكفير وتحويل الاختلاف والاجتهاد الى خلاف وعدائية. وثالثاً: إلى العمل الجادّ الدؤوب مسلمين ومسيحيين لتحصين وحدتنا الوطنية في أوطاننا، بالحوار وبالتواصل وبمساندة مؤسساتنا الدستورية وعدم السماح بتفريغها من مضمونها وعدم العبث بصيغتنا اللبنانية القائمة على احترام التنوع وعلى الديمقراطية والتزام القواعد الحقوقية. ورابعاً: إلى التحرُّك النخبوي، فكرياً وإعلامياً وثقافياً وقانونياً لمواجهة العدوان ومواجهة الإساءة الى المقدّسات، مواجهة حضارية من خلال مشروع متكامل وبرنامج عمل ومتابعة مدروسة. والى ذلك لا بدّ من توجيه كلمة الى اخواننا في غزّة وفي كلّ فلسطين للتوحُّد والتضامن في خضمّ مأساتهم المتكررة منذ عقود والتي لا يمكن التصدّي لها إلاّ بالوعي والإلتفاف حول مشروع وطنيٍّ موحّد، طلباً للتسوية العادلة المشرّفة، وإذا اقتضى الأمرُ للمواجهة بالقوّة، وتلك هي مسؤولية الشعب الفلسطيني أولاً والأمة العربية كما العالم، إذ لا يجوزُ الصمتُ والتغاضي عن جرائم إسرائيل العدوَّة، تلك كانت رسالةُ كمال جنبلاط ورسالة الجبل دائماً في مساندة الشعب الفلسطيني وقضيته المحقّة، وتلك هي مواقفُنا اليومَ، ونحن نستلهم من ذكرى مولد النبي الأكرم ومن ذكرى القيامة المسيحية معاني الوحدةِ الجامعة لنردد معاً:         الدينُ يجمعُنا، التوحيـدُ مرجَعُنـا         والحقُّ منبعُنـا، تحيا بـــه الدَّارُ         فللشهـادةِ وعدٌ في سـرائرِنـــا            وللسلامِ لنا عهدٌ وإيثــارُ وللرسولِ         انتصـــارٌ دونَـــه دمُنـــا                 وللعـروبـةِ منَّـا النـورُ والنــار         لِنُصرةِ الدين والأوطانِ صرختُنـا      فإنْ أردنـا أرادَ الخـالقُ البـــارُُ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.